في صباحٍ جديد من صباحات الكارثة التي تكتم أنفاس الأرض... يبدو كل شيء هادئاً... غيوم تعاند الربيع... و مطرٍ محتبس يكاد يبكي... وانتظار يشبه الخوف و لا يشبه إحساس القلوب الواجفة التي كانت مستقرة في صدورنا و باتت تخفق بقوة و بلا توقف مُنذِرَةً أن الخوف وباء مقيم في قلوبنا و عقولنا.
أسابيع مضت و نحن نلهث خلف أخبار وباء الكورونا... نبتسم لنكتة من وحي الكارثة... نصغي لنصائح طبية... نفكك الأخبار و الفيديوهات المُضَلِلة لئلا تمنحنا أملاً وهمياً... تَعِبنا... نعم يحق لنا أن نقول تَعِبنا من طوفان الأخبار و الإحصائيات و قوافل الموتى و الانتظار خلف زجاج النوافذ المغلقة , وترقب عدو خفي قد يكون ملتصقاً في زجاج نافذتك؟

العالم يتغير مع كل يوم جديد من أيام الوباء... و نحن نتغير أيضاً التركيبة الحيوية لأيامنا تتغير... العلاقات تصبح أبعد و أبعد... و الخوف وباء اجتاحنا و تسلل لخلايانا دون أن ندري.

حكام العالم يعيشون خوفهم ووباءهم وانكفائهم كل على طريقته و كأن على رؤوسهم الطير....
بعد أن كانت تغريداتهم على " تويتر " تقود العالم غادروا هذا المجال الحيوي و بات بعضهم يعقد مؤتمرات صحفية محمومة يومياً، و من يمتلك زراً نووياً اعتكف في الريف خائفاً ، ومنهم من اختفى في حجر منزلي قسري، ومنهم من سرقد في العناية المشددة مصاباً بالكورونا، و منهم مَن هدد بإطلاق النار على من يكسر حظر التجول.

اليوم نحن خائفون... لكنه خوف مختلف... عن "خوف" الحروب و"خوف" المجاعات و"خوف" الكوارث الطبيعية، إنه خوف جديد من "توحش" الإنسان نفسه، خوف من "عقل" الإنسان المتوحش، إنها "الوحشية" المعاصرة.

• كاتب سوري مقيم بالسويد