لايدع المالكي رئيس وزراء المنطقة الخضراء العراقية لنا مناسبة الا وذكرنا فيها انه رجل ايران في المنطقة وجزءا من مشروعها الطائفي لبسط نفوذها على الدول العربية وتحقيق زعامتها الاسلامية خدمة لمشروعها القومي. ففي غمرة النقاشات الحادة التي تشهدها واشنطن وغيرها من عواصم الدول الغربية حول اخلاقيات ومبررات وقانونية الضربة العسكرية الامريكية لنظام بشار المجرم كعقاب على الجرائم التي ارتكبها نظامه بحق الشعب السوري، خرج علينا المالكي بمقترحات ثمانية لحل الازمة السورية!!!!!

ان التمعن بقراءة المقترحات المالكية يقودنا الى الاسنتاجات الاتية:
اولا: الفقرات مصاغة باسلوب احترافي قائم على خبرة في ادارة الازمات والتفاوض وخلط وتمييع الحقائق وهو مستوى يفتقر له رئيس وزراء المنطقة الخضراء وفريقه الاستشاري!!! وازمات العراق السياسية والامنية والخدمية والاجتماعية لخير شاهد على القدرات الخارقة للطبيعة التي يتميز بها اصحاب القرار في المنطقة الخضراء!

ثانيا: تضمنت المبادرة دعوة للحوار والتفاوض والانتقال السلمي للسلطة، وهذه قضايا تتقاطع مع شخصية وميول المالكي وحرصه على الاحتفاظ بالسلطة وعدم التخلي عنها تحت اي ظرف كان وابعاد خصومه السياسيين بشتى الطرق القانونية وغير القانوينة، وفاقد الشيء لايعطيه؟

ثالثا: المبادرة ماهي الا نسخة معدلة لمبادرة ايرانية اطلقها وزير خارجيتها علي اكبر صالحي في شهر ديسمبر من السنة الماضية، مع اضافة فقرتين جديدتين بشأن استمرار الدعم للجهود الدولية للتحقيق في استخدام السلاح الكيمياوي والتزام الدول العربية بعدم السماح باستخدام اراضيها لضرب النظام السوري وكلا الفقرتين تدعمان جهود طهران للابقاء على نظام الاسد، ناهيك عن الفقرات الاخرى التي لا تفرض اي التزامات على نظام دمشق.

يتضح من ذلك ان المبادرة التي تحدث عنها المالكي وبالغت وسائل الاعلام العراقية التابعة لابنه احمد بالترويج لها، ما هي الا مبادرة ايرانية جرت صياغتها في مكاتب قيادات الحرس الثوري وفيلق القدس الايراني وتم تمريرها للمالكي كي يمررها بدوره للجانب الامريكي وللرأي العام العالمي بهدف التأثير والتشويش على النقاشات الجارية حاليا حول ضرورة تأديب الاسد، مستغلة علاقته المتميزة بواشنطن.

وليس غريبا ان تحرص الولايات المتحدة الامريكية على الاستماع لوجهات نظر رئيس وزراء المنطقة الخضراء حول تطورات القضية السورية والاوضاع في المنطقة بعامة، على الرغم من ان المالكي ليس رجلا ليبراليا وليس له التزام واضح بترسيخ المشروع الامريكي في العراق القائم على نشر الديمقراطية واحترام الحريات وحقوق الانسان، لان المالكي يمثل خيارا ستراتيجيا غير معلن جرى التوافق عليه بين كل من الولايات المتحدة الامريكية وايران، يتبادلان من خلاله الرسائل ووجهات النظر حول القضايا العالقة بينهما !!!

لذا اصبح من المألوف مسارعة المالكي للاتصال بنائب الرئيس الامريكي جو بايدن او بسفير امريكا لدى العراق كلما تعرض نظام بشار للخطر او استجد طارئ في الملف النووي الايراني لعرض وجهة نظر العراق (كما يروج له الاعلام الحكومي التابع للمالكي) بخصوص تطورات تلك القضايا، في حين انه لايحرك ببنت شفة ازاء الازمات اليومية التي يتعرض لها العراق والقتل اليومي الذي يحصد المئات من العراقيين الابرياء!!!

ان انشغال المالكي في خدمة المشروع الايراني يؤجل احلام وتمنيات العراقيين باستقرار اوضاع بلدهم وعيشهم بسلام والاستمتاع بخيرات بلدهم الى اجل غير معلوم طالما ان حقائب ساعي البريد والوسيط الدولي لا تحوي افكارا او مقترحات تخص العراق!!!!!!