يبدو أن السلام الإقتصادى وهو الشق او الركن الثانى من صفقة القرن يحظى بالأولوية وإعادة الأعتبار تحت مسميات ومقاربات ليس بالضرورة أن تكون تحت إسم صفقة القرن، لذلك ما يخشى منه عودة لصفقة القرن من باب الدعم الإقتصادى للسلطة نظرا لأنه لا يمكن التوقع من إدارة الرئيس بايدن أن تذهب بعيدا في طرحها لحل الدولتين وكل ما تسعى له الآن دعم السلطة الفلسطينية والبحث في خيارات ما بعد الرئيس والذهاب للمفاوضات المباشرة وإستئنافها بين السلطة وإسرائيل، وخصوصا أن الحكومة الإسرائيلية قد تكون اكثر قبولا أميركيا، ومما يشجع على إستئناف السلام الإقتصادى إدراك الجميع بما فيهم الطرف الفلسطينى صعوبة الوصول لتسوية تفاوضية نهائية لا يملك أي طرف القدرة على تقديم تنازلات كبيرة قد تكلف إغتيالا فلسطينيا أو سقوطا لحكومة بينت لبيد، والبديل لذلك كيفية الحفاظ على السلطة من الإنهيار ، والدفع في إتجاه مفاوضات لنزع مزيد من الحقوق الإقتصادية والسكانية لأكثر من ثلاثة مليون نسمة في الضفة وأكثر من مليونيين في غزه. ويبدو أيضا أن سيناريو الأمر الواقع هو الأكثر قبولا. البديل للسلطة فراغ الخوف أن تملأه حماس او حالة من الفوضى تقود إلى إنتفاضة وخروج عن السيطرة في الضفة الغربية وهى منطقة القلب اكل العيون تركز عليها، ومن ناحية أخرى الحرص على الحفاظ على الإنجازات التي تم تحقيقها على الأرض في كافة المجالات. ولذلك حل السلطة الفلسطينية مستبعد، والبديل لة كيف الحفاظ عليها ودعمها إقتصاديا وماليا. إذن الحفاظ على السلطة بات حاجة فلسطينية وأميركية وإسرائيلية وعربية ودوليه. المطلوب وجود جسم سياسى يمكن من خلاله التعامل سياسيا والتفاوض . وهذه المساعدات المالية قد تكون لها علاقة بمرحلة ما بعد الرئيس ودعم اى رئيس قادم. والحيلولة دون ملء حماس لأى فراغ سياسى في حال غياب الرئيس لأى سبب من الأسباب ، وأيضا كما راينا في اعقاب وفاة نزار بنات المعارض الفلسطيني وتحميل السلطة المسؤولية وما أعقب ذلك من إحتجاجات تراوحت في قوتها والهدف كان واضحا الدفع في إتجاه إسقاط السلطة والدخول في سيناريو الفراغ السياسى الذى قد يرضى بعض الفصائل الفلسطينية . السبب الثانى الحرص فلسطينيا على الحفاظ على الإنجازات المحققة داخليا ودوليانوأن بقاء السلطة الفلسطينية بات يشكل مصلحة وطنية وشرطا ضروريا لقيام الدولة ، ولا أحد يمكن أن يتجاهل هذه الإنجازات وما شكلته من واقع سياسى مهم، وهذا ليس له علاقة بحتمية الإصلاحات السياسية للسلطة والإرتقاء بقدراتها. السبب الثالث :تفعيل مسار السلام على قاعدة السلام الإقتصادى الذى باتت هناك قناعة فلسطينية ودولية أن وجود سلطة قوية وقادرة ماليا يمكنها أن تستجيب للمطالب الشعبية الحياتية يشكل مدخلا للمفاوضات والسلام ومبررا لها. وإحياء خيار الدولتين الذى قد لا يكون بعيدا أيضا عن فكرة صفقة القرن. وزيادة قدرة السلطة في مواجهة القوى المعارضة لأى إستئناف للسلام فالعلاقة طردية بين القدرات السياسية وبين الإستجابة السياسية وتبريرها. علما أن حكومة بينت قد أطلقت رصاصة الرحمة على خيار الدولتين بالإدعاء والتمسك بنفس الحجج أن الظروف غير مواتية ولا يوجد شريك فلسطيني ، وهذه يمكن التغلب عليها بمزيد من الضغط الأميركي ، والانفتاح العربى على عملية السلام. والسبب الآخر تقوية ودعم الأجهزة الأمنية بإعتبارها الآلية التي من خلالها يمكن قيادة مرحلة ما بعد الرئيس. ويقود هذا الاتجاه هادى عمرو مسؤول ملف فلسطين في وزارة الخارجية الأميركية ويهدف لتشكيل لجنة مشتركة لتسهيل النشاط الإقتصادى للسلطة ومراجعة الإتفاق الإقتصادى الموقع مع إسرائيل. وحسب ما ذكرتصحيفة هآرتس العبرية أن محادثات تشكيل اللجنة المشتركة قد أحرزت تقدما . ويبدو تركيز الولايات المتحدة على البعد الإقتصادى في هذه المرحلة تهيئة لمرحلة ما بعد الرئيس والقناعة بدور المؤسسة الأمنية لحفظ الأمن والإستقرار والإنتقال السلمى والحيلولة دون إنتفاضة مدعومة من حماس او غيرها من المعارضه. إضافة لذلك الضغط الأميركي لتعيين نائب للرئيس عباس تحسبا لكل الاحتمالات ومنعها لأى فراغ سياسى انتظارًا لإجراء الأنتخابات وإختيار قيادة سياسية جديدة تسير على نفس النهج السياسى، في هذا السياق تبرز أهمية البعد الإقتصادى للسلام وزيادة القناعات الفلسطينية للحفاظ على السلطة برفدها بالدعم المالى. ويبقى أن الحسابات السياسية تتغير وتختلف من وقت لوقت، ففي الوقت الذى رفض فيه الفلسطينون صفقة القرن وبشقها الإقتصادى والهجوم العنيف لم تعد هذه المبررات أو القدرة قائمة، فالخيار محدودة: إما انهيار شامل للسلطة، وإما القبول بالشق الإقتصادى والحفاظ على السلطة.