ثمة حراك سياسي واسع وقوي في المنطقة يهدف الى نشر السلام والاستقراروالهدوء ونبذ الخلافات وانهاء التوترات والحروب عبر الحواروالحلول الدبلوماسية والاحتكام الى لغة العقل وطاولة المفاوضات ، يقابله حراك قوي وواسع أيضا يدعو الى التشرذم والتناحر والحروب وتقويض السلام والاستقرار في المجتمع ونشر ثقافة الكراهية بين افراده من خلال تكريس الخطاب الطائفي والعنصري والاحتكام الى لغة السلاح لاسكات وقمع الاخر.
الحراك الأول ظهر على المسرح السياسي بعد خسارة "دونالد ترامب" للانتخابات الامريكية ومغادرته البيت الأبيض وتولي "جو بايدن" الرئاسة الامريكية ، ويمثله في منطقة الخليج ولي عهد السعودية محمد بن سلمان عبر دعوة السلام التي وجهها لايران وميليشات الحوثي لحل خلافاتهم بالحوار والمفاوضات وانهاء سنوات من الصراع المرير الدامي بينهم . وفي العراق مازال رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني يتحرك بكل الاتجاهات لحل الخلافات الداخلية الكردية والكردية والخارجية مع بغداد بالطرق الدبلوماسية الهادئة والحوار البناء ومن اجل تحقيق هذا الهدف زار بغداد عدة مرات واجرى لقاءات شملت الرئاسات الثلاث وقادة الكتل والأحزاب الشيعية والسنية واستطاع ان يحرك المياه الراكدة بين الإقليم وبغداد ويساهم في تقريب وجهات النظر بين الطرفين وينجح في إطلاق حصة الكرد من الموازنة التي اقرها البرلمان العراقي بعد فترة طويلة من التلكأ والنقاش العقيم!
وفي داخل الإقليم قام بزيارة مفاجئة لمدينة السليمانية معقل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني المنافس السياسي والغريم التاريخي لحزبه "الديمقراطي الكردستاني" ليقابل "لاهور جنكي"الرئيس المشترك لحزب "الاتحاد الوطني" الخصم العنيد المثير للجدل ويضع اسسا جديدة للتعامل السياسي بينهما مبنية على السلام والمصالحة الوطنية، ولم يكن احد يتوقع ان يلتقي "جنكي" بعد احداث 16 أكتوبر من عام 2017 التي كان فيها"جنكي"احد ابطالها الرئيسيين الذي امر قوات البيشمركة التابعة لحزبه وبشكل احادي الجانب الانسحاب من مدينة كركوك الاستراتيجية وترك قوات "الديمقراطي"تحت رحمة فوهة مدافع قوات الجيش وميليشات الحشد الشعبي التي دخلت المدينة منتصرا، وبسطت سيطرتها عليها منذ ذلك الحين!
وكما فاجئت مباردة "بن سلمان"و"بارزاني"السلمية المراقبين ، كذلك فاجئتهم مباردة الرئيس التركي"رجب طيب اردوغان"السلمية لمصر واليونان ، حيث دعاهما الى تطبيع العلاقات والسلام والحوار بعد ان كانت الأوضاع بينهم تتأزم و تسير نحو الاسوء! ولكن السؤال المطروح من وراء انتشار ظاهرة السلام فجأة في المنطقة؟ هل"بايدن" له دور في هذا التغيير؟ طبعا فمن مصلحة أمريكا ان تهدأ اللعبة قليلا لترتيب اوراقها من جديد!
ولكن هناك في المنطقة من يعكر صفو الاستقرار والسلام أيضا ويتحرك بقوة لاخضاع الشعوب لهيمنتها وبسط نفوذها ونشر ثقافتها "الراديكالية المتطرفة!" فيها ، ويتمثل هذا الحراك في الميليشيات والفصائل والأحزاب التابعة لإيران المنتشرة في"العراق واليمن وسوريا ولبنان" التي تعتمد السلاح والقوة القاهرة وإلارهاب لتحقيق أهدافها التوسعية.
هاتين القوتين "قوة الشر والسلام "تتصارعان في المنطقة باشراف وإدارة امريكية مباشرة والغلبة في النهاية لمن تدعمه أمريكا وترضى عنه بما توافق وتتناغم مع مصالحها وأهدافها الاستراتيجية.