&

إن أول دولة اسلامية اعترفت باسرائيل هي تركيا لذا لابد هنا من مراجعة مختصرة للتاريخ السياسي، فمنذ عام 1949 نشاْت العلاقة بين تركيا واسرائيل حيث ابرمت بينهما مختلف الاتفاقيات السياسية والعسكرية والاقتصادية واصبحت اسرائيل المصدر الرئيس لتوريد الاسلحة لتركيا وفي 1996 وقعت ابرز اتفاقية امنية عسكرية بينهما تنص على تبادل المعلومة الاستخبارية لاسيما حول سياسات ايران وسوريا والعراق والقيام بمناورات مشتركة برا وبحرا وجوا وتدريب الطيارين العسكر وصيانة وتجديد سلاح الجو التركي ومنظومتة الدفاعية,فضلا عن عقود لشراكة إستراتيجية مع شركات الأسلحة الإسرائيلية لتحديث طائرات إف-5,إف-16 ودبابات ام-6 وبيع طائرات ومنظومة مضادة للصواريخ الباليستية واخرى لطائرات حربية إلكترونية بلا طيار، من شركة ألتا الاسرائيلية والقائمة طويلة اضافة لاتفاقية التعاون الاقتصادي في 1997 لإنتاجات مشتركة الى سوق الاتحاد الأوروبي بلا رسوم جماركية.

اما في مجال الطاقة فهناك مقترح من شركة شل بانشاء خط انابيب الغاز ممتد من حقل لڤياثان الى احد جنوب تركيا، عبر منطقة اليونان الاقتصادية بعيدا عن(الاراضي السورية التي خطط لها ان تكون ممرا لو سقط نظامها الحالي وهي احد اهداف الصراع الجاري هناك) هذا المشروع بتكلفة بليونان ونصف دولار لنقل 16 بليون م³ غاز , نصف الكمية للسوق التركية والنصف الاخر الى اوربا

كما ان وجهات النظر بين اللبدين حول مسائل الشرق الاوسط كانت متقاربة لحد كبير. فالخشية من قوة الاتحاد السوفيتي المتصاعدة بعد الحرب العالمية الثانية وطوحها للسيطرة على مياه البوسفور لتقوية نفوذها في ايران والعراق وسوريا والبحر المتوسط وكبح اي حصار محتمل عليها وبعد تنفيذها لعمليات سرية لزعزعة تركيا التجأت تركيا للمحور الامريكي وانظمت للناتو فظمنت السيطرة على مياه البوسفور وكان تحالفها هذا احد دعائم الشراكة مع اسرائيل وهذا ملف مشترك ومهم بين تركيا واسرائيل من صفحتين، صفحة مخاوف الطرفين من التوسع الروسي وصفحة التحالف مع المحور الامريكي

فوقفت تركيا ضد سياسات الروس في المنطقة بمعية اسرائيل حيث لعب الطرفان دورا بارزا للردع والتاثير على منطقة شمال تركيا ومياه البوسفور وعلى العراق وسوريا وما زالتا في هذا الدور الستراتيجي لمنفعة المحور الامريكي

ان ما صور للراي العام على انه ازمة حقيقية وتوتر جوهري للعلاقة التركية الاسرائيلية لم يكن بهذا الحجم الواقعي ولو طالعنا الاحداث في تلك الفترة نجد ان حادثة باخرة (الحرية) كانت في يوم 31 مايو 2010 اندلعت بعدها ثورات عربية اقربها ثورة تونس في 17 ديسمبر 2010 اما طرد السفير الاسرائيلي من انقرة كان في سبتمبر 2011 اي بعد سنة ونصف من حادثة الباخرة ,اي تزامنا مع المظاهرات العربية في محاولة للعب دور محوري في المنطقة العربية فكان لزاما الابتعاد عن اسرائيل ظاهريا على مسرح الاحداث لاداء هذا الدور بكل حرفية فمن جهة تنفيذ ما مطلوب امريكيا بل واسرائيليا من تغيير الشرق الاوسط الذي ترى الولايات المتحدة لابد من تغيير اتفاقية سايكسبيكو فيه, ومن جهة الاضطلاع بدور ما كطموح تركي لاستعادة امجاد مندثرة خصوصا بعد انتهاء المخاوف من السوفيت والتقدم بخطوات للامام لفرض شخصية واقعية على الارض امام المحيط الاقليمي والاتحاد الاوربي الذي مازال يمانع انضمامها اليه

وتحت ضلال الاحداث بين 2011 وليومنا هذا نجد ان حجم التبادل التجاري بين تركيا واسرائيل ارتفع في عام 2013 الى 39% عن ما سسبقه وواصل ارتفاعه في عام 2014 حيث كانت صادرات اسرائيل الى تركيا 76% والاستيراد 13% هذا ولم تتوقف البعثات والوفود التجارية وغيرها بين البلدين&

اما حديث اليوم عن اجتماعات بين الطرفين اخرها في سويسرا وبحضور رئيس الموساد ليست لاعادة امر مقطوع انما لاعادة ترتيب العلاقة العلنية ديبلماسيا للراي العام فبعد الدخول الثقيل للقوات الروسية حلبة الصراع في سوريا والمنطقة والتاْهب العالي لها في بحر قزوين والمتوسط ونصب احدث المنظومات القتالية والدفاعية وازمة اسقاط المقاتلة الروسية اعاد هواجس المخاوف التركية التي توهمت لزمن ما انها ولت مع اندثار الاتحاد السوفيتي اضافة الى ان الازمة السورية شارفت على وضع حلول ما لاْنهائها مما يعني نهاية الدور التركي الحالي ناهيك عن زيادة الاضطرابات والعمليات القتالية من قبل حزب العمال الكردي واعادة ترتيب الاوراق الاسرائيلية بالمنطقة فصار لزاما ان تعود العلاقات التركية الاسرائيلية الى العلن فهي الان احوج للعلانية امام من تخشاه.&

ولا نهمل شهادة مؤسس الحركة الاسلامية الحديثة بتركيا الراحل نجم الدين اربكان الذي طالما اكد على تابعية حزب العدالة لسياسات امريكا واسرائيل وان لولا الصهيونية العالمية لما وصل هؤلاء المنشقون عن الحركة الاسلامية للحكم لايصال كيان اسلامي بلا مسمى.ان اسرائيل تدرك تماما متغيرات الواقع التي تدير عددا من ادواته ومعرفتها بشريكها التركي الهائم في هوى الطموح السياسي والمادي للتنافس على دور استراتيجي في الشرق الاوسط وهي قادرة على جعل شريكها تابعا لها وفي اخر تصريح أكد عمر جليك نائب رئيس حزب العدالة الحاكم في تركيا، أن دولة اسرائيل وشعبها أصدقاء لتركيا، فالعلاقة اعمق مما يظن بها, لذا فان ما روج له من قطع او توتر تركي - اسرائيلي لا جوهر له سوى في الاعلام المضلل فما انقطع وصل حتى يعود

&

[email protected]&