على الرغم من المكانة الكبيرة التي تحتلها المرأة في المجتمعات المتقدمة لما لها من دور فعّال في إعداد اجيال متمكنة قادرة على تطوير ذاتها من خلال ترسيخها للقيم الدينية والأُسس الأخلاقية في بناء الشخصية بالشكل الصحيح إلاّ أنّها تعرضت ولازالتْ تتعرض للكثير من الانتهاكات لحقوقها في جميع دول العالم وتتنوع هذه الانتهاكات بين خدمتها للرجل في بعض المجتمعات وحرمانها من حقوقها في التعليم والعمل وهي تحت السن القانوني فضلآ عن العنف والاستغلال الذي تتعرض له ونظرة التخلف من قبل بعض المجتمعات لها لعل السبب في ذلك طبيعتها المختلفة عن الرجل أو حب التسلط والتملك جعل من الرجل يجد ضآلته في المرأة لينظر إليها نظرة سلبية مختلفة ومتخّلفة.
لاننسى أنَّ المرأة هي نصف المجتمع لذا وجبَ أنْ تحظى بنفس حقوق الرجل وأنْ تُصان كرامتها وتُحترم كما تصان كرامة الرجل.

* حقوق المرأة ماهي الا إستحقاقات تطالب بها النساء والفتيات حول العالم وتتمثل بالامور الواجب توفرها للمرأة كونها حقآ من حقوقها ...

كما تعّرف بانها قدرة المرأة على إمتلاك الحرية والكرامة والمساواة من منطلق الانسانية الكاملة بعيدآ عن الخوف والاستغلال.
تعتبر هذه الحقوق من ضمن القانون الدولي والوطني لحقوق الانسان والتي تساهم بتعزيز رعاية المرأة وحمايتها، تلك الاستحقاقات في بعض البلدان يكون لها طابع مؤسسي أو مدعوم من قبل القانون والاعراف المحلية وفي بلدان أُخرى يتم تجاهلها وقمعها أحيانآ.
إن تمكُّن المرأة من حقوقها يكفل لها العيش بكرامة وحرية بعيدآ عن الاستغلال وقد تم بيان هذه الحقوق بشكل واضح في القانون الدولي لحقوق الانسان من خلال بعض الاتفاقيات كاتفاقية الامم المتحدة للقضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة لتعزيز مكانتها ودورها في المجتمع.

* أولى الاسلام المرأة اهتمامآ كبيرآ ونظر إليها نظرة تكريم واعتزاز بعد أن كان يُنظر إليها في عصر الجاهلية على أنها نكرة وكانت محل إذلال باستمرار لاتتمتع بأية حقوق فقط الغاية منها كانت إنجاب الاطفال، إنَّ الاسلام وضع المرأة على قدم المساواة مع الرجل وصان كرامتها من الاهانة فلم يميز بينها وبين الرجل لانها شريكة له في الانسانية فقسّمً لها الحقوق بطريقة تكاملية دون اي ضرر يلحق بها او بالرجل بشكل يضمن سير حياتها الأُسرية والزوجية والاجتماعية بطريقة سلسة ومنتظمة.

* إنَّ تطور المفاهيم الانسانية واختلاط الثقافات والاهتمام بالمبادي التي جاء بها التشريع الاسلامي وظهور الافكار التقدمية جعلت المجتمع الدولي ينظر للمرأة بشيء من الاحترام فثمة مبدأ أساسي لميثاق الامم المتحدة والذي اعتمده قادة العالم عام ١٩٤٥ وهو (المساواة في الحقوق بين الرجال والنساء) فتقع على عاتق جميع الدول المسؤولية عن حماية وتعزيز حقوق الانسان للمرأة، وفي العام ١٩٦٥ عُقدت إتفاقية منع التمييز العنصري.

لقد كان التمييز على أساس الجنس محظور بموجب كل معاهدة من معاهدات حقوق الانسان بما في ذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية اللذان ينصان بموجب المادة الثالثة المشتركة بينهما على (حق الرجال والنساء في التساوي في المجتمع بجميع الحقوق)، ثم جاءت إتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة وهذه الاتفاقية تُعتبر الشرعة الدولية لحقوق المرأة حيث تحدد ما يُشكل تمييزآ ضد المرأة وتضع برنامجآ للعمل الوطني من اجل إنهاء هذا التمييز.

تُعَّرف الشرعة الدولية لحقوق الانسان بانها: الحقوق التي يتضمنها الاعلان العالمي لحقوق الانسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والبروتوكولين الاختياريين او بمغنى آخر هي دستور أو النظام الاساسي للقانون الدولي لحقوق الانسان وهذه الاتفاقية قد اعتمدتها الامم المتحدة عام ١٩٧٩ ودخلت حيز النفاذ في الثالث من ايلول للعام ١٩٨١.
إنَّ الاشراف على تنفيذ الاتفاقية هي مهمة اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة وهي لجنة مُكلفة من ثلاث وعشرون (٢٣) خبير مستقل في مجال حقوق المرأة من دول اعضاء مختلفة، وفي العام ١٩٩٤ قررت الامم المتحدة تعيين (مقرر خاص) خبير مستقل معني باسباب وعواقب العنف ضد المرأة حيث يقوم بالتحقيق في حالات العنف ضد المرأة ويرصدها ويوصي بالحلول لانهاء العنف، بعدها أنشأ مجلس حقوق المرأة فريقآ كاملآ معنيآ بمسألة التمييز ضد المرأة في القانون وفي الممارسة من اجل تعزيز الغاء القوانين التي لها تأثير تمييزي على المرأة، حتى جاء (اليوم العالمي للمرأة) أو مايسمى (باليوم الدولي للمرأة) بمثابة عيدآ وتكريمآ لها فيتم الاحتفال بالمرأة لتتويج إنجازاتها ومساهماتها في مجتمعها.
بعض البلدان اعتبرت يوم الثامن من آذار يوم (عيد وطني) فيه حصلت المرأة على حقوقها فتجتمع النساء على اختلاف قومياتها وثقافاتها لتحتفل وتستعرض تاريخ نضالها من اجل المساواة والعدل والسلام.

* تستطيع المرأة أنْ تطالب بحقوقها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وكذلك الحقوق السياسية بمجرد تمتعها بالاهلية الكاملة كالحق في التعليم وإبداء الرأي والعمل ولها الحق أن يكون لها ذمة مالية مستقلة عن الرجل وهذا يدخل ضمن الحقوق الاقتصادية، كذلك لها حقوق أقرتها اللجنة المعنية بالمرأة وفق الاعلان العالمي لحقوق الانسان كالمشاركة في صناعة القرار والمساهمة في تشكيل سياسات الحكومة والتصويت في الانتخابات وتولي الوظائف الحكومية على كافة الأصعدة والمستويات.

ومن أجل القضاء على اشكال التمييز ضد المرأة وتعزيز حقوقها ودورها في كافة المجالات نوصي بأن تكون النظرة للمرأة على أساس ماهيتها: شخص متفرد له احتياجاته ورغباته الخاصة، اعادة النظر في بعض التشريعات والقوانين الخاصة بالمرأة، نشر الوعي الثقافي والاجتماعي والسياسي بين النساء وتعزيز دور المجتمع الدولي ومساعدتهنَّ على الانضمام في الجمعيات والمنظمات الساعية لرفع مستواهن والتاكيد على تفعيل القوانين الوطنية التي تعزز مكانة المرأة.