علي موقع quot; جلوبال فايرباور quot; للتصنيف الأمريكي لعام 2013، احتل الجيش المصري المرتبة الأولي quot; عربيا quot;من حيث القوة، والمرتبة الرابعة عشرة quot; عالميا quot; بينما احتلت إيران المرتبة السادسة عشرة. في حين جاءت الولايات المتحدة في المرتبة الأولي quot; عالميا quot; تليها روسيا والصين والهند وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وكوريا الجنوبية وإيطاليا والبرازيل، وجاءت تركيا في المرتبة الحادية عشرة وإسرائيل في المرتبة الثالثة عشرة.
تزامن الإعلان عن هذا التصنيف (بالصدفة) مع قرار الولايات المتحدة تجميد جزء من مساعداتها العسكرية لمصر، وهو ما اعتبره المتحدث بإسم الخارجية المصرية quot; بدر عبدالعاطي quot; : أنه قرار خاطئ سواء من حيث المضمون أو من حيث التوقيت. بينما أراه (فرصة) غير مسبوقة للتحرر واستقلال الإرادة الوطنية بل وأحد أهم مكتسبات الثورة (خارجيا) ndash; حتي الآن - بعد عزل مبارك وخلع مرسي، إذا تم (توظيفه) علي النحو الأمثل بعيدا عن (عنتريات المراهقة السياسية) ومزايدات quot; الإسلاميين quot; المتربصين بالجيش المصري.
مصر الجديدة بحاجة إلي تنويع (وتحويل) مصادر الحصول علي الأسلحة من روسيا والصين، وإن شئت الدقة فإن مصر بحاجة إلي أن تتبع (مصالحها) أولا في عالم يموج بالتحولات الكبري و(المصالح المتجددة) إقليميا ودوليا، خصوصا في التعامل مع إدارة أمريكية quot; مرتبكة quot; وquot; مترددة quot; وquot; متناقضة quot; لا علاقة لها (بالمبادئ) التي تزعم الدفاع عنها، حتي ولو كانت quot; الديمقراطية وحقوق الإنسان quot; ndash; الحجة التي جمدت بسببها الجزء الأكبر من مساعداتها!.
الولايات المتحدة (لم ولن) تجرؤ علي وصف ما حدث في يوليو 2013 (بالانقلاب)، وهو ما يشير إلي أنها تواجه مأزقا كبيرا في التعامل مع ما حدث في مصر (حليفها القوي) في الشرق الأوسط، الذي يملك السيطرة علي قناة السويس وتربطه أول (وأشمل) معاهدة سلام مع اسرائيل منذ العام 1979.
معظم قادة الجيش فقدوا ثقتهم في الولايات المتحدة (منذ فترة)، ولم يزعجهم علي الاطلاق تجميد المساعدات العسكرية، بل أقول إن السعودية والامارات والكويت والبحرين كانوا سباقين إلي إدراك ذلك ومن ثم سارعوا (مبكرا) بالإعلان عن تعويض مصر ماديا (وعسكريا)، لأن الجميع في الشرق الأوسط باستثناء quot; قطرة quot; أصيبوا بخيبات الأمل المتلاحقة ndash; بما في ذلك إسرائيل - من جراء سياسات واشنطن التي لم تستطع (حسم) خياراتها كقوة عظمي في معظم ملفات المنطقة.
الموقف الأمريكي الأخير من مصر بعث برسائل خاطئة للحلفاء الكبار في الشرق الأوسط والأقصي أيضا، الذين يتوقعون عادة قيادة قوية في المنعطفات التاريخية، فقدعزز هذا الموقف من الاعتقاد العالمي بإن السياسة الخارجية في عهد أوباما إما سياسة (بدون هدف) أو انها سياسة تتجه (للانعزالية) حسب تعبير quot; يوريكو كويكي quot; وزيرة الدفاع ومستشارة الأمن القومي سابقا وزعيمة المعارضة في البرلمان الياباني، في مقالها المعنون (أمريكا بلا هدف) : quot; هناك مخاوف متزايدة أن تتبنى الولايات المتحدة خيار quot;الدولتين العظيمتين quot; أي صفقة ضخمة مع (الصين) من أجل أن تقوم الدولتان بتحديد مصير آسيا من فوق رؤوسناquot;!
الصراع الدائر في بر مصر ليس صراعا علي السلطة أو الشرعية ndash; كما يصوره البعض ndash; بين أهل وعشيرة رئيس إخواني (معزول) شعبيا وبين الجيش المصري .. كما أن ثورة 30 يونيو 2013 ليست quot; ثورة مضادة quot; في مواجهةquot; ثورة quot; يناير عام 2011، وإنما هي (نفس الثورة) التي تصحح مسارها واتجاهاتها من أجل تحقيق أهدافها وغايتها، ف(الشعب المصري) الذي ثار ضد مبارك ونظامه الفاسد عام 2011 استكمل ثورته في 2013 حين (خلع) أسوأ رؤساء مصر علي الاطلاق، بل إن الزعم بإن quot; مرسي quot; كان رئيسا مصريا منتخبا (فيه الكثير من المغالطات) فهو لم يكن رئيسا (لكل المصريين)، كما أن الشكوك التي تحيط بنجاحه أساسا عبر صناديق الانتخابات أكبر من أن تحصي.
في عام 1954 كان الجيش المصري ndash; مثل الشعب - منقسما بين ضباط يريدون نظاما ديمقراطيا وآخرين يريدون نظاما سلطويا بقيادة عسكرية، بينما في عام 2013 الجيش (علي قلب رجل واحد) ndash; في مواجهة الإرهاب الأسود وعنف الإسلاميين بمختلف تنظيماتهم - مدعوما من الشعب وكل مؤسسات الدولة : من quot; القضاء quot; إلي quot; الإعلام quot; مرورا بالشرطة، فضلا عن معظم الدول العربية والإقليمية والقوي المحترمة في العالم، كما أن قادته وفي مقدمتهم الفريق أول quot; عبد الفتاح السيسي quot; علي وعي كبير بأن المتغيرات الدولية والضرورات العصرية لن تقبل إلا بالحريات الأساسية والتعددية السياسية.