ثار كثيرون على الممثل السعودي ناصر الشمراني عندما قال بأن اسرائيل موجودة شئنا او أبينا، وأنها باقية شئنا او أبينا.

لا مبرر لهذه الضجة. فما قاله الرجل اتفق مع أوله، وهو أن اسرائيل موجودة، واختلف مع أخره، وهو انها باقية للأبد، فذاك في علم الغيب.

لماذا نغضب من حقيقة نعلم انها حقيقة؟ وماذا نقول عن اتفاقية السلام بين مصر واسرائيل، والعلاقة مع الاردن، وقطر، ومع تركيا نفسها التي ترفع شعار الوطن الاسلامي الكبير؟

اليس كل ذلك إعترافا بإسرائيل وانها موجودة رغما عنا، وشئنا ام ابينا؟

إن كان ما يستحق التوقف عنده، فليست بضع كلمات أتت في مسلسل، بل هو رد فعل الشارع العربي والخليجي على تلك الكلمات.

فبقدر ما دافع كثيرون عن فلسطين ومعاناة شعبها، بقدر ما، ويا للأسف، هناك من تجاوز الاسفاف في النقد وطغى في الخصومة.

اصبحت قضية فلسطين اليوم، عبئا ثقيلا على النفس العربية، أكثر مما هي قضية ضمير ووطن. وليت الجيل القديم من يفعل هذا من باب اليأس او الملل، بل هو الجيل الجديد الذي يبدو وكأن هناك من سكب في أذنه ان القدس عاصمة للإنكا، وفلسطين على اطراف الأمازون، وأهلها يتحدثون البرتغالية.

وأنت عندما تجلس مع أحدهم، لا يكرر سوى شيئا واحدا: الفلسطينيون باعوا وطنهم، فلماذا ندافع عنه نحن؟

هذا كلام الخائفين من رؤية ضعفهم، وقلة حيلتهم.
فلم يبع احد فلسطين، لا أهلها ولا غير أهلها. فهي ليست بقالة يملكها شخص واحد يبيعها ويشتريها على هواه، ولا سوبر ماركت مشرعة ابوابه للرائحين والغادين.

الكل حارب من اجل فلسطين. انسحبنا نحن بعد ان انهزمنا وانكفأنا على ذاتنا، وبقي الفلسطينيون وحدهم، ترافقهم دعواتنا وصوت الأراجيل.

ثم توقف دعاؤنا، وبقدرة قادر، صرنا نقول عن الفلسطيني الذي يقاوم الاحتلال بأنه أرهابي، أما إن صمت على الأحتلال قلنا عنه عميل.

حسن، ان باع الفلسطينيون ارضهم، فلماذا نبيع نحن القدس؟ فالقدس ليست ملكا للفلسطينيين، بل ملك لكل مسلم ومؤمن؟ لماذا نصمت على احتلال اسرائيل لها؟ ام هي الأخرى بيعت في مزاد انسحبنا منه؟

ما يؤسف عليه، ان الصحافة الغربية اليوم، اقولها وانا الذي يعيش في الغرب، تكتب عن عدالة القضية الفلسطينية، وعن طغيان اسرائيل، اكثر مما تكتب الصحف العربية. كتاب وسياسيون وقفوا بكل يقضة اخلاق وضمير، في محافل دولية متعددة، ليتحدثوا عن همجية اسرائيل، وعدوانها على شعب اعزل. لم يقل واحد منهم ان الفلسطيين قد باعوا وطنهم.

فقد مرت على مجازر الأرمن على يد الأتراك مائة عام.. بل أكثر. مع هذا، وحتى اليوم، ما يزال الطفل الارمني الصغير يطالب تركيا بالاعتذار، ويحيي قضيته في كل محفل دولي لألف عام قادمة، فيما نحن سرق منا وطن بكامله فنسيناه، والاسوأ، اننا بتنا نتعاطف مع السارق لا المسروق.

ليت فلسطين كانت حقا على اطراف الأمازون، وليتها ما كانت عربية، وليتها ما كانت قضيتنا، لبقينا على الاقل، شجعانا أمام اجيالنا، ولو على الورق.

Nakshabandihhotmail.com