&لم يخل عام في الخمسين عاما الماضية من عمل إرهابي نتج عنه مقتل العشرات أو المئات من الأبرياء، قبل العمل الإرهابي ضد مجلة "شارلي إيبدو " الذي نتج عنه وما تبعه 19 قتيلا .ويكفي التذكير بأمثلة صارخة سمع بها وعرف عنها الجميع:
1 . قام الشاب النرويجي "أنش برايفك" يوم الجمعة الثاني والعشرين من يوليو 2011 بتفجير في مقر الحكومة النرويجية في العاصمة أوسلو، ثم هرب نحو جزيرة "أوتاة" القريبة من العاصمة وهاجم بالرشاش معسكرا لشباب حزب العمال النرويجي، ونتج عن الحادثين مقتل 92 شابا وشابة، وكان عمله حسب اعترافاته بتخطيط مسبق ومع سبق الإصرار وأنّه غير نادم ما فعله، وتمّ الحكم عليه بالسجن المؤبد.
2 .العملية الإرهابية التي نفّذها في التاسع عشر من أبريل 1995 الجندي الأمريكي "تيموثي ماكفاي"، بتفجيره شاحنة مفخخة أمام مبنى الحكومة الفيدرالي في مدينة أوكلاهوما، راح ضحيتها 168 قتيلا، وتمّ إعدام الإرهابي بحقنه بمادة سامة.
3 . عمليات القتل وقص الرقاب وسبي النساء وتهجير المسيحيين والإيزيديين وقتلهم، نتج عن هذه الأعمال التي تقوم بها "داعش" الإرهابية خلال العام 2014 فقط ألاف القتلى والمهجرين والمفقودين في مناطق مختلفة من العراق وسوريا.
4 . عمليات إرهاب القاعدة في الحادي عشر من سبتمبر 2001 ضد أبراج نيويورك حيث قتل فيها قرابة 3000 شخص من جنسيات عديدة أغلبهم من الأمريكيين.
5 . الجرائم الإرهابية المتعمدة التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ العام 1948 بحق الفلسطينيين واللبنانيين تحديدا، وتمّ قتل عشرات ألالاف نتيجتها، ويكفي التذكير بمجزرتين يعرفها كل العالم، وهما مجزرة& قرية "قانا" اللبنانية الأولى في 18 أبريل 1996 ، حيث قام جيش الاحتلال الإسرائيلي بقصف مركز قيادة فيجي التابع لقوات اليونيفيل الدولية بعد لجوء المدنيين إليه هربا من عملية عناقيد الغضب التي شنّها على لبنان، فأدى قصف المقر إلى قتل 106 من المدنيين وإصابة الكثيرين& بجروح، وقد اجتمع أعضاء مجلس الأمن للتصويت على قرار يدين إسرائيل ولكن الولايات المتحدة أجهضت القرار باستخدام حق النقض الفيتو. والمجزرة الثانية للتذكير فقط أيضا ما قام به جيش الاحتلال الإسرائيلي طوال 51 يوما في اجتياحه الهمجي الأخير لقطاع غزة ( من الثامن من يوليو إلى السادس والعشرين من أغسطس 2014 ) نتج عنها: 2147 قتيل فلسطيني من بينهم 35 طفلا و 302 إمرأة وتدمير 52 مسجدا بالكامل وتدمير 17500 منزل وتهجير قرابة 100 ألف فلسطيني.
وهنا السؤال المنطقي : لماذا كانت ردود فعل العالم أجمع بما فيه فرنسا عادية ومجرد إدانات وتصريحات ضد هذه العمليات الإرهابية، بينما احتشد زعماء العالم في مظاهرة مليونية لم يسبق لها مثيل ضد الإرهاب الموجه لمجلة "شارلي إيبيدو" و 19 قتيلا؟

أنا شارلي علنا ضد هذا الإرهاب،
الذي تمّ ضد المجلة الفرنسية وكافة العمليات الإرهابية عبر التاريخ الحديث والقديم الموجهة ضد مدنيين أبرياء، وغالبية هذه العمليات إجرامية بامتياز مشين ترقى لحد الإبادة الجماعية المقصودة لتحقيق أهداف إجرامية لجماعات أو اشخاص أو تنظيمات. ولا يمكن لأي شخص ذي ضمير وخلق إنساني إلا أن يكون ( أنا شارلي ) في هذا السياق الذي يدين الإرهاب الذي أفقد غالبية العالم أمنه واستقراره.
إذن كيف أكون " لست شارلي" في الوقت نفسه؟
لست شارلي في نفس الوقت بمعنى أنّني لست مع سياسة المجلة المستمرة في استفزاز ما يزيد عن مليار مسلم بشكل متعمد مقصود، والقائمون بهذا الاستفزاز في المجلة يعرفون بوعي مسبق نتيجة استفزازهم هذا لن تكون إلا مثل هذه الأعمال الإرهابية التي أدنتها. فما الفائدة يا "شارلي" من هذا الاستفزاز واستمراركم فيه؟ ماذا حققتم من توعية بالحرية والكرامة الإنسانية؟. ستقولون إنّها حرية رأي!!! وما قيمة حرية الرأي إن كان سينتج عنها هذا الإرهاب والقتلى؟. وإذا كنتم حقيقة تؤمنون بحرية الرأي فإليكم هذه الأسئلة فقط:
1 . لماذا تمنع قوانينكم الفرنسية أي نقد أو تشكيك في حقيقة الهولوكست اليهودي ويتم جرجرة كل ناقد لذلك للمحاكم الفرنسية كما حدث مع الفيلسوف الفرنسي روجية جارودي؟
2 . أين كان ضميركم الشارلي وحرية الرأي عندكم إزاء الإرهاب والجرائم التي تعرض وما يزال يتعرض لها الشعب الفلسطيني على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك المجازر المستمرة ضد مسلمي بورما وقتل فيها ألاف المسلمين؟

لذلك أكرّرها صريحة: " أنا شارلي" بمعنى أنّني ضد الإرهاب الذي تعرضت له المجلة وكل الإرهاب الذي ذكرته كمثال فقط وألاف عمليات الإرهاب التي لم أذكرها وأعرفها ويعرفها كل القراء والمتابعين، وفي الوقت نفسه "لست شارلي" بمعنى أنّني لست مع المجلة في تعمدها الاستمرار في هذه الإثارة وهي تعرف مسبقا أنّ نتيجتها& القتل والإرهاب دون أن تحقق إنجازا إنسانيا أو حضاريا من هذا الاستفزاز.
www.drabumatar.com


&