2 مليون مشترك جديد لتطبيق Roposo خلال ال 48 ساعة التي اعقبت قيام الهند بحظر تطبيق تيك توك الصيني ... تصريح جديد و صادم افاد به ماينك بهانغادي مؤسس تطبيق Roposo لمشاركة الفيديوهات القصيرة الذي يتوجه لتحميله الان ملايين الهنود.

تصريح بهانغادي كاشف عن نفسه ولايحتاج لمزيد من التحليل، خصوصا وهو يُلقي ضوءا ساطعا على مايجري في عالم التطبيقات الالكترونية التي دخلت، شاءت الشركات او الدولة المالكة لها ام أبت، في صراع الارادات وتنافس الشركات وحرب اقتصاديات الدول ومعارك الاستحواذ على المستخدمين.

بدأت قصة الحظر في وقت متاخر من يوم الاثنين المصادف 29 من حزيران الماضي، حينما اعلنت الهند حظر 59 تطبيقا صينيا من اهمها تطبيق تيك توك الذي تملكه شركة الانترنيت الصينية bytedance والذي يستخدمه 200 مليون مواطن هندي.

تبرير الهند للقرار جاء في مجمله تقليديا يرتبط بالمخاوف المتعلقة بالخصوصية، حيث ذكرت وزارة تكنولوجيا المعلومات الهندية بان الحظر جاء نتيجة مخاوف تتعلق بالخصوصية، وان التطبيقات الصينية تضر بسيادة الهند وامن الدولة والنظام العام، ومع ذلك فانني اعتقد بان امثال هذه القرارات لها ابعاد اخرى تتعلق بتباشير حروب من نوع جديد.

السياق الزمني للقرار جاء بعد 14 يوم من المواجهات العسكرية الدامية في منطقة كاراكورام الحدودية بين الصين والهند والتي اسفرت عن مقتل 20 جندي هندي، وهو الحادث الذي دفع الكثير من المواطنين في الهند للتظاهر ضد سلوكيات الصين وتنديدا بالجريمة وقد رفع الكثير منهم لافتات تهاجم التطبيقات الصينية وتدعو لمقاطعتها.
وفي هذه الاجواء المشحونة، جاء الحظر الهندي الذي يحدث لاول مرة، وله تداعيات كبيرة خصوصا وان الهند تعتبر ثاني اكبر سوق للانترنيت في العالم ، بل ان ثلث تحميل تطبيق تيك توك يأتي من الهند بحسب شركة تحليلات بيانات التطبيق sensor tower بالاضافة الى ان شركة bytedance المالكة لتيك توك تجني ملايين الدولارات من اعلاناتها في الهند.

وكما هو المتوقع في مثل هذه الظروف ... حاولت شركات التطبيقات والالعاب سواء كانت العالمية او المحلية في الهند، بشتى الاساليب، ان تنتهز الفرصة و ان تستفيد من قرار حظر الشركات الصينية من اجل التسويق لتطبيقاتها والترويج لها، حيث استغلت الكثير من الشركات المحلية في الهند هذا الحدث، بل ان شركة عالمية مثل فيسبوك حاولت ايضا حشر انفها من خلال اختبار أداة (Reels) الخاصة بإنستجرام في الهند، وهي الاداة التي تسمح بصناعة فيديو مدته 15 ثانية على غرار آلية عمل تيك توك وفلسفة الشركة المالكة له في العمل.

التنافس الواضح بين الشركات متعدد الاوجه ومتنوع الغايات والاهداف، ولايمكن قراءته من خلال وجهة نظر واحدة، خصوصا وان البحث في دلالات البُعد التقني سيفتح امامنا ابواب ستقود لابعاد اخرى اقتصادية ومالية وسياسية ايضا، حيث الحدود الفاصلة بينها منعدمة او تكاد.

من وجهة نظري ... حظر تطبيق تيك توك لم يكن بسبب تهمة خرق الخصوصية والامان، فهذه الاتهامات ليست جديدة او تم اكتشافها حديثا، كما ان الحظر ليس وليد انعكاسات الصدام العسكري الاستثنائي بين الصين والهند، والذي ادى للعديد من الضحايا، بل ان القضية اكبر من كل هذه الاسباب او التبريرات التي يتم طرحها في هذا السياق.

الذي يستقرئ خريطة ومعادلات حركة سوق التطبيقات ومساراتها ببعدها الاشمل، يشعر ان هنالك استراتيجية هندية رسمية من اعلى المستويات تتعلق بدعم التطبيقات المحلية في مواجهة التطبيقات الاجنبية، وفي هذا الصدد نرى رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي قد دعا للاعتماد على النفس ( self-reliant India )فيما يتعلق بهذا المجال التقني عموما او المتعلق بالتطبيقات خصوصا.

ولم يقف الامر عند هذا الحد، بل دعمت حكومة مودي التطبيق الهندي Roposo بصورة واقعية وقامت بانشاء حساب رسمي على التطبيق، وقال مودي في هذا السياق " اننا يجب انشاء نظام بيئي خلص بنا وكل ولاية يجب ان تفعل ذلك ".

ولذا ترى رئيس التطبيق الهندي بهانغادي يوجه بحسابه الرسمي في تويتر شكر خاص لرئيس الوزراء الهندي لدعمه رواد الاعماد وتطبيق Roposo ، كما انه اعلن عن تلقي دعم كبير من قبل المعهد الهندي للتكنالوجيا الذي طالب بدعم تطبيق Roposo وتحميله، والقيام بحذف تطبيق تيك توك.

ونتيجة حظر تيك توك من جهة، وهذا الدعم الرسمي اللامحدود لتطبيق Roposo الهندي ، تصدر الاخير ترتيب التطبيقات في الهند ووصل الى 80 مليون شخص بينما كان قبل الحظر لديه 50 مليون مستخدم ، في بلد يُستخدم به 500 مليون جهاز ذكي.
الصين بدورها ابدت قلقا كبيرا للقرار ،

وسعت للحصول على مزيد من المعلومات، ومراقبون يعتقدون انها قد ترد بحظر تصدير المواد الخام التي تستخدم لصناعة الادوية في الهند، بل انها فعلا قامت بعرقلة تصدير الكثير من المنتجات التي تُستخدم في الصناعات الالكترونية للهند بعد المصادمات التي جرت.

وفي مسعى واضح من جانب شركة تيك توك التي اصبحت في وضع حرج، خصوصا وهي تشعر انها ستخسر ملايين المستخدمين وبالتالي ملايين الدولارات من الارباح، حاولت حل هذه المعضلة من خلال تصريح كيفن ماير المدير التنفيذي للشركة الذي قال: الصين لم تطلب بيانات ولن تعطيها الشركة اذا طلبت ذلك ، خصوصية المستخدمين وامن وسيادة الهند مهمة لنا " متجاهلا حقيقة ان الحظر لايتعلق بهذه الاسباب وانما هو جزء من سياق حرب جديدة فضاءها التطبيقات الالكترونية وكل الابعاد الاخرى المرتبطة بها او تقود اليها.

وريثما نحصل على العدد النهائي لانواع الحروب واشكالها، فان الحرب المتعلقة بالتطبيقات تكون قد وضعت بصمتها بكل وضوح في سجل انواع الحروب التي بدأت قبل عشرات السنين بالحروب التقليدية ولا يعرف، بصراحة، اي مختص متى ستنتهي اجيالها وانواعها.

باحث مختص في مواقع التواصل