قبل الحديث عن الأويغور لا بد من عرض مجموعة من الحقائق عن الوضع هناك كي تتضح الصورة بعيدا عن الترويج الإعلامي العربي وببغاواته العربية.

يبلغ تعداد المسلمين في الصين مابين 30 مليون (إحصاء رسمي) إلى 100 مليون (ادعاءات غربية) وهو مايشكل ١٪؜ من سكان الصين على وجه التقريب.

هناك عشر قوميات في الصين من أصل 56 قومية تدين بالإسلام، تعد الاويغور أكبرها لكنها ليست الوحيدة.

يتمركز الاويغور في إقليم شينجيانغ يوغور الحدودي، وهي منطقة ذاتية الحكم. وتحد الإقليم عدة دول منها أفغانستان وكشمير الهندية والتبت. يوجد في الإقليم 24400 مسجد وثمانية معاهد دينية إسلامية. هناك هجمات متزايدة لجماعات إرهابية أويغورية في الفترة الأخيرة.

تولت تركيا نقل مابين 4 إلى 5 آلاف إرهابي أويغوري للقتال مع داعش في سوريا، وهي الآن تتولى إعادة توجيههم إلى الصين بتنسيق مع أمريكا ودعم من قطر. كذلك أطلقت أمريكا الإرهابيين الاويغوريين المعتقلين في غواتنامو. كما رفعت أمريكا مؤخراً القيود عن التحويلات النقدية إلى أفغانستان.

نقلت أمريكا مئات الآلاف من الأفغان المتعاونين معها لدول المنطقة لدور يُعد لهم مستقبلا.

منذ سنوات والأمريكيون ومن ورائهم الأوربيون يسخنون قضية الأويغور إعلاميا ويتحدثون عن الاضطهاد الصيني للمسلمين الأويغور. قناة الحرة والبي بي سي والقناة الفرنسية العربية وقنوات كندية والجزيرة وحقوق الإنسان تركز كثيرا على اضطهاد الأويغور خلال العامين الفائتين بذات الأسلوب. وتنقل عنها المواقع الإسلامية كالببغاوات من دون إدراك أنها هي المستهدفة.

أمريكا رفعت الحزب التركستاني الإسلامي من قوائم الإرهاب، وجاء في القرار "ألغي بموجب هذا تصنيف حركة تركستان الشرقية الإسلامية، والمعروفة أيضا باسم الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية، على أنها منظمة إرهابية".

إذا أضفنا إلى ذلك الانسحاب الأمريكي من أفغانستان وترسانة الأسلحة التي تركتها أمريكا هناك في مشهد يذكرنا بالأسلحة الأمريكية التي تم تسليمها لداعش بالإنزال الجوي والادعاء بأنه حدث بطريق الخطأ (دي جا ڤو). وكذلك التواجد التركي في أفغانستان المتمثل بوجود جنود أتراك لدور لم يتم إعلانه واستلام الأتراك إدارة مطار كابول ومطارات أفغانستان الأخرى والتنسيق والدعم القطري. فإننا أمام مخطط أحداث جسام في تلك المنطقة.

أمريكا التي لم تحفل بتساقط البشر من طائراتها المغادرة أفغانستان ولا بفرمهم تحت عجلاتها على المدرج، لاتعنيها حقوق الإنسان إلا من حيث استخدامها كسلاح للضغط والابتزاز وتبرير الاعتداءات.

الإنسانية جمعاء ضد اضطهاد البشر لأي سبب ديني أو عرقي أو مناطقي، ولا يمكن لأي بشرٍ سوي أن يقبل باضطهاد إنسان مهما كانت المبررات، لكن الإنسانية كذلك لاتقبل أن تنظر بالعين الأمريكية لحقوق الإنسان، وتدرك أن أمريكا تود أن تبدأ حربا بالوكالة "بروكسي" مع الصين من خلال استنساخ نموذج داعش التي نجحت في تدمير سوريا لاستنزاف الصين.

من الأهمية بمكان أن لا ينبري الخطباء في الدعاء من فوق المنابر لنصر "مجاهدي" أويغور وتجييش الناس كما فعلوا مع "مجاهدي" سوريا والعراق. عليهم أن يتعلموا من أخطائهم السابقة فقد ضاعت سوريا والعراق تحت شعار مجاهدي العراق والشام. ولا يقل أهمية أن يعي الناس أن المخابرات الدولية وأدعياء الجهاد استغلوا العاطفة الإسلامية الجياشة للحصول على دعم مادي لمخططاتهم وتجييش الإرهابيين باسم الجهاد. ليس هناك جهاد بل خططٌ دولية تستغل مجموعات إرهابية في تنفيذ أجندتها.

أمريكا تدرك أن الصين ستطيح بزعامتها كما تدرك أنها لاتستطيع الدخول معها في حرب مفتوحة لأن تكلفتها ستكون الأعلى، لهذا بدأت حربا استباقية اتخذت عدة أوجه منها الاقتصادي (هواوي وتيك توك والرسوم الجمركية العالية على أكثر من مائة وثلاثين منتج صيني) ومنها الإعلامي كاتهامها بتصنيع فيروس كرونا واتهامها بانتهاكات حقوق الانسان (قضية الاويغور). ومؤخراً التخطيط لاستنزاف الصين في حربٍ مع دواعش أويغور.

القضية الاويغورية قضية سياسية بحتة لادخل للدين فيها. وكما أن أمريكا لن ترضى بانفصال تكساس ولا الهند ترضى بانفصال كشمير ولا أي دولة ترضى بانفصال جزء منها تحت أي مبرر، فإن الصين لن ترضى بانفصال شينجيانغ يوغور تحت مسمى تركستان الشرقية.