نعى الناعي صباح هذا اليوم رحيل صديق اثير على نفسي هو الكاتب السوري المبدع ، ياسين رفاعية، الذي ربطتني به علاقة من الود والصداقة زادت عن اربعين عاما، تواصلت فيها علاقتنا، دون انقطاع، واعتبرته دائما شقيقا لروحي ورفيق درب قريب من نفسي، لانه يتميز بالشفافية ومحبة الناس، والنقاء، ولا وجود لدرة خبث ولا كراهية ولا حقد في نفسه، وانما موهبة تفيض على ما حولها ، ونبع ثر غزير العطاء، كتب القصة القصيرة التي بدا بها حياته الادبية في المجموع التي شكلت شهادة ميلاده الادبي عام 1960 "الحزن في كل مكان"، ثم واصل الكتابة الابداعية متنقلا بين القصة القصيرة والخاطرة الشعرية والرواية التي انجز منها حصيلة كبيرة تميزت كلها بالاتقان وعمق المعالجة، واستقبلها المجتمع الادبي باحتفاء وترحيب، ووضعت كاتبها على خريطة افضل الروائيين العرب في العصر الحديث.

تعددت المحطات التي كانت موضع لقاء ورفقة طريق، فبعد صداقة نشات في &المؤتمرات الادبية التي عقدت في اواخر الستينيات واوائل السبعينيات، اصدرنا مجلة الثقافة العربية ، في بيروت ، والتقينا اثناء التحضير لها وفوق صفحاتها، وكان ياسين رفاعية احد اكثر كتابها اسهاما، بل كان المسئول مسئولية مباشرة عن بلوغها مستوى من الرقي والاتقان بما كان يجلبه لها من صيت وسمعة، ورغم انني توليت رئاسة تحرير المجلة ، الا انه كان هو عمادها الاساسي الذي انجز لها مقابلات &مع شخصيات تاريخية مثل امين نخلة وميخائيل نعيمة ، وهو الذي جلب لها قلما شهيرا عظيما لينشر مقالاته فوق صفحاتها هو نزار قباني، &وكان &يسالني باعتباري صديقه ان احظى معه بمعرفة هؤلاء الادباء، وفعلا فاتني ان اذهب معه للقاء ميخائيل نعيمة، ولكنني حرصت بعد ذلك على مرافقته لادباء كبار في بيوتهم كان اهمهم في تلك الفترة البيروتية ، التردد على الشاعر العملاق نزار قباني في بيته.
المحطة الثانية كانت لندن، فقد سافر اليها هاربا من الحرب الاهلية في بيروت، وهناك اتاح له صديقه خلدون الشمعة مركزا في مجلة يرأس تحريرها اسمها الدستور، وكنت التقي به لقاءات يومية في لندن، خلال مدة اقامته بها ، ولكنه كان قلقا ، غير قادر على الانسجام مع الحياة في الغرب، فما ان تحققت بوادر انفراج بعد اتفاقية الطائف حول لبنان، حتى عاد الى شقته التي احتفظ بها في شارع الحمرا، وهناك كنت التقي به واسافر لكي احظى يرفقته، وكنت اتردد عليه كلما اتاح لي الوقت زيارة بيروت، وكنا نلتقى في غير بيروت ، في دمشق وفي طرابلس وفي القاهرة ، وتحولت عائلته الصغيرة الى عائلة لي ، &فهناك اختنا في الله الشاعرة والكاتبة القصصية امل جراح ، التي كانت انسانة اشبه بالملاك، وقد رحلت بسبب مرض القلب، وعاش بعدها ياسين كسيرا لانها كانت تمثل له حب حياته ورفيقة عمره ، وكان له منها ابنته لينا التي عملت اعلامية في التلفاز قبل ان تضع رحالها في لندن وتتزوج وتنجب هناك لكن داء لعينا اصابها فمثل رحيلها الفاجعة الثانية في حياة صديقي ياسين رفاعية، وبقى له ابنه بسام، وقد اختار لندن مكانا لاقامته، &الا انه لم يترك والده الذي يتردد عليه كلما تيسرت الامور في بيروت، وكان وهو يعيش بمفرده في شقته البيروتيه محاطا ومشمولا برعاية اخوات وابناء وبنات اخواته يرعينه ويقمن معه في بيته خاصة اذا كان يعاني من حالة مرضية ، فلم يكن بعيدا ابدا عن دائرة العطف والحنان العائلية حتى بعد غياب ابنته وغياب زوجته.
ولعلي كنت مقصرا &في متابعة ابداعه الادبي، بالقدر الذي كان هو يحتفى بما اكتب وينشر عنه المقالات والمراجعات النقدية واستطيع ان اجمع كتابا مما كتبه عني من مقالات كدليل على المكانة التي يحتفظ بها لي في قلبه وعمق ما بيننا من اعجاب متبادل بانتاجنا الادبي ومحبة وود على المستوى الانساني.
رحل الصديق العزيز والاديب الاريب ياسين رفاعية الى عالم الارواح الابدي، لكنه سيقى يدرج بيننا، &عائشا في اعماله الابداعية وهنا سرد بها كما ورد في &صفحة عن ترجمة حيات - "الحزن في كل مكان" - 1960 - قصص. - "جراح" - 1961 - شعر. - "العالم يغرق" - 1977 - قصص. - "الممر" - 1978 - رواية. - "العصافير" - على 3 طبعات - 1979. - "العصافير تبحث عن وطن" - 1979 - قصص للأطفال. - "الرجال الخطرون" - 1979 - قصص. - "الورود الصغيرة" - 1980 - قصص للأطفال. - "نهر حنان" - 1983 - قصص. - "لغة الحب" - 1983 - شعر. - "وردة الأفق" - 1985 - رواية. - "دماء بالألوان" - 1988 - رواية. - "رفاق سبقوا " - 1989. - "الحصاة" - 1990 - قصص. - "رأس بيروت" - 1992 - رواية. - "امرأة غامضة" - 1993 - رواية. - "حب شديد اللهجة" - 1994 - شعر. - "كل لقاء بك وداع" - 1994 - شعر. - "أُحبك وبالعكس أُحبك" - 1994 - شعر. - "أنت الحبيبة وأنا العاشق" - 1996 - شعر. - "أسرار النرجس" - 1998 - رواية. - أصدر رواية ترجمت إلى الإنكليزية بعنوان "مصرع الماس".ه
&رحم الله الكاتب الكبير والانسان الجميل والصديق العزيز ياسين رفاعية
&