&
&
نهاية عام وبداية آخر. ماذا تعني لنا نحن المحتارون بين القديم والأقدم؟. البشر ميّالون بطبعهم للتسامح. يطمحون لما هو أرقى وأعلى ممّا تحقّق لحدّ الآن. يطمحون للمساواة. الأخلاق ترنو لها ولكنّ التعصّب صناعة إجتماعية قديمة لطالما إستغلتها السياسة أبشع إستغلال.&
مصادرة القرار ناتجة عن التردّد والحيرة وعن تغذية التناقضات المزّمنة بين الظاهر والباطن. بين الشعار السياسي والديني من جهة وبين السلوك الإجتماعي من جهة أخرى. بين الإدّعاء وبين الحقيقة.
&للعاطفة الإنسانية مخازن تفتح بواباتها في نهاية كلّ عام. قد يكون في ذلك نوع من التكفير أو التأكيد أو الإستذكار. لم لا؟. فنحن في نهاية المطاف مجرّد بشر ولسنا ملائكة. ولذلك فهي مناسبة متواضعة لتجديد المحبّة وتجاوز الأحقاد.
الحيرة صناعة. ومراكز القرار الدولية تبحث أبدا عن أفضل مّن يروّج لها. ترويج &الغباء والتسطيح يبحث عن أسواق مفتوحة في كلّ أركان الأرض. التخلّف بضاعة محلّية والإستثمار الخارجي لا يتعب كثيرا في العثور على مبرّراته الأخلاقية.
&الحائر لا يختار. إعتاد أن يسلّم أمره للأخرين. تربّى على ذلك وتعوّد عليه منذ الصغر. أولي الأمر يتولون الإختيار عوضا عنه. مَن هم أولي الأمر؟. هم أذكى أم هم أولى؟.&
الحصيلة النهائية هي أننا خسرنا الإنسان وخسرنا القرار وخسرنا طعم الفرح ومعاني التجديد بتوالي السنوات. الأعوام باتت عندنا لاتنتمي للتقويم التقليدي المعروف. فالسنة ما عادت لها نفس العدد من الأيام. والزمن بات يقصر أو يطول أو يبطئ أو يسرع بوتائر مختلفة على المنتظرين والعشّاق والفقراء والأرامل واليتامى والمجانين والنازحين والحالمين والثّوار.
&الزمن الذي إخترعناه نحن البشر كان مقياسا افتراضيا ولكنّه أمسى فردوسنا المفقود وجحيمنا المستعر معا حين اختلطت أبعاده الثلاث علينا ولم نعد نعرف أين نحن الآن؟.
نحن المحتارون من شعب الله المحتار. أبناء الحظ السيء والمكان الخطأ. أبناء الولادات العسيرة والثورات الخدّج. المتأملون أبدا لما يمكن أن تأتي ولا تأتي به الأنهار. الصابرون حتى نهاية الأعوام. حتى قيامة الزمن والعدالة الإفتراضية. لا أحد سيقوم مقامنا إن كنّا مظلومين. الشكوى والتباكي ليست من شيمّ من يسعون للحرية. مَن يسعى لمشروع الحرّية لا يمكن أن يتبع سوى حرّا يتجاوزه في فهم واستيعاب معاني الحرّية، ولكن حين يكون الأحرار أنفسهم محتارين، ولا يمكن لهم ولا لغيرهم قبول المزيد من الإستعباد والإذلال والإستهتار كأقدار نهائية تتجاوز حدود الإحتمال البشري التي يراد السكوت عنها والغناء للتقويم . نكون حينها قد وصلنا الى نهاية العام. وربّما نهاية الحيرة ونهاية الأوطان. &
باريس
التعليقات