بعد مرور 10 أشهر من مجيء الملا حسن روحاني الرئيس المسمى بـالاعتدالي للنظام الإيراني ورغم وعوده الكاذبة فإن أوضاع الاقتصاد الإيرانية تشهد أكثر حالاته تدهورا في جملة واحدة، إذ تواجه إيران اليوم اقتصادا منهارا، ولهذه الأوضاع الاقتصادية المتدهورة انعكاس كارثي للغاية على المجتمع الإيراني بشكل عام وعلى حياة الشرائح المضطهدة وذات الدخل المحدود على وجه التحديد، وإحدى العوارض الناتجة عن هذه الضغوط اللا تطاق على المواطن هي ظاهرة احراق النفس الاحتجاجية التي لم يكن يسبق لها مثيلا لحد الآن:
يوم الاثنين الموافق 17 فبراير ومتزامنا مع دخول الملا روحاني، رئيس نظام ولاية الفقيه إلى مبنى وزارة النفط في طهران، قام موظف متقاعد من شركة صناعة النفط بحرق نفسه، احتجاجا على ظروف المتقاعدين المعيشية المتدهورة منها استرجاع منازلهم التنظيمية وعدم اكتراث السلطات الإيرانية لمطالبهم.
وفي يوم 3 فبراير قام شخص آخر يدعى حسين في مدينة إيلام بحرق نفسه انتحارا بفعل شدة الضغوط الناجمة عن العوز وهو متأهل وله ثلاث أطفال.
في اليوم الأول من فبراير الماضي أقدمت امرأة شابة بالغة من العمر 29 عاما في مدينة انديمشك في محافظة خوزستان من أبرز المحافظات الإيرانية ذات احتياطات نفطية، على حرق نفسها عقب إبعاد زوجها من المعمل وأنهت بذلك بحياتها المليئة بالآلام وتركت منها طفلة تعيش ربيعها السابع.
ويواجه الشعب الإيراني هذه المشاكل والأزمات في وقت تُبدد مئات المليارات من الدولارات من ثرواتهم خدمة لمشاريع النظام النووية وصدوره الإرهاب وإثارته الحروب والفتن في دول المنطقة مثل سوريا والعراق واليمن والبحرين... أو تتدفق إلى اعتبارات مصرفية للملالي والموالين لهم والمحسوبين عليهم في اختلاسات مالية نجومية وبأرقام خيالية وهذه هي الأوضاع الكارثية التي يغمض مؤيدو سياسة المساومة والتباطؤ مع النظام الإيراني عيونهم عنها متعمدين، ليروجوا بذلك وهم rdquo;الاعتدال والاصلاحldquo; بيد الملا روحاني.
والآن أود أن ألقي نظرة خاطفة على خطط النظام الإيراني لكبح لجام هذه الأوضاع الاقتصادية في إيران:
إن المرحلة الثانية من إلغاء الإعانة الحكومية تشكل أهم القضايا في الساحة الاقتصادية ndash; السياسية في إيران إذ سببت في نشوب صراعات بين أبناء الشعب والنظام في الآونة الأخيرة.
لقد بدأت المرحلة الثانية من إلغاء الإعانة الحكومية والتي يسميها النظام بـrdquo;خطة اصلاح النظام الاقتصادي بـإعانات حكومية هادفةldquo; ابتداء من يوم الأربعاء الموافق 9 أبريل 2014 بتسجيل المواطنين.
وفي المرحلة الأولى التي بدأت من حوالي ديسمبر 2010،أعطى النظام مبلغ 44500 (ما يعادل 20 دولارا) لكل مواطن إيراني بسبب القفز العالي في الأسعار وبخاصة صعود قيمة الدولار ضعفا وإزاء الارتفاع الـ55% لسعر حاملات الطاقة غير أنه وبسبب القفز العالي للأسعار وخاصة بسببت ارتفاع سعر الدولار الى ضعفين، انخفضت القوة الشرائية لدى المواطن في المرحلة الأولى إلى ما لا يقل 60%، وفي الوقت الحالي وبما أن خزينة النظام خالية وأن المفاوضات النووية لا تلوح بأفق مشرق ذو انتاجية سريعة في المدى المنظور لتشغيل محرك الاستثمارات الأجنبية في إيران، أصبح النظام يأكل من الجرف فيحاول أن يحدد دائرة نطاق مستلمي الإعانات الحكومية ويقلل من عددهم بقدرما استطاع في المرحلة الثانية.
الآن وبحسب الإحصاءات الرسمية فإن عدد النفوس الشاغلين في إيران يبلغ 22 مليون شخص، 12مليون منهم عمال و4 ملائين منهم موظفون وعسكريون والباقي منهم اشخاص في مهن حرة وكاسبون وفلاحون وتجار. كما أنه وبحسب الإحصاءات الرسمية فإن عدد النفوس العاطلين عن العمل يبلغ 3 ملائين شخصا ما يعني إن عدد النفوس المشكلين لقوة العمل في إيران (الشاغلين والعاطلين معا) تصل إلى حوالي 25مليون شخص. لقد أعلن النظام الإيراني أن 608 ألف تومان ( ما يعادل 253 دولارا) هي الحد الأدنى للرواتب لهذه السنة، لكن متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي يتراوح بين 700 ndash; 800 ألف تومان (ما يعادل290-330 دولارا) واليوم يُعتبر مليون و800ألف تومان (ما يعادل 750دولارا) rdquo;خط الفقرldquo; المعلن رسميا في البلاد وإذا ما أخذنا خط الفقر بعين الاعتبار لا يبق سوى عدد قليل جدا من المواطنين للخروج من دائرة مستلمي الإعانة الحكومية اصلا. لذلك فإن النظام الإيراني أخذ يمارس ضغوطا حائلة على المجتمع ليجبر المواطن على الانصراف من استلام الإعانة.
لقد أعلن سلطات النظام رسميا أنه لا إعانة حكومية لذوي دخل عالي وكذلك لعوائل فيها شخصان شاغلان وكل من أظهر بأنه ذو دخل داني لكن يكون دخله عاليا سيُعاقب بدفع الغرامة. ومع كل ذلك لم يرضخ الشارع الإيراني لخطة النظام هذه والكثير منهم يقولون لماذا تريدون أخذ 45ألف تومان (ما يعادل 20 دولارا) من جيوبنا؟ قللوا أنتم من اختلاساتكم الميليارية!.
لقد استقدم النظام الإيراني المراجع الدينية التابعة له والمحسوبون عليه علاوة إلى جهاز الإذاعة والتلفاز ووسائل الاعلام الحكومية ليدخلوا على الخط ويجبروا المواطنين على الانصراف من التسجيل لأخذ الإعانة الحكومية باعلانهم أن أخذ الإعانة الحكومية حرام لمن لا حاجة له إليها، لكن مع كل ذلك انطلقت منذ اليوم التاسع من أبريل الجاري طوابير طويلة من المواطنين القادمين للتسجيل ويأخذون من كل مسجل 3500 تومان (ما يعادل دولارين اثنين) للتسجيل ما أثار حفيظة المواطن.
وبما أنه من المحتمل جدا وقوع انفجار وغليان في المجتمع الإيراني بسبب غلاء الأسعار ومتزامنا مع ذلك إلغاء الإعانة الحكومية، فإن العصابات الحاكمة تخشى بشدة تداعيات هذا الانفجار الاجتماعي ولذلك فإن الاجهزة الحكومية قد دخلت في حالة الاستنفار.
احتشد مؤخرا مواطنون أمام مبنى أثواق rdquo;رفاهldquo; المتسلسلة في مدينة إصفهان بمركز إيران مرددين هتافات : rdquo;روحاني الكذاب أين هي الإعانة والسلع التي وعدت بها؟!. وفي هذا السياق وصفت صحيفة rdquo;ابتكارldquo; الحكومية في افتتاحيتها ليوم 10 أبريل الجاري، وضع النظام الإيراني عشية المرحلة الثانية من الإعانات الحكومية الهادفة، وكتبت تقول: إن مسألة جعل الإعانات الحكومية هادفة تشكل أهم التحديات أمام الحكومة الحالية داخل البلاد وعلى الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي... وإذا لم يتم اتخاذ التدابيراللازمة من قبل الحكومة وإن استمرت العقبات وافتعال الأزمات من قبل المجموعة المعارضة فإنا مقبلون إلى كارثة أخرىldquo;، واصفة الطريق المسدود الذي يواجهه النظام بـrdquo;أنه إذا استمر هذا المسار على ما هو عليه ستواجه الحكومة عجزا شديدا في الميزانية ولا يمكنها أن تقترض مالا من النظام المصرفي في البلاد والذي يعاني من الإفلاس بشكل أو بآخر، لسد هذا العجز الشديد في الميزانية، كما ولا يمكن لها أن تقوم بطبع الأوراق النقدية لأن هذا الأمر من شأنه المزيد من تأجيج التضخم الموقدة فعلا... من جهة ثانية أن زيادة سعر حاملات الطاقة بهدف التعويض للعجز في الميزانية ستؤدي إلى موجة تضخم في المجتمع باسره... فإن النجاح في المرحلة الثانية يعود إلى وقوع إجماع في الحكومة. لكن على ما يبدو ليس لا وجود لمثل هذا الاجماع اليوم في الحكومة فحسب، بل تبين لنا في التصرفات المخربة التي حصلت قبل ذلك في التعامل مع خطة توزيع rdquo;سلة البضائعldquo;، أن اجزاء من التيارات الداخلية في الحكومة مترصدة ليبدأ الملا روحاني rdquo;المرحلة الثانيةldquo;، كي تشن هجومها المخربة ضده فور ما ظهرت تداعيات المرحلة الثانية السلبية...ldquo;.
ارقام تحكي عن انخفاض القوة الشرائية لدى المواطن:
لقد أعلن النظام الإيراني أن حجم رحلات المواطنين في أيام عيد رأس السنة الإيرانية نوروز كان ضعفا بالمقارنة لرحلاتهم في السنة الماضية بحيث وصلت إلى 55 مليون مواطن، وأراد النظام وباعلانه هذه الأرقام أن يوهم بأنه وكأن المواطنين وصلوا إلى مستوى الطبقة المتوسطة في المجتمع ولا حاجة لهم بعد إلى استلام الإعانة الحكومية. لكن احصاءات منظمة السياحة في النظام الإيراني والتي تم الاعلان عنها في يوم 9 أبريل الحالي أظهرت عكس ذلك تماما بحيث كتبت صحيفة rdquo;مردم سالاريldquo; الحكومية نقلة عن سيدة ربة بيت قولها: إن الجلوس في البيت واستقبال الضيف لكل وجبة يكلفك 200 ألف تومان فيما أن تكاليف الرحلة كلها لا تصل إلى 200 ألف تومان، لذلك فإننا فضلنا أن نترك البيت ونذهب إلى رحلة كي نخلص أنفسنا من الخجل أمام الأهل والأقرباء في أيام عيد رأس السنة. فقد قالت منظمة السياحة في تقريرها لا يستفيد المواطنون الراحلون من الفنادق خلال رحلاتهم سوى 4% منهم حيث أن 83 ألف سرير كانت خالية من أصل 250 آلف سرير التي تستوعبها الفنادق. إذ تبلغ تكاليف ليلة واحدة في غرفة الفندق 100 ألف تومان بشكل متوسط. وهروبا من التكاليف والأجور الهائله للفنادق والبقاء في المدينة فقد بات 30 % من المواطنين في الخيم الخاصة للرحلات، و32% منهم في الإدارات والمدارس والأقسام الداخلية الحكومية بأجر يعادل 15 آلف تومان لكل ليل، و17% منهم في المخيمات المؤقتة (عند الطرق وذات دورة المياح و ما شابهها بشكل مجان او بأجر داني).
ومن هذه الأرقام يمكن لنا أن نأخذ صورة تظهر أنه فيما يواجه القطاع السياحي في البلاد هذا الكساد المدمر في أكثر أيام السنة الإيرانية دسما ورواجا، الى يا مدى افلست الخدمات الخاصة للقطاع السياحي للبلاد في باقي أيام السنة ولأي كساد يتعرض باقي القطاعات الاقتصادية في الصناعة وبيع السلع والأثواق.