العملية الإرهابية البشعة التي نفذتها حركة quot; الشباب quot; الصومالية التابعة لتنظيم القاعدة، في نيروبي (21 سبتمبر الماضي) لها دلالة (أبعد) من مطالب الإرهابيين : سحب كينيا لقواتها العسكرية من الصومال والمشاركة في (قوات السلام) الدولية، كما أن لهذه الجريمة النكراء أسباب (أعمق) وأخطر من مجرد إغلاق ميناء quot; كيسمايو quot; الاستراتيجي لشحن الفحم أحد أهم معاقل هذه الحركة و(مجال سطو) القراصنة الصوماليين الذين يتقاسمون الأرباح (والغنائم) معا!
بدأت حركة (الشباب) كمجموعة من المرتزقة ينقصها المال والسلاح والإيديولوجية الواضحة، يتشاجر زعماؤها فيما بينهم بإستمرار ولأتفه الأسباب، لكن (فجأة) وعقب سقوط القذافي ونظامه عام 2012 - بتخطيط من الولايات المتحدة وتنفيذ قوات quot; الناتو quot; والميليشيات المسلحة التابعة لتنظيم القاعدة - هربت كميات هائلة من مختلف أنواع الأسلحة إلي هذه العصابة، فضلا عن دول الجوار في (قارتي) آسيا وإفريقيا : تشاد ومالي وشبه جزيرة سيناء وغزة ولبنان وسوريا.
quot;ليبياquot; تعوم علي رمال متحركة وهي مقسمة بالفعل بين زعماء الحرب المتنافسين، ولن تبقي علي الخارطة السياسية كدولة موحدة في غضون سنوات قلائل، بل الأرجح أن تقسم إلي ثلاثة أقاليم منعزلة: فزان وبرقة وطرابلس، وفي سبيل تنفيذ هذا المخطط الذي يقوده (شبه نظام) يتساهل مع الجماعات المسلحة التي تدعمه وتحميه، علينا أن نتوقع (تكرار) مأساة نيروبي في أكثر من مكان وعلي أكثر من صعيد، ومن المتوقع أن يمتد قوس الإرهاب بقيادة (حركة الشباب) والقراصنة وأمراء الحرب وبارونات المخدرات، من الصومال على المحيط الهندي عبر الساحل الأفريقي إلى غينيا علي ساحل المحيط الأطلنطي، مرورا بالسنغال ومالي والنيجر وغيرها.
وهكذا يتضح أن (الرابح الوحيد) مما سمي خطأ بثورات الربيع العربي، ليس هو quot;شعوب المنطقةquot; المتعطشة للحرية والديمقراطية والتي أصبحت أحوالها بائسة بعد أكثر من عامين، وليس (الغرب) أو أمريكا بالقطع التي (لن تتمكن في ظل هذه الفوضي غير الخلاقة من السيطرة علي النفط أو الغاز) في إفريقيا أو حوض المتوسط، وإنما المستفيد الوحيد هو quot;تنظيم القاعدةquot; والجماعات الإرهابية والحركات الانفصالية والقراصنة وعصابات المرتزقة والمخدرات!..
أهم ما كشفت عنه مأساة quot; كينياquot; ndash; حتي الآن:
تطوير الإرهاب (المعولم) من آلياته و(تحالفاته) تماما مثل الشركات المتعددة الجنسيات والعابرة للقوميات، ولم تعد هناك مشكلة في (حرية) انتقال الإرهاب (سواء بالفكر أو بالفعل أو الأدوات) من دولة إلى أخرى بل أصبحت مسألة طبيعية ومتوقعة دائمة. فقد تم (تجنيد) شباب المقاتلين في داخل أمريكا وكندا وأوروبا وبعض البلاد العربية، عبر (شبكة الانترنت) ومواقع التواصل الاجتماعي وبإستخدام شفرات موسيقي quot;الرابquot;، بنفس (سهولة) عبور حركة الشباب من الصومال لترتكب جريمتها البشعة في مركز quot;ويست غيتquot; التجاري بنيروبي، حيث وجد: quot; أن 6 من أصل 16 مقاتلا كانوا يحملون جنسية الولايات المتحدة (ومن ولايات أمريكية مختلفة) مما يدل على انتشار نشاط هذه الحركة علي نطاق واسع داخل الولايات المتحدة quot; .. حسب صحيفة quot;روسيسكايا غازيتاquot; الروسية!
موقف الإعلام الأمريكي من العملية الإرهابية (وتوابعها) في نيروبي، والتي راح ضحيتها أكثر من (273) ما بين قتيل وجريح، فإن أقل ما يوصف به (تأدبا) هو quot;التكتم المخزيquot; لأنه (لاذ بالصمت) عما أفصح عنه الإعلام الروسي: حيث يقيم في أمريكا (150 ألف شخص) من أصل صومالي ويحولون لذويهم في الصومال (215 مليون دولار سنويا)، ومن المحتمل أن يكون جزء من هذه التحويلات يذهب - بطريق مباشر أو غير مباشر ndash; إلى حركة quot;الشبابquot; الصومالية الإرهابية.
والسؤال المطروح (في العمق): هل ستخضع الجالية الإسلامية في مقبل الأيام - وبصرف النظر عن أصولها أو جنسياتها المتعددة - للرقابة داخل الولايات المتحدة، أم سيقتصر الأمر علي الجالية الصومالية فقط؟!