من المفترض ان يتم العمل بقانون سيزر الامريكي منذ بداية حزران الحالي. القاضي بمعاقبة نظام الاسد كمجرم حرب ومرتكب جرائم ضد الانسانية، اضافة لمعقابة ومحاسبة كل الدول والمؤسسات التي تدعمه في ذلك.

مع اقرار هذا القانون دخلت القضية السورية منعطفاً جديداً يمكن البناء عليه. يطال القانون كل من يدعم هذا النظام، دولاً ومؤسسات وأفراداً. النقطة المهمة أيضاً، أن القانون جعل من سورية قضية أمريكية داخلية. لأن قانون سيزر قانوناً أمريكياً. بغض النظر عن آليات استخدامه من قبل السياسة الأمريكية. بغض النظر أيضاً عن قيام السياسة الأمريكية بتطبيقه الآن أم لا. لكن قوننة القضية السورية أمريكياً، هي الخطوة الأولى التي يمكن البناء عليها من أجل جعلها قضية إنسانية عالمية مقوننة. ربما على طريقة تطور قضية الهولوكست منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى الآن. صار للقضية سنداً قانونياً.

كما قلت بغض النظر عن كيفية تعامل السياسة الأمريكية معه. هذه السياسة التي حمت الإبادة الأسدية بحق شعبنا السوري منذ انطلاق الثورة السورية آذار 2011 وحتى اللحظة. مشكورة الجهود التي عملت على إقراره والعمل من أجل ذلك. سواء كانت سورية أم أمريكية. لكن هذا يتطلب منا جميعاً العمل أكثر من ذي قبل، لجعل هذا القانون دولياً من جهة وعالمياً بالمعنى الإنساني من جهة أخرى، أو على نفس الوتيرة وفي نفس السياق الإنساني.

هذا بالطبع يلقي مسؤولية إضافية على كل من ساهم من إخراج هذا القانون للنور أمريكياً أيضاً. إذا كانوا معنيين بجدوى عملهم حتى النهاية. صحيح أيضاً أن القانون أقر نتيجة لمساومات كثيرة بين الفاعلين السياسيين في أمريكا، والكونغرس خصوصاً. إلا أن هذا لا يلغي أن هنالك جهات داخل هذه النخب تريد فعلاً العمل من أجل القضية السورية، كما تراها هي ووفقاً لمصلحة أمريكا كما تراها ايضاً. لكن بالنسبة لنا كسوريين. هي خطوة أولى، يجب العمل عليها. إلا أنه في الوقت التي تم القيام بخطوات إقراره في الكونغرس وتوقيع الرئيس ترامب عليه وحتى اللحظة إدلب تباد من قبل الروسي والأسدي. مجازر كانت ترتكب هناك بفضل الطيران والصواريخ الروسية. مما يخلق جواً من عدم رؤية أية شمعة في آخر نفق قانون سيزر. خاصة أن الإدارات الأمريكية لم تكترث يوماً بضحايا الأسد والروس والإيرانيين من أبناء وأطفال شعبنا. إنها خلفية سيئة لقانون سيزر!! في ذاكرة السوريين.

هذه القضية يجب تناولها من جانبين الاول حقوقي وقانوني، ويجب الاستفادة منه كما ذكرت اعلاه في جعل القضية السورية قضية انسانية عامة. هذه مهمة المنظمات الحقوقية الدولية والسورية. الجانب الثاني هو الجانب السياسي. على طريقة” إننا لم نر منك يا أمريكا سوى الموافقة على قتلنا كسوريين منذ تسع سنوات”. حيث القانون نفسه يؤكد، مشاركة كل دول العالم في دفن ثورة السوريين، حلمهم بالتخلص من نظام طائفي مجرم، والعيش بسلام وحرية. هل كانت تحتاج النخب الأمريكية كل هذا الدم السوري لتقر هذا القانون؟

الأخطر أن الإبادة لاتزال مستمرة في إدلب والجرائم في عفرين والاعتقالات وكم الافواه في مناطق قسد، والقمع والقتل والافقار في مفسدة الاسد. على ماذا يدل ذلك؟ سياسيا النتيجة التي يمكن ان نخلص لها وفقا للمعطى الامريكي هي: ازعم أن امريكا لا تحتاج لقانون سيزر فيما لو ارادت الا تكون الاسدية جزء من مستقبل سورية. كلنا يتذكر القوانين التي صدرت بحق عمر البشير الرئيس السوداني المخلوع، وكيف تعهدت له ادارة اوباما بجعل هذه القوانين في جره لمحكمة الجنايات الدولية حبرا على ورق. بقي في السلطة قرابة العقد حتى اسقطته ثورة السودان بمساعدة الجيش السوداني!!

هذا تعامل سياسي امريكي مع القوانين الحقوقية الدولية. فهل سيكون سيزر مختلفا؟ على المستوى الحقوقي الامل قائم لكن سياسيا باختصار شديد ستستخدمه الادارة الامريكية من اجل بقاء الاسدية جزء من مستقبل سورية، وفق صيغة امريكية لا أحد يعرف حتى الان تفاصيلها. او ربما هذه الصيغة لم تنوجد بعد. كعادة الامريكان. لا رهان سياسي لي على هذا القانون.

النقطة الاخيرة هي تأثير هذا القانون على الاحوال المعيشية للشعب السوري. اولا القانون لا يمنع استيراد الاغذية والادوية. كل ما يقال غير ذلك من ابواق الاسد غير صحيح. بالتأكيد من يتحمل المسؤولية هنا فيما لو أثر" سيزر" على الشعب السوري وفي كل ما يحدث في سورية، هي هذه الاسدية القاتلة المزمنة. مع العمل على الموقف الامريكي سياسيا وحقوقيا من اجل تفعيل يستهدف الاسد وبأقصى سرعة ممكنة. بغير ذلك حتى لو استفدنا كشعب سوري حقوقيا، لن يكون مفيدا كثيرا في حال بقاء الاسدية جزء من مستقبل سورية.

قانون سيزر يفتح المجال لمفاوضات امريكية مع روسيا وإيران ونظام الاسد.

أخير:
حتى نتعرف على الجانب الاهم والمغفل من هذا القانون ومفاعيله، يجب ان نعرف الموقف الاسرائيلي الداعم للأسد شخصا ونظاما. سيتضح في الايام القادمة.