وجدتُه مُثْقَلاً بما يداريه، ورأيته يُطرِق تارة، ويُقَلِّب طَرْفَه في السماء تارة!

لم أرغب في مقاطعته، ولا في تعكير لحظة اندماجه مع ذاته، لكن حين وقعت عينه على عيني سألته: صديقي ما بك؟

قال: والله يا خالد لم أجد أثقل على النفس من العطاء …

أعني أن يتفضل عليك كريمٌ بعطاءٍ، ثم تعجز عن مجازاته بما يليق

يا له من حمل ثقيل، وعبءٍ خانق!

‏قلتُ له: أتعلم يا صديقي ما أثقل من هذا الشعور الذي ضقتَ به؟

قال لي: ما هو أسعفني؟!

قلتُ: إنه الوفاء أن يكون الامتنان هو الامتنان، والعرفان هو العرفان حتى وإن جرت الأيام وتبدلت الأحوال.

قال لي: صدقت.

ما زال في الناس من ينأى بنفسه عن أن يَمُدّ له أحد يد العون، لا لغناه عن الناس، لكن لخوفه عن عجزه عن الامتنان الذي يليق، ولذا كان اللئام أسرع الناس إلى الأخذ، وأبطأهم في العطاء، بل إن بعضهم يؤذيك ويلاحقك بعتبه وغضبه وكأنك أحد مماليكه!!! أو أنك وليّ أمره كمسؤول عنه.

وقديمًا قال المتنبي:

إذا أنتَ أكرمتَ الكريمَ ملكتَهُ

وإن أنتَ أكرمتَ اللئيمَ تمرّدا

وما قَتَلَ الأحرارَ كالعفو عنهمُ

ومَن لكَ بالحُرِّ الذي يَحفَظُ اليدا؟!