عندما انظر الى ما تفعله التنظيمات الإسلامية، وتحديدا في سوريا والعراق، أظن لوهلة أني اشاهد فيلما سينمائيا تاريخيا.
داعش والنصرة.. كلا منهما يحمل أعلاما عليها عبارات التوحيد والشهادة والله ومحمد. يرفعون كلاشينكوفات يلوحون بها وكأنها سيوف. لم تبق سوى بعض الأحصنة ليكتمل المشهد!
ثم يعلو الصراخ، الله أكبر، الله اكبر، الله أكبر، ولا تعرف على ماذا يكبرون، سوى انهم رأوا ذلك في فيلم ديني. ولا تعرف ضد من يكبروا، وكأنهم يقاتلون ابا لهب خارجا من قبره.
ثم تتعمق أكثر فاكثر في خيالات الماضي وأنت تقرأ الرسائل التي يكتبها زعيم هذا الفريق او ذاك. أولا، يصف نفسه بأمير المؤمنين. ثانيا، يستخدم مفردات عتيقة قديمة مقتبسة من كتب تاريخ نصفها غير صحيح.
البغدادي يكتب وكأنه أمير مؤمنين الى عظيم الفرس او الروم او الإنجليز او الأمريكان.
الجولاني مثله، يكتب وكأنه أمير مؤمنين آخر معترف به من السماء والأرض.
وحتى يكتمل المشهد، فقد يكتبان رسائلهما على رقاع من الجلد البالي، ملفوفة بقطع قماش مزركشة!
أتخيلهما أيضا يلبسان من الثياب ما تخيله مخرجو الأفلام. عباءة، وعمامة، وربما ريشة فوقها.
مثل هذه الشخصيات الدينية، العبثية، تقاتل اليوم حتى ذباب وجهها باسم الإسلام. هم جهاديون، ولا أعرف ضد من.
فلم أسمع ان واحدا منهم اطلق رصاصة، أو سهما، أو رمحا ربما، على جندي اسرائيلي. لم أسمع ان واحدا منهم طالب بتحرير المقدس، أو سعى إليه. لم اسمع ان واحدا منهم، نذر نفسه لنشر الإسلام بالحسنى، او حتى بالقوة.
إذا.. هم يجاهدون من، ويقاتلون من؟
هم لا يقاتلون الشيعة (اللذين رأيتهم اكثر من حارب اسرائيل)، وهم لا يقاتلون اسرائيل، ولا أعداء الله والدين. هم يقاتلون لأي سبب سوى حب القتل لا أكثر.
البغدادي متطرف متخلف. ومثله الجولاني. ومثلهما الف قائد عصبة آخر.
من أنتج كل هؤلاء؟
نحن وحدنا الملامون. فقد تركنا لعقول مغلقة أن تسطر لنا حياتنا منذ لحظة ولادتنا. لا يحق لنا ان نتجاوزها. والطريق الى الله موصول بها.
نحن وحدنا الملامون، لأننا تربينا ان الله جلاد، وأن كلمة واحدة خاطئة قد تلقي بنا الى اعمق جوف في جهنم.
نحن وحدنا الملامون، لأننا تربينا على الطاعة المطلقة لولي الأمر ولو كان مخطئا، والطاعة المطلقة لرجل الدين و لو كان مغلقا متعصبا حاقدا على كل دين ومذهب.
نحن من صنعنا الجولاني. ومن صنع البغدادي. ومن صنع بن لادن، ومن سيأتي من بعدهم.

[email protected]