&
بالنسبة لمن يربط الأحداث ويعمل على المقارنات الراهنة، فلا شك بأنه سيلاحظ بأن ما حدث في دوز خورماتو لا يكشف النقاب عن النسخة الشيعية من الدواعش الجدد االمسمون بـ: (الحشد الشعبي) فقط، إنما الحدث وتقاطع مصالح الخصوم الظاهريين يشير أيضاً إلى أنه بإمكان العدوين اللدوين ( الحشد الشعبي ـ ودولة البغدادي) وبكل سهولة أن يتوافقا ويتحدا على حدود اقليم كردستان العراق، باعتبار أن هجمات داعش على كوباني وشنكال وغيرها من المناطق الكردية لم تُنتسى بعد، طالما أن مفعول الاتفاقيات الأمنية فيما يخص الكرد بين كل من ايران وتركيا والعراق وسوريا لم ينتهي بعد.
ومن ناحية أخرى فإذا ما راجعنا شريط الذاكرة قليلاً فسنتذكر جيداً محاولات النظام السوري المستميتة لجعل اقليم كردستان خط عبورٍ للمقاتلين الشيعة للمرور الى سوريا لمناصرة طاغية دمشق ومؤازرة جيشه الذي أعلن الحرب على شعبه منذ 2011، حيث لم تسمح حكومة الاقليم لنفسها رغم كل محاولات االنظامين السوري والايراني بأن تكون سبباً في إراقة دماء الأبرياء في سوريا، وقد قطع الاقليم الطريق على الميليشيات الإجرامية لأن تدخل الى سوريا من خلال الاقليم، ولم تساهم حكومة الاقليم في استكمال مشروع الهلال الايراني الطائفي.
&وهو ما أكده القيادي في بيشمركة اقليم كردستان العراق حسين يازدان بنا الذي كشف يوم الأحد، بأن قرابة ألف عنصر من حزب الله اللبناني مدججين بالأسلحة الثقيلة والصواريخ وصلوا إلى منطقة تازة جنوب كركوك للانضمام إلى ميليشيات الحشد الشعبي بهدف السيطرة على كركوك، لافتاً إلى أن وجودهم في المنطقة يأتي ضمن الخطة الإيرانية للسيطرة على كركوك والموصل، ومن ثم الوصول إلى الحدود السورية براً لاستكمال الهلال الشيعي الذي تخطط له طهران منذ زمن.
علماً أننا إذ إذا ما نظرنا إلى الشكل الظاهري لعلاقة اقليم كردستان العراق بالنظام الايراني نتذكر على الفور قول المتنبي: "إِذا رَأيتَ نُيُوبَ اللّيثِ بارِزَةً &فَلا تَظُنَّنَ أَنَّ اللَيثَ يَبْتَسِمُ" وذلك باعتبار أن العلاقات الاقتصادية والتجارية والسياسية بين ايران وإقليم كوردستان وبين إيران وبعض الأحزاب الكردستانية الأخرى تبدو للناظر جيدة جداً، ولكن إذا ما قرأنا الجانب المخفي من علاقة الجارين، فإن إيران تضيق ذرعاً بالديمقراطية الناشئة على جوارها، بل والأمان القومي الذي يعيشه الكرد هناك يقلق راحتها جداً، بما أنها بطريقة غير مباشرة تساعد على زيادة تلمس الذات القومية لدى كرد إيران، وفوقها لا تزال إيران جزء من الدول التي بينها اتفاقيات سرية تقتضي التعاون معاً ضد الكرد أينما قامت لهم قائمة، وذلك في حال إذا ما استشعر أحد أطراف الاتفاقية بالخطر الكردي حسب اتفاقيتهم.
كما لا يخفى على كل متابع لأعمال تنظيم داعش واستهدافه المتواصل للاقليم منذ العام الماضي، بأن العدو الأول في قائمة دواعش الفرع العراقي حسب المعطيات هو اقليم كردستان، ولكن يبدو أنه بعد أن تم تقليم أظافر داعش وتقلص قواته بفضل ضربات التحالف الدولي، أرادت الدول الاقليمية الممولة لتلك المنظمة الإرهابية إيجاد بديل سريع له، وذلك على أمل استكمال ما بدأه الدواعش، وحالياً حسب المعطيات والوقائع يظهر بأن الرديف أو البديل الجاهز لداعش البغدادي هم دواعش(الحشد الشعبي).
باعتبار أن الدول التي تقتسم كردستان جميعها شاركت بطريقة وأخرى في خلق الدواعش ودعمهم بالمال والسلاح والأوادم، وذلك علّه يقوم بما يريدونه نيابة عنهم، وبعيداً عن أية تبعات قانونية لقذارة أعمالهم، كما أن حكومة بغداد التابعة لسلطة الحاخامات في قم، لا تزال تقوم بعملية مزدوجة تتمثل في قطع الامدادات الرئيسية من ضمنها الرواتب عن اقليم كردستان، وبنفس الوقت تعمل حكومة العبادي على اغراق كوردستان بملايين اللاجئين ليعاني الاقليم من الضائقة الاقتصادية والاستمرار بالحصار علّ الاقليم على أثر ذلك يعلن الافلاس وبالتالي يستسلم لشروطهم &ويُخضعوا من جديد الاقليم لسلطانهم كما السابق.&
وفي سياقٍ مماثل ولكي لا ننسى الاتفاقيات الامنية بين الدول الاربعة التي تقتسم المناطق الكردية، يمكننا العودة أيضاً الى ما أشار إليه المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن، يوم الاثنين حول الاشتباكات التي دارت بين قوات البيشمركة والحشد الشعبي الشيعي في قضاء دوزخورماتو، وقوله "بأنّ المنطقة تستحوذ على حساسية خاصة بالنسبة لتركيا"، علماً أن الحشد الشعبي كما يعرف الجميع هو فصيل شيعي طائفي، وهو بمثابة الوجه الآخر للداعش السني، إذ أن السيد قالن ربما لم يود إظهار تذمره من تقهقر الحشد الداعشي في دوزخورماتو، إنما اكتفى بالقول بأن المنطقة لها حساسية عندهم، باعتبارها منطقة تركمانية وفق تصريحه، وحسب تصوري أن قالن أضاف كلمة التركمانية لتحوير المضمون وإخفاء الجانب الحقيقي من حساسيته تجاه ما حدث ويحدث هناك.
عموماً فعدوان الدواعش الجدد في دوزخورماتو وتوحش دواعش البغدادي قد لا نستغربه إذا ما عرفنا الأطراف الاقليمية التي تدعم الداعشين معاً، ولكن الذي لا يقل ضرراً عنهما في المشهد، هو ذلك الطرف الكردي الذي يحاول استغلال انشغال البيشمركة في أكثر من جبهة مع الحشد الشعبي من جهة وجماعة البغدادي من جهة أخرى لينشغل به وبمخططاته بين الفينة والأخرى، إذ أن حزب العمال الكردستاني وبالرغم من لباسه العلماني، إلا أنه غدا لِمن يتابع تحركاته أشبه بأداة طيّعة بيد هذا المحور الطائفي الممثل بنظامي (دمشق ـ &قم)، إذ أن هذا الفصيل الكردي بدا في الآونة الأخيرة حريصاً جداً ليكون مع الحشد الشعبي جزءاً من القوات التي ستحرر الموصل، وذلك عبر تصريح القيادي في حزب العمال الكردستاني عكيد كلاري بأن 4 آلاف من مقاتلي الحزب يستعدون لخوض معركة تحرير مدينة الموصل.
ويبدو أن هذا الحرص من جانب العمال الكردستاني لمشاركة الحشد الطائفي سببه الرئيس هو وجود علاقة خاصة بين الحكومة العراقية وحزب العمال الكردستاني، حيث كانت قد ذكرت مصادر أمنية في إقليم كردستان العراق أن قواتها ضبطت في كانون الثاني الماضي شحنة أسلحة قادمة من بغداد، ومتجهة إلى جبال قنديل، كما كشف مسؤول في وحدات الدفاع عن سنجار والتابعة للحزب نفسه، عن اتفاق الحزب مع الحكومة العراقية على توفير أسلحة لمقاتليه، وهو ما يشير إلى ترابط ووجود علاقة من نوعٍ ما بين إعلان حزب العمال الكردستاني جاهزيته لمعركة الموصل، وبين أجندة حكومة بغداد الخاصة بمشاركة الحشد الشعبي الطائفي.
والسؤال الذي يطرح نفسه يا ترى لماذا لا يذهب حزب العمال الكردستاني بقواته تلك الى تركيا لفك الحصار عن المدن الكردية &التي تتعرض للقصف والدمار في نصيبين وشرناخ؟ ومهتم بأمر مدينة الموصل التي لم تطلب مساعدتهم، ولِماذا لا يتحرك هذا الفصيل إلّا وفق تطابق مصلحة كل من النظامين الايراني والاسدي لهما في معظم تحركاته العسكرية في كل من سوريا والعراق؟ &
لذا وملئ جعبتنا الاستغراب ترانا نقول: بأننا إذ ما آمنا فعلاً بأن دواعش (عفلق) ودواعش (قم) لهما مصلحة مشتركة في إضعاف الكرد أو محاربتهم أينما كانوا إذا ما اقتضت ضروراتهم الاستراتيجية، فما هو الرابط الايديولوجي أو النَسبي إذاً بين كل مِن أقطاب حزب العمال الكردستاني والدواعش بشقيهما أي ( دواعش دولة الخلافة البغدادية ودواعش الحشد الشعبي الشيعي)
وختاماً متأسفين نقول بأن موقف قيادات هذا الحزب الكردي مِن اقليم كردستان وحكومته ولعشرات المرات ظل ولا يزال أشبه بموقف الابن الطائش والمتمرد الذي عادةً ما يتم تحريضه مِن قِبل الجيران على الأهل، الابن الذي يلهي أهله بمواضيع ثانوية تافهة ليشغلهم بذلك عن الهدف الأسمى الذي يعمل الأهل عليه، ويبعدهم بالتالي عن المشروع الرئيسي الذي ينوون تحقيقه، وقد تبين مِراراً بأن الأهل عندما يكونون منهمكين في أكثر مِن جبهة ومع عدة جهات معادية، سرعان ما يأتي الابن المتمرد فجأة إما لينتهز الفرصة على أمل تحقيق مكاسب حزبية صرفة، أو ليُلهي الأهل ويُضعف موقفهم في كل مرحلة فاصلة، إذ وكأن هذا الابنُ خُلق منهم ليكون ضدهم، وليس ليكون عوناً لهم، كما ينبغي للأبن أو الأخ أن يكون!.
&
التعليقات