............
نشهد عصراً جديداً في كل شيء.. وتحولات عالمية كبيرة.. تحتاج حضوراً ذهنياً لكل مجتمع يطمح في البقاء.

الانسان صنع التكنلوجيا.. والتكنلوجيا تصنع الانسان الجديد.. ومثلما قال الكسيس كارل مؤلف كتاب ( الانسان ذلك المجهول):
اذا اراد مجتمع ما ان يتطور فعليه ان يتغير ولكي يتغير لابد ان يعاني.
ولا يمكن لأي مجتمع في هذا العصر الذي يخلع ثوبه القديم.. ان يعيش مستقراً متوازناً بالحد الأدنى من الرفاه الآمن دون أن يواكب المتغيرات الحضارية و دون التمسك بماض لم يعد بينه وبين الحاضر أي علاقة.. ولايعني ذلك الانسلاخ من القيم الاخلاقية والايمانية.. لأن القيم لا تتغير في كل العصور وهي نفس القيم في كل الحضارات والأمم ولايمكن لأمة ان تتطور بدون الاعتماد على القيم الاخلاقية العظيمة.. والله عزوجل يدعونا الى التغيير النابع من الذات كسنة الهية لمن يريد ان لاينقرض.. وانقراض الانسان لايعني الفناء كالدناصور وانما انقراض الفكر المتجدد وعدم التطور بسبب التشبث بالماضي كالهنود الحمر... على حساب الحاضر والمستقبل.
والسؤال الملح هو:
كيف للعرب أن يصنعوا مجتمعات مدنية قوية؟
وهل يتم ذلك بصناعة الفرد المتفرد اولاً الذي يجب ان لايخضع للفكر الجمعي للمجتمع.. ام بالاعتماد على ثقافة المجتمع التي تقوم على ضرورة انصهار الفرد وسط المجتمع دون تفرد او تمايز عن الوعي العام لذلك المجتمع؟

وكيف نصنع ذلك الفرد المتميز؟
هل يكون ذلك بخلق سلالات وعناصر متناسخة في الأسرة.. يشبه بعضها بعضا، ام بخلق افراد متنوعين في خياراتهم وافكارهم وطموحاتهم واحلامهم كي يشاركوا في بناء المجتمع القابل للتطور؟

هل يتطور اي مجتمع بدون مفكرين استثنائين يفكرون خارج صندوق الوعي الجمعي وقادرين على اخضاع الماضي للفحص والنقد؟!
أم انه لا حاجة لأولئك الاستثنائيين في ظل وعي جمعي يذوب فيه الفرد ويتسيد فكر الجماعة؟

قبل عقود من الزمن الف المفكر العربي الكبير.. د زكي نجيب محمود كتابا سماه ( مجتمع جديد او الكارثة)
حيث كان يشعر بخطورة تخلف المجتمع العربي بشكل عام منذ ذلك الوقت.. فهل المجتمعات العربية الان بحاجة الى اعادة تاليف كتاب جديد عن مجتمعات جديدة او الكارثة،
في ظل تطور هائل للتكنلوجيا ووسائل الاتصال التي يعيشها العربي كمستهلك فقط.. وفي ظل اتصال معرفي شكلي و انفصال معرفي حتمي ترفض المجتمعات العربية ان تعترف به وتعاند التغيير كيلا يكون الانفصال حقيقة حتمية؟!
فتحول ذلك التناقض بين الاتصال والانفصال الى: انفصام مرضي تعاني منه كل المجتمعات العربية دون استثناء!
وهل التشبث بالماضي بكل ماله وعليه حالة صحية.. أم انها ماسوشية مرضية تتلذذ في عذاب الاخفاق
الحضاري المتكرر؟!
واذا كان الفرد نواة الاسرة.. والاسرة نواة المجتمع... فما هو الدور المأمول من الاسرة كي تعد لنا ذلك الفرد القادر على المشاركة في بناء المستقبل بأفراد مميزين؟
وماهو الواجب الأهم على المجتمع كي يقف خلف الأسرة.. لتقوم بدورها الحضاري في صناعة الفرد الخلاق الذي يمثل نفسه حسب مايملكه من قدرات ذاتية.. ليس بالضرورة ان تتشابه مع الاخرين؟!