تطوّر لافت يُنذر بخطورة المرحلة القادمة ويضعها في خانة (الأخطر) والتي تُهدد بنسف العملية السياسية في العراق وإبطال المشروع السياسي الذي قام عليه هذا البلد ذلك البيان الذي أصدره مجلس القضاء في إقليم كردستان أشار فيه أن المحكمة الإتحادية العليا في العراق غير دستورية على إعتبار إن مجلس النواب لم يُصدر قانون تأسيس المحكمة الإتحادية العليا لذلك تكون هذه المحكمة باطلة وغير دستورية ما يعني أن قانون النفط والغاز الذي يعمل بموجبه الإقليم سيبقى ساري المفعول إلى إشعار آخر.

قضية عدم الإعتراف بقرارات المحكمة الإتحادية من قبل إقليم كردستان تُنذر بمتتاليات أخطر وعواقب ربما تنسف كل أركان العملية السياسية التي تأسست بعد عام 2003 بشرعية وغطاء هذه المحكمة الإتحادية، فقرار مجلس القضاء في إقليم كردستان بعدم شرعية المحكمة الإتحادية العليا في بغداد يعني أن الإقليم لن يكون ملزماً بتسليم نفطه إلى بغداد وفق القرار الذي أصدرته هذه المحكمة الإتحادية في فبراير من عام 2022 والذي ألزم بموجبه الإقليم بتسليم وارداته إلى الحكومة المركزية على إعتبار أنه يتعارض مع الحقوق الدستورية للإقليم الكردي، وبهذا فإن عدم الإعتراف بهذه القرارات يفتح المجال للإقليم لتصدير نفطه لمن يشاء، وكيف ما رغب وإلى أي دولة حتى وإن كانت إسرائيل ضارباً بعرض الحائط ذلك القرار الذي أصدره البرلمان العراقي قبل أيام بتجريم التطبيع مع إسرائيل، ويبدو من الواضح أن المعبد السياسي في العراق قد بدأت جدرانه بالتصدّع خصوصاً إن المطالبة بإلغاء المحكمة الإتحادية في العراق يعني رفع الشرعية والغطاء عن كل الذي تأسست عليه المنظومة السياسية منذ كتابة بنود الدستور العراقي في عام 2005 بتجارب مُستنسخة وقوانين مُهجّنة كانت نتيجة مقررات هذا الدستور مزيداً من التناحر والفوضى حتى بين المكوّن الواحد.

محاولات التمرّد لإقليم كردستان وعدم الإنصياع إلى شروط اللعبة السياسية التي يفرضها المركز يوحي في الأفق أن هناك ما يتم التخطيط له خصوصاً تلك الزيارات المكوكية التي يقوم بها رئيس الإقليم وساسته إلى دول غربية وإجتماعاتهم المتكررة مع ممثلة الأمم المتحدة جينين بلاسخارت وذلك التواصل مع السفارة الأمريكية يُكسب قرارات الإقليم ورفضه الإلتزام بقرارات بغداد الشرعية بغطاء دولي خصوصاً مع وجود حكومات ضعيفة وهزيلة في بغداد لا تستطيع الإستقواء على هؤلاء في ظل من يحميهم أو يُضفي لقراراتهم الشرعية.

حديث بعض السياسيين في أروقة السياسة عن وجود إنقلاب سياسي أو تغيير شامل في الوضع العراقي المأزوم الذي يعيشه البلد قد لاح في الأفق وبدأ يظهر إلى العلن بصورة إيحاءات وتلميحات بأن المشهد السياسي في العراق قد خرج عن السيطرة وأصبح كالقنبلة الموقوتة التي تنتظر من يُفجرها ويجعل ما حولها أشلاء خصوصاً مع تصاعد الإنفلات والفوضى وعدم الإلتزام بالدستور.. فهل سنشهد ذلك التغيير؟...دعونا نرى وننتظر...أليس الغد لناظره قريب؟.