&
&
كانت صحيفة الفينانشيال تايمز البريطانية أول من حذر عبر إفتتاحية عدد الجمعة 27 مايو الماضي ، من النتائج الكارثية التى ستترتب علي إختيار نتنياهو لـ " أفيجدور ليبرمان " وزيراً للدفاع حين قالت أنه " سينحرف بسياسات إسرائيل ناحية اليمن أكثر وأكثر وسيزيد من مؤشرات توترها الحالية مع الغرب وسيزيد من تراجع علاقاتها الدولية ومن ثم عزلتها التى تعاني منها ، والأهم من ذلك أنه سيقضي علي ما بقي من مساعي دولية تعمل علي عودة محادثات السلام بينها وبين الجانب الفلسطيني " ..&
ماضي المهاجر الروسي أفيجدور ليبرمان - من مواليد " مولدافيا " عام 1978 - يدل عليه منذ اختياره لمنصب " مدير عام حركة ليكود عام 1996 مرورا بتوليه منصب مدير عام ديوان رئيس الوزراء نتنياهو عام 1996 وتأسيسه لحزب " اسرائيل بيتنا " عام 2001 .. فهو في كل هذه المراحل نموذج للمستعمر الذي يري أن القوة العنصرية الدموية المتطرفة هي التى تقدر وحدها علي فرض الإستقرار ، يشهد علي ذلك موقفه من كافة القوي الفلسطينية المناضلة التى يري أن القضاء عليها قضاءاً مبرما " ومرة واحدة " سيجلب الأمن لشعب إسرائيل ..&
ناهيك عن أرض هضبة الجولان السورية التى أيد ضمنها للدولة الاحتلالية قبل نحو شهر بعدأان عقد رئيس الوزراء إجتماع وزارته فوق أراضيها المحتلة ، وموقفه الإستعماري من مزارع شبعا اللبنانية و وادي الأردن .. وأيضاً رؤية للعلاقات مع مصر التى هدد بتدمير سدها العالي وشجع علي ترحيل المتطرفين إلي سينائها لكي يوجهوا سلاحهم إلي شعبها ، وهاجم قواتها المسلحة ورفض زيادة قدراتها التسليحية بصفة عامة وفي سيناء علي وجه الخصوص ، وساند الإدارة الأمريكية في موقفها المتعنت غير العقلاني من نظام الحكم الحالي ..&
الرجل عدواني بطبعه ، ويشهد سجله بوزارة الخارجية – التى تولاها في مارس 2009 تحت رئاسة نتنياهو - انه طبع سياسات دولته الإستعمارية بكل ما هو مخالف للقانون الدولي والعلاقات السوية بينها وبين العديد من الدول حتى الغربية منها ..&
توابع إختياره وزيراً للدفاع ..&
في الداخل إستقال أفي جاباي وزير البيئة – من اليمين الوسط - في الحكومة الإسرائيلية ، وبرر ذلك قائلا " أن مثل هذا التعيين سيجعل حكومة البلاد أكثر تطرفاً وسيؤثر سلباً علي علاقاتنا مع العالم وبالذات مع الدول الديموقراطية الغريبة " ..&
وهذا صحيح إلي حد كبير ..&
فمعظم دول أوربا الغربية لم تكن نستريح للتعامل معه " لأنه فج وليس لديه القدر المناسب من الدبلوماسية " ولا يملك " مهارات تبادل الرأي ولا القدرة علي الإنصات للآخر " ويسعي بكل الوسائل " لفرض وجهة نظره أحادية الرؤية " .. &
ما هي نقاط الخلاف التى تنامت بين نتنياهو ووزير دفاعه السابق موشيه يعلون ، والتى دفعته للإستقالة ؟؟ ..&
لم يختلف الرجلان علي سياسات الحكومة الداخلية حيال فلسيطينوا 48 ولا حول سياساتها العنصرية حيال الشعب الفلسطينى في الضفة أو في القطاع ، الخلاف كما تقول وسائل الإعلام الإسرائيلية كان حول الملف السوري من ناحية والعلاقات مع مصر من ناحية أخري ..&
يعلون يؤيد عدم الإنغماس أكثر من اللازم في الملف السوري ويقف في صف فريق المستشارين الذي ينصح بالتريث " حتى تسقط آخر الأوراق ويتشكف المسرح عن القوي الفاعلة " .. هو لا يؤيد وجهة نظر القوي الإقليمية والدولية المؤثرة في هذا الملف ، ولكنه لا يريد أن تجني إسرائيل عداوة أي منها قبل أن تنتهي معارك سورية الداخلية .. ونتنياهو يري عكس ذلك ..&
وحرص علي أن يعمل منذ توليه مسئولية وزارة الدفاع علي الإبتعاد عن التعليق عبر وسائل الإعلام الإسرائيلي وبعض الوسائل الأوربية علي إتفاقات التسليح الخاصة بالقوات المسلحة المصرية التى وقعتها القاهرة مع فرنسا والمانيا وروسيا في هذا الخصوص .. وليس معني هذا انه يناصر القاهرة ويؤيد توجاتها التسليحية ومنهاج تطويرها لمنظومتها القتالية ، ولكن معناه أنه لا يرحب بالتصريحات الإعلامية التي لا طائل من ورائها ، أما نتنياهو فيري عكس ذلك ولا يهمه توتير العلاقات مع القاهرة او باريس او واشنطن أو غيرها ..&
نقول ..&
بالإضافة إلي توافق رمزي الاحتلال والعنصرية نتنياهو وليبرمان في القدرة علي تحويل الأنظار عن حقائق ممارسة قوات إسرائيل المسلحة الإجرامية تجاه شعب فلسطين المحتله في القطاع والضفة وحيال أرض الجولان السورية ، يفضل الرجلان الصوت الصارخ والتعبيرات المنفلة التى تؤكد أن إسرائيل لا تضع اعتبار للآخرين أي كانوا .. ويكشف عن أيمانهما العميق بنظرية الحكم التى تقول أن شعب إسرائيل المنقسم علي نفسه حول العديد من القضايا الداخلية والمتخاصم مع ذاته حيال العالم الخارجي " لن توحده خلف حكومته اليمينية المتطرفة ، إلا حرب خاطفة " ..&
الحرب المقصودة هذه المرة حرب سياسية ترتكز علي فرض شروط إسرائيلية مجحفة بهدف تفريغ مبادرة السلام العربية من مضمونها بعد أن نجح رئيس وزارء إسرائيل بمفرده في الضغط علي باريس لكي تؤجل علي مضض توقيتات مبادرتها عن الموعد الذي سبق ووافق عليه ووعد بالإلتزام به ..&
تحالف نتنياهو / ليبرمان إعترف ان المبادرة العربية " بها عناصر إيجابية بإمكانها أن تساهم في تقوية مسار التفاوض مع الجانب الفلسطيني " .. وأعلن في نفس الوقت أنه يخطط لتعديل بعض بنودها " لكي تتوافق مع التغييرات السياسية والاجتماعية التى شهدتها المنطقة منذ عام 2002 وحتي اليوم !! بمعني انه يسعي للإستفادة من العجز العربي الذي تضاعف بخروج العراق وسوريا من المشهد السياسي الكلي للمنظومة العربية ..&
تحالف نتنياهو / ليبرمان يتوافق منذ اللحظة الأولي علي التلويح بقبول مطلب " إقامة دولتين للشعبين " في مقابل التفاوض والحوار الجدي مع كل الجيران " من لهم علاقات دبلوماسية معها وايضا مع من لها معهم علاقات خفيه مستترة غير معترف بها !! ليس من أجل الإقرار بحق الشعب الفلسطينيى في التحرر من نير الاستعمار ومن ثم إقامة دولته المستقلة ، ولكن وقبل كل شئ من أجل الإعتراف العربي بكفالة زضمان أمن وسلامة المجتمع الإسرائيلي ..&
هذا التحالف يضغط علي القوي الدولية لكي تُعضد أجندته التفاوضية مع الجانب العربي التى تقوم علي ..&
1 – رفض مبدأ الإنسحاب الكامل من الأراضي العربية التى أحتلت عام 1967 وهي : الضفة وقطاع غزة وهضبة الجولان السورية ومزارع شبعا اللبنانية ..&
&2 – رفض مطلب عودة اللآجئين وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 لسنة 1948 ، وإستبداله بقرار دولي يفرض توطينهم حيث يقومون الأن خاصة في لبنان والاردن وسوريا ومصر ..&
3 – التفاوض المباشر حول قيام دولة فلسطينية فوق مساحات - يتفق عليها لاحقاً - من أراضي الضفة والقطاع ، ليس بالضرورة أن تكون عاصمتها القدس الشرقية ..&
إذا تمكن هذا التحالف من فرض أجندته تلك ..&
فلن يكون في حاجة إلي إعتبار النزاع العربي الاسرائيلي منتهيا ، كما تنص المبادرة العربية ، &لأنه استطاع ان يهمشه منذ عدة سنوات حتي أوصله إلي أدني مستوياته ..&
ولن يكون في حاجة إلي استصدار قرار من مجلس الامن لدعم ما ستتمخض عنه المفاوضات بينه وبين العرب من قرارات قابلة للتطبيق ، لأنه قادر علي حماية مكتسباته ..&
السؤال اليوم ..&
هل ستقبل الدول العربية بفكرة التفاوض وفق هذه الاشتراطات الإسرائيلية ؟؟ ..&
لدي قدر هائل من الشك الذي أزعم انكم تشاركونني إياه ..&
&
التعليقات