للأنظمة الشمولية البعثية باع طويل بفن صناعة الموت وأن طغاة العصر في الشرق الأوسط مارسوا ابشع الجرائم وأخطرها ولم يكن صدام حسين (1937-2006) آخر من أعطى إيعاز إلى رفيقه علي كيماوي (1941-2010) للشروع بجرائم ذات بصمات دكتاتورية كــ quot;عمليات الأنفال سيئة الصيت تجاه الأبرياء في اقليم كردستان العراقquot;.

وللتحري عن صحة الأنباء الواردة باستخدام الأسلحة المحرمة دولياً وصلت بعثة أممية الاثنين quot;19 آب\ اغسطسquot; بقيادة العالم السويدي اوكه سيلستروم مع فريق ضم 20 عالماً في هذا المجال, ومع ان البعثة الدولية حجمت مهمتها بالتحقق من استخدام الأسلحة وليس تحديد الجهة التي تقف وراءها الا أن عيون المجتمع الدولي متجهة نحوها كما لو انها المنقذ الذي سيُدلي بالحقائق القائدة الى مسك طرف الخيط.

من جهة أخرى هناك انباء مسربة سراً تناقلتها محطات أعلامية تؤكد بأن كتائب مسلحة تعمل لصالح الإستخبارات الأمريكية والأسرائيلية تقاتل جنب المعارضة السورية ما دفع النظام السوري الى لملمة قواه وسط كسب الود الشعبي خصوصاً وأن قادة المعارضة الروحانيين وفي مقدمتهم الداعية يوسف القرضاوي (1926) قالوها صراحة في ان أسرائيل افضل ممن يحكموا بلداننا في اشارة الى الجنرال السيسي, ما يضيف توكيداً إلى صحة الأنباء المسربة مغزاه ان المجاميع الإسلامية التي تختلف طائفياً مع بشار الأسد تتحالف مع اسرائيل والويلايات المتحدة الامريكية من أجل الظفر بالنصر وإزاحة الرئيس عن عرينه في دمشق رغبة بتسويق الإسلام السلفي. فالقرضاوي في سلوكه صديق حميم لاسرائيل وأن لم يقصد!

لكن المسألة لا تبدو بهذه السهولة خصوصاً بعد وصول إمدادات عسكرية قادمة من إيران وصفها وزير الخارجية العراقي السيد هوشيار زيباري بالضخمة لدرجة أن بلاده لا تستطيع ايقافها البتة, اضافة الى الدعم العسكري الروسي للسلطة في سوريا بجانب انضمام الاف المقاتلين من انصار حزب الله اللبناني المرصود ضمن لائحة الإرهاب الدولي.

ومع فقدان المعارضة المسلحة السورية لمصداقيتها امام انظام العالم ,خصوصاً بعد مقطع مصور بثه موقع يوتيوب عن آكل الاكباد, الأمر الذي جعل مؤيدو النظام وحلفاءه يشمتون بالغرب حول ما قالوا عنه إزداوجية السياسة الغريبة الداعمة للإرهاب سراً والمحاربة له علناً, وهو موقف أشل التحالف العسكري الغربي الذي حاول اكثر من مرة كسب ود المجتمع الدولي لتوجيه ضربة عسكرية قاتلة للنظام السوري وهو ما حذرت منه إيران صاحبة الطاقة النووية التي يشك في نواياها السليمة.

تبقى قضية استخدام الأسلحة الكيماوية قضية جنائية قيد التحقيق حتى نهاية عمل البعثة الدولية التي تواجه صعوبة في الوصول إلى عدة امكنة قيل انها تعرضت للقضف الكيماوي, فمن جانب فان بشار الأسد له مسلسل طويل من الإتهامات بتورطه في قتل مدنيين اثناء فترة حكمه المستقر ومابعدها, آخرها كانت من عدو الامس وصديق اليوم السيد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي اتهم دمشق علناً بسماحها للإرهابيين بالتسلل إلى العراق والمشاركة في قتل الابرياء ضمن مسلسل الإرهاب اليومي الذي يعصف بالمدنيين العراقيين.

من جانب ثان فنحن لا ننزه المعارضة السورية quot;المدعومة مالاً وسلاحاً من قبل دول عديدةquot; بشأن ضلوعها بإستخدام أسلحة فتاكة ضد العزل. فقضية انهاء حكم بشار الاسد يتطلب جذب انظار العالم وربما كانت الضربة الكيماوية احد الحلول الفعلية للتحرك العسكري تجاه دمشق للإطاحة بنظامها القائم, فلا يستبعد ممن يأكل الاكباد ان ينفذ جريمة بهذه الوحشية.
لكن المتهمين بريئان حتى يُدان احدهما!