قبل 28 عاماً كنت ومعي الالاف من ابناء شعبي وسط مسرح الجرائم (كردستان)، وشاهدت بأم عيني تلك الجرائم التي كانت ترتكب من قبل النظام العراقي البائد بحق الابرياء في الثمانينات من القرن الماضي وتحديداً في (عام الأنفال ـ 1988).
كانت الجحوش في مقدمة قوات الجيش النظامي الصدامي، وقد رأيت بعيني تلك القوات المهاجمة ( الجيش والجحوش ) وهي تنهب وتفجر الينابيع والابار والكهاريز، وتُهدم المساجد والكنائس والأديرة، وتحرق بيوت القرى، وتسلب مواشيها ليقطعوا أمل أهلها في الرجوع إليها.
كما استخدموا الاسلحة الكيمياوية وامطرونا بالقنابل (العنقودية) والراجمات وصواريخ الطائرات والمروحيات التي كانت تحرث الارض حرثاً.
لقد أوكلت قيادة هذه الجرائم إلى المجرم المعدوم علي حسن المجيد (المعروف بعلي الكيمياوي) والتي نفذت بثمانية مراحل دموية بدأت في وادي جافاتي (في محافظة السليمانية ) في 19 شباط 1988 وانتهت في بادينان في 6 ايلول من نفس العام والتي عرفت في قاموس النظام البائد ﺒ(خاتمة الانفال )، وشاركت فيها قوات الجيش العراقي والقوى النظامية بصورة مباشرة، منها (الفيلق الأول الذي كان مقره في كركوك، الفيلق الخامس الذي كان مقره في أربيل)، القوة الجوية، القوات الخاصة، الحرس الجمهوري، قوات المغاوير، دوائر الأمن والمخابرات والاستخبارات العسكرية و وأفواج ما يسمى بالدفاع الوطني (المعروفين شعبيا باسم الجحوش) ، أقسام الأسلحة الكيمياوية، بالاضافة الى جميع الدوائر الخدمية التي وضعت في خدمة تنفيذ هذه الجريمة. ( راجع وثائق وكتب وتقارير امر الفيلق الخامس واللواء الركن المدعو ( يونس محمد الضارب ) والتي اعتمدت عليها بشكل رئيسي في قضية الانفال كوثائق دامغة وصادرة من ( قائد عمليات الانفال ).
كما قامت النظام البائد وخلال تنفيذ جريمة الأانفال الاكثر من سيئة الصيت، بتدمير الاف القرى والقصبات ودفن عشرات الألاف من المواطنين الكردستانيين العزل في قبور جماعية في مناطق نائية من العراق، بالاضافة الى اجبار قرابة نصف مليون مواطن كردي عزل ( من اهالي القرى والقصبات المغدورة ) على الاقامة الجبرية في المجمعات القسرية المعزولة والشبيهة بالمعتقلات النازيين...... !!
وعليه وفي الذكرى السنوية لجرائم الأنفال( 14 نيسان 2016 )(1 ) نطالب مجددا الاحزاب الكردية المتهمة باحتضان والتستر على القسم الاكبر من المتورطين الكرد من (مستشاري وكبار منتسبي افواج الجحافل الخفيفة ـ الجحوش) المتورطين بضلوعهم في جرائم الأنفال، والذين صدرت بحقهم مذكرات اعتقال من قبل المحكمة الجنائية العراقية العليا الخاصة بجرائم الأنفال منذ سنوات و التي تقدر عددهم باكثر من(258 من مجموع 423 ) متهم في قضية الانفال.
كما نطالب بفتح قضية مستقلة بحق هؤلاء المتهمين الذين وردت اسماؤهم أثناء التحقيق والمحاكمة في جريمة الأنفال وتقديم اسماء وصور الهاربين منهم الى خارج الاقليم الى الشرطة الدولية (الانتربول وفق القوانين الدولية المعمول بها) لالقاء القبض عليهم وتسليمهم الى المحكمة الجنائية العراقية المختصة ومحاكمتهم جراء ما اقترفوه من جرائم الإبادة الجماعية.
لا يوجد اي مبرر لعدم تنفيذ قرارات المحكمة الجنائية العراقية العليا الخاصة بجرائم الانفال، فهي واضحة جدا ولا تحتاج الى تفسير، هناك اكثر من ( 423 ) مطلوبأ بجرائم الأبادة الجماعية ( الانفال )، ومن بين ابرز المطلوبين عدد من (مستشاري افواج الجحافل الخفيفة ، الجحوش وامراء المفارز الخاصة الذين ذكرت اسمائهم في جريمة الانفال الى جانب كبار مسؤولي النظام البعثي البائد ممن شاركوا في القتل والذبح والابادة الجماعية وسهّلوا للقوات العراقية الدخول الى قصبات ومدن ونواحي وجبال وسهول كردستان ونفذوا جميع المهام الموكولة اليهم بالكامل وارتكبوا ابشع الجرائم بحق ابناء شعبهم ( راجع صحيفة الثورة الرسمية لحزب البعث البائد العدد 6536 الصادرة في 17/4/1988 والتي ذكرت فيها اسماء 77 مستشار شاركوا في جريمة انفال منطقة كرميان فقط ).
ان رؤية هؤلاء المتهمين احرارا وهم يتمتعون بالحقوق والامتيازات بعد ان تم احتضانهم من قبل بعض الاحزاب الكردية يتسبب بالام واحزان لذوي المؤنفلين والشهداء من جهة، ومن جهة اخرى يزيد الشكوك بمصداقية ووطنية وتاريخ الاحزاب الحاضنة لهؤلاء المتهمين.
فمنذ صدور مذكرات المحكمة الجنائية العراقية باعتقال(258) متهما من الجحوش والمستشاريين لم يعتقل اي متهم مطلوب للعدالة، وهذا يضع العديد من علامات الاستفهام امام اسباب هذا التراخي والتلكوء في اعتقال المطلوبين وتقديمهم للعدالة من قبل الجهات التنفيذية...
وعليه وفي الذكرى السنوية لجريمة ( الانفال ) الاكثر من سيئة الصيت، نجدد الطلب و نقول بصوت واضح وصريح : &على الاحزاب الكردية التي تضم في صفوفها المطلوبين في قضية ( الانفال ـ الابادة الجماعية ) ان تسلم المطلوبين ( الذين ذكرت اسمائهم في جرائم الابادة بحق الشعب الكردي ( الأنفال ) الى العدالة وتعلن بشكل رسمي وعلني البراءة منهم ومن جرائمهم الشنيعة بحق الشعب والوطن.... !!
1 ـ تم اختيار يوم 14 نيسان كذكرى سنوية لجريمة الابادة الجماعية ( الانفال ) بسبب وحشية النظام المقبور والتي بلغت ذروتها في مثل هذا اليوم في عام الانفال، حيث تم تدمير اكثر من 1200 قرية مغدورة في منطقة (كَرميان وهي جزء من منطقة كركوك تمتد بين نهر الزاب الصغير ونهر سيروان أو نهر ديالى)، اضافة الى اعتقال اكبر عدد من اهالي المنطقة والذين دفنوا لاحقأ وهم احياء في المقابر الجماعية...
* انقر
هنا لرؤية اسماء المطلوبين في قضية الانفال ( الابادة الجماعية)
التعليقات