بعد غياب دام اكثر من ثمانين يوما عاد الرئيس المريض جلال طالباني الى مدينة السليمانية من المانيا، وفي ظل عودة ثقيلة ينتظره الكثير من اللقاءات والحوارات بين الاطراف والكتل البرلمانية العراقية والكردستانية للوصول الى حل يرضي الجميع للخروج من ازمة العملية السياسية التي يمر بها العراق.
وفي ظل فرحة اعضاء وانصار الاتحاد الوطني بعودة الرئيس، غادر رئيس اقليم كردستان مسعود البرزاني اربيل متوجها الى اوربا، وكأنه اراد ان يوصل رسالة عتاب الى طالباني بسبب موقفه المحايد في الأزمة السياسية والشخصية التي اشتعلت قبل شهور بين البرزاني والمالكي رئيس الحكومة الاتحادية.
وبعد ارساء أركان السيادة العراقية بفضل الاتفاقية الامنية الاستراتيجية التي وقعت بين بغداد وواشنطن وبفضل توحيد مواقف الاطراف السياسية تجاه مسألة الانسحاب، وسيطرة المالكي على مقاليد امور الحكم والسلطة والامن والجيش في بغداد، حصلت احداث وازمات عديدة في مرحلة ما بعد الانسحاب مع خلافات سياسية خلقت حالة من التوتر والتأزم الشديد بين الكتل البرلمانية وخاصة بين القائمة العراقية وتحالف دولة القانون، وهذا ما جعل البلاد ان يدخل في ازمة مستمرة وحالة من عدم الاستقرار السياسي مما نتج عنها توتر العلاقة بين اغلب الاطراف، وفي وقت ظل العراقييون على حالهم في بؤس شديد وفي ظل حياة غائبة عنها الكهرباء والخدمات الاساسية والحاجات الرئيسية للانسان.
وبوجود خلافات عميقة بين الاطراف والكتل البرلمانية دحل الرئيس طالباني على مسار التوتر الحاصل بين القيادات للحيلولة دون حصول انهيار تام للعملية السياسية في العراق، وبدأ يعد العدة لعقد مؤتمر وطني في بغداد يجمع بين جميع الاطراف والكتل والتيارات والشخصيات السياسية، وهو بهذا يسعى لعقد مؤتمر بنجاح مضمون لمعالجة الازمة وحل الخلافات خاصة القائمة بين العراقية ودولة القانون وبين المالكي وعلاوي، والخلافات العالقة والقائمة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الاقليم، وبين المالكي والبرزاني، لاخراج البلاد من الازمة السياسية التي يعيشها ويعاني منها كل الاطراف وعموم الشعب العراقي.
وفي ظل تعهد الجميع على ضرورة عقد المؤتمر والمشاركة فيه وبرعاية الرئيس طالباني، فان السفر المفاجيء للرئيس البرزاني وغياب حضوره في اللقاء المشترك المفترض عقده بين كل الاطراف يضعان علامة استفهام كبرى على مسار الاحداث السياسية الجارية في البلاد، ويطرح سؤالا كبيرا، وهو لماذا هذه الزيارة السريعة للبرزاني ولماذا هذا الغياب المتقصد في استقبال طالباني العائد من معالجة ونقاهة صحية اخذت اكثر من شهرين؟.
وهنا لابد من التأكيد أن الحالة السياسية الجارية تتطلب فعلا مهاما عاجلة لبحث الخلافات والشقاقات والمسائل المعلقة بين الاطراف لاخراج البلاد من ازمته المستفحلة، والعودة الثقيلة للرئيس بالرغم من ثقل مهامه في ظل الظروف الراهنة نأمل منه ان يزرع الامل المرتجى في النفوس للانفراج عن الأزمة، ولغرض تسليط الضوء على اركان المساعدة والضامنة لحل الازمة والخروج منها نورد من جديد الاختيارات السياسية المفتوحة للمهام العاجلة للرئيس لضمان أسباب نجاح اللقاء الوطني لحل الأزمة، والمهمات العاجلة يمكن حصرها بما يلي:
1.ضرورة التزام واتفاق جميع الاطراف بعدم تحويل الخلافات الى أزمة سياسية يعاني منها البلاد لان المتضرر الوحيد منها هو المواطن.
2.تركيز مهام الدولة لمعالجة الملف الامني والاقتصادي والتجاري مع تركيز العمل على بغداد والمحافظات.
3.الزام الحكومة ورئيسها المالكي بمعالجة سريعة للأزمات الخانقة الشديدة التي يعيشها العراق والتي أدت الى فرض اعباء كبيرة على المواطنين في حياته.
4.وضع رؤية عملية باتفاق اغلب الكتل لتنفيذ المادة 140 من الدستور لترسيخ الحالة القانونية لتطبيع الاوضاع وحل القضايا المعلقة في كركوك والمناطق المتنازع عليها.
5.ضمان المشاركة السياسية للشعب الكردي في الحكومة والبرلمان على اساس الشراكة الحقيقية.
لا شك بارساء هذه القواعد الاساسية في الجمع بين الاطراف والالتزام بها من قبل المشاركين في اللقاء الوطني برعاية الرئيس طالباني، ومع توفر نية جدية للوصول الى اتفاق حتمي، فان الطريق سيكون مفروشا بالورود لازالة الخلافات وحل المشاكل التي يعاني منها العراقييون، ولا شك أن عودة الرئيس طالباني تشكل خطوة اولية اساسية للبدء باعمال اللقاء الوطني وتحت ظل خيمة تجمع بين جميع الشخصيات العراقية والكردية لنثر الامل المنشود للخروج بحل جذري وضروري وعملي لمعالجة الازمات الخانقة التي يعاني منها العراقييون.
وهنا لابد من القول إن ضمان النية الجدية لحل الازمات والمشاكل وإجراء الإصلاحات الضرورية تشكل الركن الاساسي لارساء منهاج عمل لجميع الاطراف، وهذا سيشكل عاملا حاسما لإحداث فرج سياسي كبير بالقول والفعل، وبالتالي احداث نقلة نوعية في حياة المواطنين للقضاء على مشاكلهم وازماتهم الخدمية، والعراقييون أهل لحياة حرة فيها الكرامة والانسانية والعدالة بعيدا عن الازمات والخلافات السياسية والمشاكل الانسانية.
كاتب صحفي ndash; كردستان العراق
[email protected]
التعليقات