بعد أقل من أسبوع سيجتمع عشرات الآلاف من الإيرانيين المقيمين في الخارج يوم السبت المقبل 13 من حزيران في فيلبنت الباريسية للمشاركة في المؤتمر السنوي العام للمقاومة الإيرانية وليقولوا كلمتهم ويوصلوا رسالتهم الى آذان العالم بشأن فهمهم وتصورهم عن إيران حرة ديمقراطية مسالمة مستعدة للتعايش الأخوي الإنساني مع الجيران و خالية من النووي.

وإذا أخذنا في الحسبان ما يجري في إيران وما يجري في المنطقة والتفاعلات التي حدثت بين مجريات الأمور في إيران ومجريات الأمور في دول المنطقة فلا يبقى أي شك أن هذا الحدث جديد بكل ما تحمله الكلمة، بل يمتاز هذا الحدث مما سبقه من المؤتمرات بأنه يأتي في ظرف زمني خاص تمرّ به المنطقة في مخاضها العسير نحو تخليص الشعوب من نير التطرف الديني والحروب الطائفية.

على سبيل المثال ولا الحصر المفاوضات النووية بين النظام الإيراني وكبار دول العالم وصلت إلى نقطة يجب البـتّ فيها، فإذا حصل التوافق في نهاية شهر حزيران ووقّع الطرفان على اتفاقية محدّدة معناها أن الحالة الإيرانية تدخل استحقاقاً جديداً في هذا المجال. وإذا تماطل نظام الملالي في الرضوخ أمام المطالب الدولية وقبول الشفافية ووافق الطرف الآخر أيضاً أمام مطلب الملالي لتمديد المفاوضات وتأجيل التوافق فهذا أيضاً معناه أن نظام ولاية الفقيه بصدد كسب مزيد من الوقت للتواصل في مشروعه والحصول على ما هو خط أحمر للعالم، أي القنبلة النووية. وهذا واقع جديد

وفي العراق اتّضح أكثر من السابق أن نتيجة تقاعس الولايات المتحدة الأميريكية من قبول المسؤوليات العالقة عليها حيال هذا الشعب المغلوب على أمره تقدّم نظام الملالي في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية. ومع حكومة نوري المالكي سقطت لكن نظام الملالي، واعتماداً على السياسة الأميركية الخاملة، لايسمح من اتخاذ الخطوات اللازمة للتوصل إلى السلام والهدوء في العراق، الخطوات التي تبدأ من سحب المليشيات المجرمة التابعة للنظام الإيراني من الساحة وإشراك أهل السنة في القرارات وتسليح عشائر السنة.

وفي سوريا بعد أكثر عام من الفتور وتراجع قوات المعارضة المسلحة بفعل الوجود الفعّال للنظام الإيراني وإتيانه القوات التابعة له من مختلف الدول من حزب الله اللبناني، و«الفاطميين» من أفغانستان، ولواء «أبولفضل العباس» من العراق و«لواء زينب» من الباكستان والحوثيين من اليمن و... بدأت المعادلة العسكرية تنقلب عليه من خلال تقدّم القوات المعارضة في منطقة درعا وبعد ذلك في الشمال الغربي في إدلب وجسر الشغور و... وكذلك في منطقة حلب، حيث بدأ الحديث من جديد من سقوط قريب لنظام بشار الأسد. وأقوى وأحدث دليل على ذلك موقف دمي ستورا ممثل الأمم المتحدة عن ضرورة رحيل بشار الأسد. وهذا واقع جديد.

وفي اليمن بعد ما عاث الحوثيون التابعون لنظام الملالي الفساد في ربوع هذا البلد السعيد وبعد ما بدأ زعماء نظام الملالي العائدون للعصور الوسطى يتشدقون بالوصول مرّة أخرى إلى التحكم في باب المندب و... فإذا بعاصفة الحزم وضعتهم عند حدّهم. وهذا أيضا واقع جديد.

وفي الداخل الإيراني تتعالى الأصوات الشعبية مطالبة بالحقوق المسلوبة عنهم ويعترف النظام في مجالات مختلفة بأنه عجز عن قمع أصوات الشعب، كما أن عدد ووتيرة الإعدامات تضاعف عما كان قبلها. وفي الوقت نفسه الصراعات الداخلية في قمة النظام تتعمق أكثر من أي وقت آخر حيث صرخ أحد نواب مجلس الملالي المحسوب على خامنئي في وجه محمد جواد ظريف ووصفه بـ «الخائن» للوطن! وهذا واقع جديد.

وفي كل هذه المجالات للنظام موقف وللشعب والمعارضة موقف أخر متباين تماماً مع موقف النظام.

ففي القضية النووية، النظام بصدد إلهاء الغرب واستخدام سياسة التماشي والمسايرة لدي الغرب وأميركا للتقدم بمشروعه النووي ويعتبر هذا المشروع مشروعاً وطنياً فيه مصالح الشعب، لكن الشعب له رأي آخر، فبدل شعار «الطاقة النووية حق مسلّم لنا» الذي يطلقه النظام والتابعون له، اطلق العمّال شعار «الحد الأدنى من الأجور حق مسلّم لنا»، والطلاب يطلقون شعار « الحرية حق مسلّم لنا»، وأهالي&خوزستان أطلقوا شعار «الهواء النقي حق مسلّم لنا» أو... وهذا معناه أن المشروع النووي مشروع لاوطني ولاعلاقة للشعب فيه، والمجاميع الغفيرة التي يأتون إلىٴ ملتقى المقاومة الإيرانية| في 13 حزيران يؤكدون على موقف السيدة مريم رجوي في هذا المجال بأننا نريد إيران خالية من النووي.

وفي مجال التوسع والتمدد إلى الدول الأخرى من العراق واليمن وسوريا وغيرها فالشعب يقف ضد هذا التوجه حيث أبناء الشعب الإيراني في انتفاضة عام 2009 وفي اليوم الجمعة الأخير من شهر رمضان المبارك الذي سمّاه النظام دجلاً بـ «يوم القدس»، اطلق المتظاهرون «لا غزّة ولا لبنان نفدي من أجل إيران» وهذه الفكرة مطروحة لدى أبناء الشعب الإيراني منذ ذلك الوقت وقبله وبعده.

وفي ما يتعلق بالداخل الإيراني فالشعب يريد الحرية والديمقراطية والكرامة والعيش بسلام وأمان والتعايش مع الجيران على أساس الأخوة والصداقة وعدم التدخل في شؤون الآخرين.

نعم الشعب الإيراني يريد إسقاط النظام الذي لم يجلب له سوى القمع والحروب والإعدام والغلاء والفقر والبطالة وتلويث البيئة وغيرها من المآسي. والجموع التي تتوافد إلي فيلبنت يوم السبت القادم تحمل بشائر هذا التغيير.