من الاهمية بمكان القول ان الانتخابات التشريعية المزمع اجراءها نهاية الشهر الحالي، ستجري وسط اجواء سياسية وامنية مظطربة.

فالمشهد الامني يتسيد الموقف في العديد من مناطق العراق لاسيما مدن غرب العراق وديالى وصلاح الدين والموصل ومناطق حزام بغداد في الجنوب والشمال والغرب حيث تشهد مواجهات مسلحة بين قوات المالكي وعناصر تنظيم داعش الارهابي الذي من الواضح انه انشىء ليكون منظمة مأجورة للقتل ونشر الفوضى متى ما طلب منه، ولاتعرف من هي قياداته الحقيقية ولامقرها افي طهران ام دمشق ام المنطقة الخضراء؟ لكن الاكيد ان الهدف من تحويل المناطق الساخنة (السنية) الى ملتهبة وتشريد اهلها خارج مناطقهم هو لتشتيت اصواتهم الانتخابية ورفع حالة الاحباط والنفور من العملية السياسية برمتها ومقاطعتها!

هذا الى جانب استشراء الفساد واهتزاز ثقة المواطن بجدوى الانتخابات والعملية السياسية برمتها ، مما يعني ان انتخابات هذا العام ستكون نسخة طبق الاصل من سابقاتها.

ومع اقتراب موعد الاقتراع اخذت تزداد حدة الشحن الانتخابي من قبل المرجعيات الدينية والقوى والاحزاب والشخصيات السياسية ، وكل فريق يدفع جمهوره الى الانتخابات دفعا تحت حجج وذرائع مختلفة، تعكس القلق من عزوف الناخبين عن الادلاء باصواتهم مما يدخل البلاد في فراغ دستوري وسياسي، الخوف من انفراد مكون واحد بادارة البلاد مما يظهر حالة انعدام الثقة بين جميع المكونات الدينية والقومية فضلا عن الاستياء من الاوضاع السائدة في البلاد والرغبة في تغيير الممسكين بالسلطة.

وتكاد تكون الدعوة للمشاركة الكثيفة في الانتخابات واختيار الانظف والافضل هو القاسم المشترك لجميع التيارات ومراكز التأثير الدينية والسياسيةا!

وفي حال نجح الناخب العراقي في تغيير الشخوص على مستوى الهرم السلطوي (في احسن تقدير)، يبقى السؤال: اين هي الضمانات التي تحول دون عودة ظاهرة الحاكم المنتخب-المبتلع للدولة، المختزل لجميع السلطات بشخصه والتي جسدها ابو اسراء خير تجسيد؟ ما هي الضمانات التي تحول دون ظهور مؤسسة تشريعية نائمة، تدير ظهرها للناخب عند اول جلسة تقاسم للمناصب!

لاشك ان الاداء الحكومي والبرلماني السيء خلال السنوات الماضية يمنح الحق للناخب للمطالبة بضمانات تتجاوز الوعود الانتخابية وتضع جانبا الواجب الاخلاقي والديني والوطني الذي طالما عزف عليه السياسيون لتحريك مشاعر الناخبين وتوجيههم. فمن غير المعقول ان يبقى صوت الناخب عرضة للاستغلال من قبل الاحزاب وهواة السياسة ومتصيدي الفرص وترتكب باسمه الفظاعات

وعمليات الفساد المالية الضخمة!

واذا كان النظام الانتخابي يمكن الناخبين من التأثير في شكل الحكومة القادمة ومضمونها من خلال تغيير الائتلافات النيابية الحاكمة بناء على حجمها الانتخابي وحجب التأييد عن حكومة المالكي التي فشلت في ادارة البلاد جملة وتفصيلا، الا ان طريقة وطبيعة عمل النظام السياسي تبقى لها الاهمية في حفظ حقوق الناخب، والمقصود بها هنا تفعيل مكابح النظام الديمقراطي والمتمثلة بالفصل بين مراكز القرار والتوازن بين مؤسساته.

وبهذا الصدد كان حريا بمجلس النواب وخاصة في الفصل التشريعي الاخير من عمر الدورة الحالية بصفته المؤسسة التشريعية والرقابية الاولى في البلاد والمعني بالتعامل مع النصوص الدستورية والقانونية وتعديلها، بدلا من الانجرار الى قضايا داخلية وجانبية والانشغال بالتحالفات والدعاية الانتخابية، التركيز على مرحلة ما بعد الانتخابات مستعينا بمنظمات المجتمع المدني ووسائل الاعلام والمراكز البحثية المتخصصة، لاعداد ومناقشة مشروع وطني يعالج فيه المثالب الدستورية والقانونية التي سمحت للسلطة التنفيذية الاستقواء على السلطة التشريعية والقضائية وابتلاع الدولة باكملها. وايجاد المعالجات الكفيلة بمواجهة الفساد وتحقيق التوازن بين السلطات الثلاث وعدم تجاوز الدستور وضمان عدم انفراد سواء اكان المالكي الساعي بقوة لولاية ثالثة او غيره بادارة الدولة.

ومع غياب الضمانات يبقى مستقبل البلاد مفتوحا على خيارات عدة لاتتوقف عند حجم المشاركة في يوم الاقتراع واداء الناخبين فحسب، وانما مدى التزام واحترام الكيانات والاحزاب الفائزة في الانتخابات بقواعد النظام السياسي من عدمه؟