ربما يتوهم البعض من الشعب العراقي، بأن لبلدهم دولة تدير شؤونه وتحاول جاهدة توفير الخدمات والحماية وسيادة واحترام القانون، وكل الأمور التي من شأنها بناء مجتمع إسوة بباقي الشعوب.
ولكن الحقيقة الواضحة حتى الساعة، تشير إلى إن العراق لا يمتلك نظام الدولة، أو السلطة التي تدير بنظام العمل المشترك بين كافة وزاراتها، شؤون البلد وتلتزم بكل الواجبات التي عليها وتنفيذها خدمة للشعب وصوناً لكرامة الدولة وسمعتها العالمية.
ولكن لننظر إلى تركيبة الدولة العراقية من خلال المرور على بعض النقاط المهمة والتي باتت معروفة للجميع، وكذلك بعض القوانين وطريقة العمل بإدارة "الدولة العراقية الجديدة" من أجل وضوح الصورة ودراستها، ومعرفة، هل يمتلك العراق بالفعل نظام الدولة التي تدير مؤسساتها إسوة ببلدان العالم، لا نقول المتقدم، ولكن لنقول أفقر دول العالم وأكثرها تخلفاً.
فدولة العراق، هي:
دولة كل من فيها "من رأسها حتى أصغر موظف" يعترف بفسادها!!
دولة أغلب تعداد جنودها وشرطتها، فضائيين ليس لهم وجود على الأرض، ولكنهم يستلمون رواتبهم.
دولة يتم إسقاط ثاني أكبر محافظة فيها، من قِبل عصابة لا تتعدى ألف شخص خلال يوم واحد.
دولة تعمل جاهدة على تجويع شعبها، ثم تمنحهُ السلاح بحجة الدفاع عن مقدساته، وهي التي خططت لإنتهاك حرمة المقدسات.
دولة يبيع فيها وزير الدفاع سلاح دولته إلى العصابات المسلحة.
دولة تسيطر دولة مجاورة لها على نظامها السياحي بالكامل.
دولة يستورد فيها الوزراء أجهزة غير صالحة للعمل أو منتهية الصلاحية، بأضعاف أسعارها الأصلية، ويتم الموافقة على صرف المبالغ من قبل خزينة "الدولة"، ولنتذكر هنا الأجهزة الفاسدة لكشف المتفجرات التي استوردتها وزارة الداخلية، وصفقة الطائرات الروسية والأوكرانية، والمولدات الكهربائية التي استوردها المالكي، وتبين أنها لعب أطفال، وكذلك ما حدث مؤخراً حيث استوردت وزيرة الصحة عديلة محمود أجهزة منظمة لضربات القلب منتهية الصلاحية بكلفة 4 مليار و870 مليون دينار.
دولة يتم فيها صرف المبالغ الكاملة غير منقوصة إلى الشركات الموكلة بتنفيذ المشاريع قبل أن تباشر الشركات في تخصيص الأرض، ليتبخر المشروع ويصبح في خبر كان بعد استلام الأموال مباشرة.
دولة فيها القضاء يعاقب بالحبس لمدة سنة ونصف بتهمة الرشوة على امرأة تعمل ساعية في إحدى الدوائر كونها تلقت مبلغ 5000 دينار (ما يقارب 4 دولارات) إكرامية "بخشيش" بينما لا تحاسب وليس في نيتها محاسبة من سرق المليارات، والأمثلة هنا كثيرة، وزير الدفاع الأسبق حازم الشعلان، عبد الفلاح السوداني وزير التجارة الأسبق. عامل في محل تصليح موبيلات في لندن يصبح ملياردير ومن ثم نائباً لرئيس الوزراء، وغيرهم الكثير وكان آخرها ما يشاع بأن نوري المالكي رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة "السابق" أفرغ احتياطي النقد بالكامل، مما جعل حكومة العبادي تعلن الإفلاس والتقشف على الشعب فقط.
دولة تتمسك بمعتوه، كاذب، وسارق، وفاقد للبصيرة.. مثل نعيم عبوب حتى بعد أن فقد وظيفته في أمانة العاصمة بغداد، وتمنحه منصب وكيل وزير في وزارة العلوم والتكنولوجيا وهو لا يحمل غير شهادة البكالوريوس في الزراعة!!!
دولة نقيب صحفييها لم يسبق وأن قرأنا له مقالاً واحداً منشوراً بصحيفة من قبل.
دولة تشكل اللجان التحقيقية للكشف عن الجرائم والفساد والمؤامرات منذ أكثر من عشر سنوات، ولم نسمع نتيجة واحدة من تلك اللجان.
دولة تهجر المواطنين، وتسرق الأموال المخصصة لهم، ثم تطالب من الشعب الجائع التبرع للنازحين والمهجرين!!!
دولة كل أموالها مسروقة من قبل "الدولة"، وتَعِد الشعب بتحسن الأوضاع والخدمات وعلى رأسها الأمن وراحة البال!!
دولة تقرر استيراد 1200 دجاجة بياضة لتمنح كل عائلة مهجرة ونازحة، دجاجة واحدة لتبيِّض لها كل صباح بيضة واحدة، وهي لا تعرف أن وجود الديك إلى جانب دجاجة الدولة من المستحبات أو الضرورات التي تبيح المحظورات.
دولة تهين شعبها كل ثانية!!
هل مثل هذه السلطة ما كنتم تتمنون أيها الشعب العظيم؟
---------
ماذا؟
---------
قريباً ستكون هناك ثورة شعبية، فهل تشاركون؟
-------
طيب فكروا، فما زال لديكم متسع من الوقت!!!...

الحقيقة، أن ما تقدم، ليس بمقال، بل هو مرارة مواطن عراقي يشبه إلى حدٍ بعيد كل المواطنين من أبناء العراق البسطاء، مرارة الكشف عن الحقيقة التي تشير إلى أن العراق لا يمتلك نظام السلطة التي تكوّن مفهوم الدولة. هذه الحقيقة الواضحة، بحاجة إلى دراسة، فللمرة الأولى بتاريخ البشرية تدار الدولة من قبل وزارات، كل وزارة فيها مستقلة ومسؤولة عن شؤون دولتها أو وزارتها، دون الرجوع إلى رئيس الحكومة أو رئيس الوزراء – قالها نوري المالكي ومن بعده حيدر العبادي، أنه لا يستطيع نقل أوتعيين جندي أو موظف واحد، كون صلاحياته محدودة، هل كانوا يكذبون؟ -.. فوزارات المجلس الأعلى هي دولة المجلس الأعلى، ووزارات الدعوة كذلك والأمر ينسحب على وزارات التيار الصدري، وكتلة متحدون، والحزب الإسلامي وجميع الوزارات دون إستثناء.. وكل وزارة حرة بصرف الأموال المخصصة لها، التي غالباً ما تُقسَّم على الرؤوس المكونة للوزارة بعد أن يأخذ الحزب حصته، وليس للصالح العام، والدليل، هو إن حدث واستقال وزير أو أُقيل - وهذه نادرة الحدوث - فإن الوزير الجديد يجب أن يكون من نفس كتلة أو حزب الوزير الراحل، كي لا تذهب الأموال خارج نطاق الحزب لأنها حصته، وهذا وضمن المفهوم المبسط، هو أساس نظام المحاصصة..
ألم يعترف كل رجالات الدولة العراقية بأنها مبنية على أساس نظام المحاصصة؟
فليعلم الشعب العراقي بأن ليس له الحق في المطالبة بحقوقه، نظراً لعدم توفر الأموال الكافية. وما عليهم سوى أن يصغوا جيداً ويطيعوا أموامر من يقول لهم:
"طيب فكروا، فما زال لديكم متسع من الوقت!!!..."

[email protected]
&