ظاهرة بدت تطفو على السطح بشكل متسارع وتشير إلى أننا لم نتخلص تماماً من فكرة تسليم عقولنا للأوهام، عشرات الحسابات التي تظهر بشكل يومي من السعودية وليبيا وتونس ودول الخليج، جميعها تتمحور حول فكرة أنها (العصا السحرية) لتبلغ كل ما تريد سواء من خلال توكيدات معينة أو أذكار دينية بطريقة معينة وفي وقت معين من اليوم وكأن للعلاقة بين الإنسان وربه استراتجيية وتكنيك معين سنّها مجموعة من بياعي الوهم لعديمي الثقة في ذواتهم وقدراتهم مما حدا بهم إللى اللجوء لوهم تصحيح مسار حياتهم في حين العالم من حولهم يتقدم بينما هم قابعين على أطلال خزعبلات ما بين تحقيق الأهداف وبين قراءة الأبراج والطوالع، المعضلة الحقيقية أن البعض يتوقف عن عملية شراء عقار أو يتراجع عن قبول عرض وظيفي أو إتمام مشروع زواج بحجة أن المنجم الفلاني أو مدعية علم الأفلاك والطاقة الفلانية يرون أن هذا التوقيت نحس لتنفيذ هذا الهدف.

و لأننا شعوب دينية في تكوينها الأساسي، لم يكن بشيء بالغ الصعوبة في السيطرة على عقول البعض دون أي إعمال للعقل والمنطق، ظاهرة لا أعلم لِمَ لمْ يتناولها الشارع بمختلف وسائله الإعلامية بشكل واضح وصريح، ظاهرة تطفو على السطح منذ مدة ليست بالقصيرة ولكن الملفت مؤخراً سرعة انتشارها وإيمان البعض بها. حسابات تتبنى فكرة شعوذة ودجل من نوع آخر، طريقة لكسب الأموال من جيوب المغفلات، وأقول المغفلات لأن الملاحظ أن أغلب الجمهور هو من النساء.
انتشرالإعلان عنها في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي ويصل عدد متابعي هذه الحسابات إللى مئات الألوف ومشتركيها يدفعون المبالغ مقابل (تحقيق أهدافهم الحياتية وتجليها)، فيما بقي بعض هذه الحسابات مجاني في محتواه ولكنه في الوقت ذاته يقتات على الإعلانات المختلفة مقابل عدد المتابعين. فكرة هذه الحسابات برامج تلتزم المشتركة فيها بالبدء مع الجماعة في ترديد ورد قرآني معين لعدد محدد من الأيام بينما البعض الآخر يتبع طريقة الالتزام بتوكيدات معينة والبعض الآخر من شدة ثقته بكثرة المغفلين اكتفى بأن تسألين سؤال على شاكلة (هل سيعود علي إلى ساره) فتجيب صاحبة الحساب بنعم أو لا.
السؤال المحير هل ما زال ينقص الكثير من فئات المجتمع الوعي الذي يقفز بنا من مرحلة التبعية لمرحلة العمل والتفكير والمضي قدماً نحو إحداث التغيير في حياة كل منا؟ وما هي طبيعة تعليم وحياة الفئات من النساء اللاتي ينجرفن وراء هذه الخزعبلات بهذا الشكل؟