شه مال عادل سليم

لا نجد الكلمات والتعابير المناسبة لوصف المأساة التي حلت بالعراق مع اغتصاب حزب البعث العربي الاشتراكي للسلطة في 8 شباط عام 1963, والذي عرف في تاريخ العراق بـ( 8 شباط الاسود ).

ففي تلك الايام الدموية قام حزب البعث الفاشي من خلال ميليشياته المسلحة منها (فرق الاعدامات وميليشيات الحرس القومي)(1 ) بذبح ثورة 14 تموز المجيدة وقادتها في حمامات دم رهيبة و مذابح وحشية كثيرة اخرى ، وأصدروا بيانات مكتوبة ومسجلة منها بيان رقم( 13) المشؤوم والذي بُثّ من راديو بغداد الذي كان تحت سيطرة الانقلابيين ودعى رؤساء الوحدات العسكرية وقوات الشرطة والحرس القومي لإبادة الشيوعيين وكل من ( يعكر صفو الامن وسحقهم حتى العظم , حسب تعبيرهم ).

ولو تصفحنا كراس ( المنحرفون ), هذا الكراس الوثائقي والمصور والصادر من قبل دوائر انقلاب تشرين العسكري التالي في عام 1964, نرى جزءاً من تلك الاعمال الاجرامية و الوحشية لهؤلاء القتلة , ففيه جزء من الوثائق والتقارير والكتب الرسمية والقرارات البعثية الجائرة والشكاوى والمعلومات والبرقيات السرية والات التعذيب منها (المثرمة والة لقطع الايدي والاصابع وخوازيق حديدية.. والخ) , اضافة إلى المستندات و الصكوك وتفاصيل عن القتل في الاحواض الحامضية والمفروشات و الاسرة الجرمية واسماء الضحايا والشهداء و المفقودين من المواطنين الابرياء قبل محاكمتهم في مسالخهم ومنها مسلخ (قصرالنهاية ـ الرمز الاكبر لدموية حزب البعث الذي قام على الدم والقتل والتعذيب والمقابر الجماعية والانفالات ).
ففي 8 شباط الاسود وفي مسلخ قصر النهاية الأكثر من سئ الصيت , تم قتل وتضييع المعارضين من بنات وابناء العراق الاحرار , فكان (قصر النهاية ) اسما على مسمى , حيث عذب في سراديبه ومسالخه معظم الشخصيات الشيوعية و الوطنية والديمقراطية العراقية , وحيث امتلات سراديبه ببرك الدماء وبالجثث المتفسخة للضحايا و بايادي واصابع مقطوعة بالة القطع الرهيبة.

ومنذ ذالك الوقت ارتبط مصير و مستقبل الشعب العراقي بفرق الاعدام و قرارات منتسبي الحرس القومي ارتباط الدم باللحم, واصبح القتل في العراق منذ شباط الاسود ولحد اليوم ، شيئا عاديا، متوقعا، ولا يثير المفاجأة , على الرغم من مرور 17 عاماً على سقوط النظام البعثي الفاشي الذي انتهى بدخول القوات الأميركية إلى بغداد في التاسع من نيسان عام 2003.

لقد اثبت لنا الواقع ان الحرس القومي البعثي وميليشيات الاحزاب العراقية الموالية لدول الجواروالتي تقتل وتغتال وتختطف المتظاهرين السلميين لانهم يريدون وطن ,هما وجهان لعملة واحدة , فما اشبه اليوم بالبارحة .!

تحية إجلال وإكبار لأرواح شهداء 8 شباط الأسود, الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل حرية الوطن وسعادة الشعب .

تحية إجلال وتقدير لضحايا المليشيات الموالية للجارة السيئة إيران .

تحية وأحترام لثوّارساحات الاعتصام الذين يريدون (وطن) يعلو فيه الحق ويسود به العدل .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ ( الحرس القومي / خ . ق ) : ميليشيا تابعة لحزب البعث العربي الاشتراكي , تشكل بقانون رقم (35) لسنة 1963 .تالفت قوات (خ.ق ) من المتطوعين العراقيين, و الجنود وضباط الصف ونواب الضباط والضباط الاحتياط (في غير حالة النفير) غير المستخدمين في الجيش , والمتطوعين من الاقطار العربية بناء على موافقة رئاسة أركان الجيش, و العسكريين المنسبين من الجيش للعمل في الحرس القومي بموافقة رئاسة أركان الجيشوبطلب من قيادة الحرس القومي . كانوا يشدون شرائط خضراء، ويحملون العصى والهروات والرشاشات من نوع (بور سعيد) المصرية, اعتقلوا وعذبوا واغتصبو واعدموا الالاف من احرار العراق من الشيوعيين والديمقراطيين والتقدميين في أيام الانقلاب الأولى,وقد وضعت مراكز لهم في كل مدينة ,ومحلة وشارع وعرفوا بدمويتهم وشراستهم , حيث ابادوا عوائل في دورهم , كانوا يحملون صور وقوائم مطبوعة باسماء المطلوبين. كانت مهمتهم الرئيسية القضاء على الشيوعيين بالدرجة الاولى حسب اعترافاتهم , وفي 18 تشرين الثاني وبقرار من رئيس الجمهورية والقائد العام للقوات المسلحة المشير الركن عبدالسلام محمد عارف تم حل الحرس القومي قيادة ومقرات وافراد والغاء كافة القوانين والانظمة والتعليمات والاوامر الصادرة بخصوصه .