صرح بعض الأطباء المختصين عبر إشارة ذكية، بأن شهر رمضان هذا العام قد يكون حاسماً في العالم الإسلامي في تعزيز قواعد الحجر المنزلي، لاسيما وقد دعت كثير من الدول العربية والإسلامية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، إلى إقامة الصلوات في البيوت خوفاً من انتشار الفيروس القاتل.

إن طبيعة شهر رمضان، ستساعد أغلب الناس للمكوث في بيوتهم بحكم قواعد الحظر، كما سيساعدهم في ذلك جملة وافرة من برامج التلفزيونات العربية وما قد تغري به المشاهدين من متابعة مستمرة، وهذه المتابعة المستمرة،

ستكون بمثابة الدوافع التي يستطيبون معها الجلوس في البيت والمكوث فيه. وبما أن السهر في رمضان هو طبيعة أصبحت غالبة على نمط حياة الليل في هذا الشهر الكريم، فإن النوم نهاراً سيكون هو الجانب الآخر للمساعدة في تعزيز نظام الحجر المنزلي.

وبطبيعة الحال إن لشهر رمضان روحانية عالية بسبب الصوم والإقبال على قراءة القرآن والأذكار الأمر الذي سيملأ حياة الناس في البيوت بما يشغلهم ويضطرهم طوال شهراً كامل إلى تكييف حياتهم وفق قواعد الحجر الصحي والعزل التي تصبح في رمضان أكثر سهولة منها في قبل رمضان.

وهكذا سيلعب الشهر الفضيل دوراً كبيراً في تيسير جلوس الناس في منازلهم، كما أن الطبيعة الروحانية لرمضان تجعل من العلاقة بين أفراد الأسرة أكثر رحمة وتعاوناً. وفي شهر رمضان كذلك يكون الناس أقرب إلى الله سبحانه وتعالى من كل شهور السنة، لذا الطبيعي أن يكون هذا الشهر الكريم سبباً للإقبال على للدعاء والذكر وقراءة القرآن والتواصي على استذكار هذا البلاء الذي عم العالم أجمع وعطل حياة الناس في مشارق الأرض ومغاربها.

وإذا كان كورونا قد لعب دوراً في بعض جوانبه الإيجابية حيث جعل الناس في جميع أنحاء العالم أكثر شعوراً بالمعنى الانساني الذي يوحد عواطفهم وأمنياتهم جميعاً في الخروج من هذا الكابوس الذي أصبح مهدداً خطيراً، فإن الشعور الذي يكتسبه الصائم في شهر رمضان كذلك يضاعف في نفسه ذلك الاحساس الذي يشعر به البشر جميعاً هذه الأيام من جراء هذا المرض.

صحيح إن رمضان هذه السنة يمر على الأمة الإسلامية دون إحياء الكثير من عاداته كصلاة التراويح، ودعوات الافطار الجماعي، وصلاة التهجد، والتواصل الاجتماعي بين الأسر، وغير ذلك مما عرفه الناس عن هذا الشهر الكريم طوال مئات السنين.

ولكن من جهة ثانية، تظل روح رمضان المتمثلة في الاحساس بالجوع والعطش والشعور بالسمو من أكبر المحفزات على الاحساس بمعاناة الآخرين، ومن ثم الارتقاء بالمشاعر الانسانية إلى مصاف المشاركة الوجدانية بين جميع البشر الذين يعيشون اليوم أياماً عصيبةً بحثاً عن خلاص من هذا المرض الذي حبسهم في البيوت.

إن شهراً كاملاً من قواعد الالتزام بالعزل المنزلي والحجر الصحي، قد يلعب دوراً كبيراً للمساهمة في تحقيق الهدف الأسمى الذي ينحسر به الفيروس كلما قلت تجمعات الناس باعتكافهم في البيوت.

هناك تقارير طبية نشرتها بعض الصحف المعروفة تقدر أن نهاية شهر مايو الحالي ربما تشهد انحساراً كبيراً لمرض كورونا في جميع أنحاء العالم. ونرجو أن يكون ذلك صحيحاً وفي اعتقادنا أن تزامن شهر رمضان في هذا التوقيت مع وباء كورونا ربما يكون سبباً في رفع البلاء بالتزام الناس لبيوتهم واستطابة المكوث فيها، وملئ أوقات فراغهم العريض بما يوفره هذه الشهر الكريم من فرص للصائمين في قراءة القرآن والصلاة والتأمل في ساعات الجوع والعطش الطويلة، وكذلك شغل أوقاتهم بالذكر والدعاء وغيرهما من برامج الترفيه.