كان مثيراً‭ ‬للقلق‭ ‬مشهد ‬التفشِّي‭ ‬المتسارع‭ ‬لفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬خلال‭ ‬الشهر‭ ‬الفائت،‭ ‬وقد‭ ‬بلغت‭ ‬الإصابات‭ ‬عتبات‭ ‬قياسية‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬بلد‭ ‬أوروبيّ‭ ‬وشرق‭ ‬أوسطيّ،‭ ‬عشيَّة‭ ‬عيد‭ ‬الميلاد‭ ‬خصوصاً.‭ ‬كم‭ ‬كان‭ ‬قاسياً‭ ‬مشهد‭ ‬المرض‭ ‬يتقدم،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬لم‭ ‬تمرّ‭ ‬المناسبة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يخالط‭ ‬الفرح‭ ‬شعور‭ ‬عميق‭ ‬بالقلق،‭ ‬في‭ ‬غمرة‭ ‬الانشغال‭ ‬بتسيّد‭ ‬المتحور‭ ‬الجديد‭ ‬من‭ ‬الفيروس‭ ‬الفتاك؛‭ ‬أوميكرون. ‬لقد‭ ‬عنى‭ ‬الأمر،‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أمور‭ ‬أخرى‭ ‬كثيرة،‭ ‬إحباط‭ ‬خطط‭ ‬السفر‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬مئات‭ ‬آلاف‭ ‬الأسر‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬وكانت‭ ‬تمنِّي‭ ‬النفس‭ ‬بتمضية‭ ‬فترة‭ ‬الأعياد‭ ‬في‭ ‬أجواء‭ ‬أسريَّة‭ ‬داخل‭ ‬البلاد‭ ‬أو‭ ‬خارجها،‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬استتبع‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬أرباح‭ ‬فائتة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬قطاع‭ ‬السفر،‭ ‬انعكست‭ ‬في‭ ‬المحصلة‭ ‬انتكاسة‭ ‬لآمال‭ ‬قطاع‭ ‬الضيافة‭ ‬في‭ ‬استعادة‭ ‬عافيته‭ ‬أيضاً،‭ ‬وامتدت‭ ‬لتطال‭ ‬قطاع‭ ‬السلع،‭ ‬وفي‭ ‬القلب‭ ‬منه‭ ‬السلع‭ ‬الفارهة‭ ‬ومنتجات‭ ‬وخدمات‭ ‬الرفاهية‭ ‬على‭ ‬اختلافها،‭ ‬وهو‭ ‬قطاع‭ ‬يعول‭ ‬على‭ ‬مناسبات‭ ‬رئيسية‭ ‬مماثلة‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬لتحقيق‭ ‬استدامة‭ ‬ازدهاره،‭ ‬وكان‭ ‬الأكثر‭ ‬أهمية،‭ ‬خلال‭ ‬العامين‭ ‬الماضيين،‭ ‬لضمان‭ ‬بقائه‭.‬‮ ‬

في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬الأخرى،‭ ‬يمكن‭ ‬غالباً‭ ‬تعويض‭ ‬الأرباح‭ ‬الفائتة،‭ ‬التي‭ ‬تُسجَّل‭ ‬بفعل‭ ‬ظرفي‭ ‬قاهر،‭ ‬خلال‭ ‬فترات‭ ‬الازدهار‭ ‬اللاحق. ‬لكن‭ ‬قطاع‭ ‬السفر،‭ ‬ومثله‭ ‬قطاع‭ ‬الضيافة،‭ ‬لا‭ ‬يتمتعان،‭ ‬نسبياً،‭ ‬بهذه‭ ‬الميزة. ‬يصعب‭ ‬تعويض‭ ‬الأثر‭ ‬المالي‭ ‬السلبي‭ ‬لسرير‭ ‬فارغ‭ ‬في‭ ‬فندق،‭ ‬أو‭ ‬مقعد‭ ‬شاغر‭ ‬في‭ ‬طائرة،‭ ‬أو‭ ‬كرسي‭ ‬يخلو‭ ‬من‭ ‬الرواد‭ ‬في‭ ‬مطعم‭ ‬أو‭ ‬مقهى‭.‬ وإذا‭ ‬كان‭ ‬للأسماء‭ ‬الراسخة‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬النجاة‭ ‬من‭ ‬قسوة‭ ‬عاصفة‭ ‬مشابهة،‭ ‬فإن‭ ‬الشركات‭ ‬الناشئة‭ ‬والمشاريع‭ ‬المغامرة‭ ‬الجديدة‭ ‬لا‭ ‬تحظى‭ ‬بهذه‭ ‬الميزة،‭ ‬وغالباً‭ ‬ما‭ ‬ينتهي‭ ‬بها‭ ‬المطاف‭ ‬أثراً‭ ‬بعد‭ ‬عين. ‬وكم‭ ‬كانت‭ ‬تبعث‭ ‬على‭ ‬الأسى‭ ‬الأنباء‭ ‬التي‭ ‬تتوالى‭ ‬عن‭ ‬إلغاء‭ ‬آلاف‭ ‬الرحلات‭ ‬الجويَّة‭ ‬ليلة‭ ‬عيد‭ ‬الميلاد،‭ ‬وفي‭ ‬الأيام‭ ‬التي‭ ‬تلي‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬رأس‭ ‬السنة،‭ ‬في‭ ‬نكسة‭ ‬لصناعة‭ ‬لا‭ ‬تزدهر‭ ‬غالباً‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬جو‭ ‬من‭ ‬الطمأنينة‭ ‬وراحة‭ ‬البال.‭ ‬تأتي‭ ‬هذه‭ ‬الكبوة‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬يحتاج‭ ‬فيه‭ ‬القطاع‭ ‬إلى‭ ‬جرعة‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬الأوكسيجين‭ ‬يحتاج‭ ‬إليها‭ ‬بصورة‭ ‬عاجلة‭ ‬وماسة‭.‬‮ ‬

لكنَّ‭ ‬الأمل‭ ‬معقود‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يحمل‭ ‬العام‭ ‬الجديد‭ ‬في‭ ‬ثناياه‭ ‬بقعة‭ ‬من‭ ‬ضوء،‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬محطاته‭ ‬أكثر‭ ‬رفقاً‭ ‬بالإنسان‭ ‬وبالاقتصاد،‭ ‬بمختلف‭ ‬قطاعاته. ‬ولم‭ ‬تتأخر‭ ‬الأنباء‭ ‬الجيدة‭ ‬في‭ ‬أن تعلن عن نفسها،‭ ‬خصوصاً‭ ‬بتأكيد‭ ‬أهل‭ ‬الاختصاص‭ ‬أن‭ ‬مسارات‭ ‬تطوير‭ ‬لقاحات‭ ‬جديدة‭ ‬ضد‭ ‬الفيروس‭ ‬تتحسن‭ ‬باطراد.‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬لعام‭ ‬2021‭ ‬أن‭ ‬يُختصر‭ ‬بمشهد‭ ‬واحد،‭ ‬فليس‭ ‬أدلّ‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬صورة‭ ‬التضامن‭ ‬الإنساني‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬الفيروس،‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬هذا‭ ‬التضامن‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تقتصر‭ ‬أضرار‭ ‬كورونا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬سُجِّل‭ ‬منها‭ ‬حتى‭ ‬الآن. ‬هذا‭ ‬التضامن‭ ‬أنتج‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬دزينة‭ ‬كاملة‭ ‬من‭ ‬اللقاحات‭ ‬المضادة‭ ‬لكوفيد-19،‭ ‬وأتاح‭ ‬توزيعها‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬قياسي،‭ ‬وقاد‭ ‬إلى‭ ‬تدابير‭ ‬وقائية‭ ‬متزامنة‭ ‬ومتجانسة‭ ‬عبر‭ ‬الحدود. ‬وفيما‭ ‬كانت‭ ‬الجائحة‭ ‬تتقدم،‭ ‬كان‭ ‬يسابقها‭ ‬حس‭ ‬إنساني‭ ‬رفيع‭ ‬بأنَّ‭ ‬العالم‭ ‬بيت‭ ‬واحد‭ ‬لجميع‭ ‬قاطنيه،‭ ‬وأن‭ ‬مصير‭ ‬الإنسان‭ ‬واحد‭ ‬أينما‭ ‬كان. ‬تضامن‭ ‬لا‭ ‬شبيه‭ ‬قريباً‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬التاريخ‭ ‬الحديث،‭ ‬يزرع‭ ‬بذوراً‭ ‬إيجابية‭ ‬لمستقبل‭ ‬قادم‭ ‬نأمل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أكثر‭ ‬إيجابية‭.‬‮ ‬

تنتظرنا‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الجديد‭ ‬الكثير من‭ ‬المحطات‭ ‬المشرقة‭ ‬والمضيئة"

وبدورنا،‭ ‬نبني‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الإيجابية‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬الجديد،‭ ‬وجعبتنا‭ ‬التحريرية،‭ ‬نعدكم،‭ ‬ستكون‭ ‬حافلة‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬المحطات‭ ‬المضيئة‭ ‬والشيقة‭ ‬التي‭ ‬ننتظر‭ ‬بفارغ‭ ‬الصبر‭ ‬وضعها‭ ‬قيد‭ ‬التنفيذ‭ ‬هذه‭ ‬السنة. ‬ستحظى‭ ‬قطاعات‭ ‬السفر‭ ‬والسياحة‭ ‬والضيافة‭ ‬باهتمام‭ ‬منا‭ ‬بالتأكيد،‭ ‬ومعكم‭ ‬ستحملنا‭ ‬شهور‭ ‬العام‭ ‬2022‭ ‬إلى مقاصد استثنائية ومميزة،‭ ‬شرقاً‭ ‬وغرباً،‭ ‬وقد‭ ‬بدأت‭ ‬بالفعل‭ ‬بحزم‭ ‬حقائبي،‭ ‬متسلحة‭ ‬بشغف‭ ‬الاكتشاف،‭ ‬وكمامة،‭ ‬وثلاث‭ ‬جرعات‭ ‬من‭ ‬اللقاح. ‬وبتصميم‭ ‬على‭ ‬مد‭ ‬يد‭ ‬العون‭ ‬للأسماء‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الموضة‭ ‬والتصميم‭ ‬والأزياء،‭ ‬سنسلط‭ ‬أضواءً‭ ‬كاشفة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬صاحب‭ ‬موهبة‭ ‬وإبداع،‭ ‬ولن‭ ‬نألوَ‭ ‬جهداً‭ ‬في‭ ‬الكشف‭ ‬عما‭ ‬تكتنزه‭ ‬منطقتنا‭ ‬من‭ ‬فنون‭ ‬وجماليات‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬المجالات،‭ ‬فيما‭ ‬نستقبل‭ ‬بشغف‭ ‬ما‭ ‬يحمله‭ ‬إلينا‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬تميّز‭ ‬ومهارة. ‬وستكون‭ ‬أعيننا‭ ‬على‭ ‬أحدث‭ ‬اتجاهات‭ ‬الموضة‭ ‬والأزياء،‭ ‬والمطبخ‭ ‬العالمي،‭ ‬والصحة،‭ ‬والتكنولوجيا،‭ ‬والكتب‭ ‬والنشر،‭ ‬والتصميم‭ ‬الداخلي،‭ ‬والسيارات‭ ‬والمراكب،‭ ‬والساعات‭ ‬والمجوهرات،‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬عالمنا‭ ‬مكاناً‭ ‬أفضل‭ ‬للعيش‭.‬

وكل‭ ‬عام‭ ‬وأنتم‭ ‬بخير‭ ‬ورفاهية.

SamarAbdulMalak@

* افتتاحية عدد شهر كانون الثاني/يناير 2022 من مجلة الرفاهية العصرية How To Spend It Arabic التي تصدرها إيلاف بالاتفاق مع فايننشال تايمز