إذا إقتصر الرد الإيراني، على مقتل جنرال الحرس الثوري قاسم سليماني، على مجرد هذه الرشقات الصاروخية "التلفزيونية"، ويبدو أنه سيقتصر عليها، طالما أن وزير خارجية إيران جواد ظريف قد قال في بيان سريع وعاجل أن طهران قد إستكملت ردها فإنه سيعني أن المقصود هو "الضحك على ذقون الإيرانيين" الذين كانوا ينتظرون رداًّ تدميريا تكون نتائجه مئات القتلى والجرحى من الجنود الأميركيين.

"زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً أبشر بطول سلامة يا مربع"

وحقيقة أنه لا يسعد أهل هذه المنطقة الشرق أوسطية أن تتطور الأمور بين إيران والولايات المتحدة إلى إغراقها بحرب مدمرة قد تصبح شاملة على إعتبار أن للأميركيين قواعد عسكرية في عدد من الدول العربية من بينها " الشقيقة" قطر وعلى إعتبار أنه إذا أندلعت مثل هذه الحرب فإنها قد تتحول إلى مواجهة مدمرة وأنه ستستهدف دولاً لا علاقة لها بهذا الصراع لا من بعيد ولا من قريب.

إن أغلب الظن أنّ إيران ستكتفي بهذا الرد التلفزيوني الذي هدفه "حفظ ماء الوجه" والدليل هو أن وزير خارجيتها قد سارع، وقبل أن يصيح الديك ، إلى القول في "تغريدة" له : إن الضربات الصاروخية الإيرانية ضد القوات الأميركية في العراق هي إجراء إنتقامي :"متكافىء" !! وأن طهران ستكتفي بهذا الرد وإنها لن تسعى إلى أي تصعيد.

وحقيقة أن هذا كان متوقعاً منذ اللحظة الأولى فإيران دولة لا قدرة لها، لا إقتصادياً ولا عسكرياً، على الدخول في حرب شاملة وأيضاً غير محدودة مع الولايات المتحدة ذات الإمكانات العسكرية الهائلة والتي لديها القدرة على تحويل طهران والمدن الإيرانية الأخرى إلى أكوام من الحجارة والأتربة خلال دقائق معدودات قليلة.

وهنا فإن المفترض لا بل المؤكد ومع كرهنا الشديد لهذا النظام "الطائفي" المتخلف، أنه لا يسعد أي عربي أن يُدمر هذا البلد الشقيق الذي من المفترض أنَّه تربطنا به علاقات تاريخية متعددة ورئيسية كثيرة وأنه أيضاً يوجع قلوبنا أن يُقْحم نظام الملالي الشعب الإيراني الشقيق فعلاً في حرب مدمرة قد يخسر فيها الألوف من أبنائه الأبرياء.. لكن ما العمل إذا كان العرب في هذا المجال لا يملكون إلا الأماني وإلاّ الدعوات الصادقة بأن يجنب الله هؤلاء الأشقاء أي حرب قد تأخذهم إليها نزوات هذه القيادة المتهورة والإنتحارية!

لقد كان على الولي الفقيه "خامنئي" أن يدرك مبكراًّ أن ما بقي يفعله الجنرال قاسم سليماني في هذه المنطقة وخارجها أيضاً سيأخذ إيران إلى مواجهة غير متكافئة مع الولايات المتحدة وأن التمدد الإحتلالي الإيراني في أربع دول عربية وأكثر ستكون نتائجه، إن على المدى القريب وإن على المدى البعيد، وخيمة فعلاً على الإيرانيين الذين تشكل دول الجوار العربي بالنسبة إليهم مجالاً حيوياًّ رئيسياًّ وهذا هو ما بات يحصل الآن وما من المتوقع أن يأخذ هذه المنطقة إلى تطورات كارثية إن هو لن يتوقف وإن لن يجري وضع حدٍّ له.