& & & & & & & & & & & & & & & & & & &

يمرالعراق ومعه المنطقة &بمخاض عسير وإنعطافة كبرى تجعل الابواب &مفتوحة على جميع الاحتمالات، فما ستؤول له الاوضاع في العراق سينتقل حتما الى باقي دول
&المنطقة، فما ابقى العراق كدولة (وإن كان شكليا) حتى الآن هي المظلة الاميركية، فهذه المظلة هي التي أنقذت بغداد من السقوط بيد داعش قبل عامين، وهي التي تجبر العالم على التعامل مع بغداد كدولة كاملة السيادة ولولاها لكان وضع العراق مشابه للوضع السوري وربما أسوأ بكثير.
حراك الاحزاب والتيارات العراقية لايمكن فصله باي شكل من الاشكال عن صراع المحاور لدول المنطقة &التي تحركها من خلف الستار الدول الكبرى، فجميع الاحزاب العراقية ترتبط بإجندات خارجية تمثل المصالح المتقاطعة لتلك الدول وليس المصلحة الوطنية للبلاد، فحراك مقتدى الصدر مؤخرا لايمكن فصله عن الإجندة الإيرانية التي تلعب بالصدر وباقي أحزاب الاسلام السياسي وتحركهم بما يخدم مصالحها ويؤمن تشديد سيطرتها وتوسيع نفوذها في العراق.
الصدر ركب موجة التظاهرات والإحتجاجات التي انطلقت من البصرة الصيف الماضي، بسبب غياب الكهرباء وباقي الخدمات، لتعم هذه الإحتجاجات وبسرعة بغداد و جميع المحافظات ذات الغالبية الشيعية وكانت تهدد نظام المحاصصة الطائفي بالإنهيار، لكن إيران سارعت لأستغلالها من اجل ضبطها والسيطرة عليها ومن ثم مصادرتها وتجيرها لمصلحتها لاسيما وان الحراك الشعبي ومنذ إنطلاقته يرفع شعارات مناوئة لطهران &ونفوذها في العراق، &وكالعادة فإن &طهران تستخدم وبشكل دائم مقتدى الصدر لمثل هذه المهمات، في سيناريو يشابه ما فعلت مع مظاهرات عام 2011 .
لكن إيران اليوم غير إيران قبل خمس سنوات فهي تواجه صراعا داخليا على السلطة ومحاولات حثيثة من داخل النظام لتحديد صلاحيات وسلطة الولي الفقيه علي خامنئي، لاسيما في ظل تصاعد شعبية مايسمى بالجناح الإصلاحي الذي يمثله الرئيس حسن روحاني، الذي أصبح يهدد سلطة ونفوذ المحافظين، فضلا عن نجاحه في فتح النقاش حول منصب المرشد وصلاحياته لأول مرة منذ الثورة الايرانية عام 1979.
&وواحدة من طرق المحافظين الذين يتحكمون بالمؤسسة العسكرية والامنية الإيرانية، للضغط على روحاني والاصلاحيين وإظاهرهم بمظهر العاجز عن الايفاء بإلتزاماتهم مع المجتمع الدولي، هي خلق أزمات مع واشنطن من خلال أفشال أو على الأقل عرقلة جهودها في أصلاح النظام السياسي في العراق .
&كما ان الجناح المتشدد في النظام الإيراني والذي يمثله خامنئي غير راض عن أدء رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ويعتبر انه يميل الى المعسكر الاميركي –العربي، ويستغل الدعم الاميركي &في التحرر ولو قليلا من هيمنة طهران وأضعاف قبضة وتحكم رئيس الوزراء السابق &نوري المالكي الموالي لخامنئي، بغالبية مفاصل &المؤسسة الامنية العراقية والحشد الشعبي فضلا عن "حزب الدعوة" وكتلة "دولة القانون " النيابية.&
&لذلك فإن إيران حركت الصدر والمالكي كلا على انفراد لركوب موجة الإحتجاجات الشعبية وعرقلة الحكومة والبرلمان بذريعة الإصلاح &وتحت شعارات التغيير ومحاربة المحاصصة الطائفية والفساد، وما هي في الحقيقة إلا محاولة للاطاحة برئيس الوزراء حيدر العبادي وتغييره بشخصية أكثر ولاءً لطهران، أو على الأقل اجباره على الطاعة الكاملة وغير المنقوصة للولي الفقيه الايراني.
المتابع للشأن العراقي بعد عام 2003، يعرف ان مقتدى الصدر هو الأشد طاعة لإيران بين عمائم السلطة ، فضلا عن إن ركوب موجة الحراك الشعبي &مثلما كانت حاجة إيرانية لإعادة ضبط إيقاع الاحزاب والشارع الشيعي، كانت تمثل فرصة عظيمة وحاجة ذاتية للصدر لإستعادة هيبته المفقودة منذ عام 2008، &وايضا لتوجيه رسالة لطهران بانه الأقوى والاقدر على &حماية مصالحها &وهو وليس غيره من عليها ان تجعله حسن نصر الله العراق.&
الصدر هو أخطر شخص ليس على العراق فحسب وانما على المنطقة برمتها واذا عاد الى قوته وسيطرته على بغداد والمحافظات ذات الغالبية الشيعية &كما كان قبل عام 2008، فستستخدمه إيران في زعزعة أستقرار دول المنطقة من خلال إشعال حروب طائفية وأثنية يصعب إخمادها.
&
* صحافي وكاتب عراقي مقيم في فرنسا