سابقًا، لم تكن المسلسلات والأفلام العراقية تستهويني لمشاهدتها، وأن ما أشاهده من الدراما العراقية فقط تلك التي تتحدث عن التاريخ القديم أو التي تتناول حياة شخصية مهمة اوالأفلام الوثائقية.

كانت السينما تصيبنا بخيبة أمل كبيرة فلم ترتق الدراما لأن تكون دراما مشاهدة أو أن تستحق فعلا عناء المشاهدة، فالإنتاج الدرامي يكون بائس بكل معنى الكلمة سواء في الديكور أو الإكسسوار والأداء فيه ضعف واضح من قبل بعض الممثلين،فالجهة المنتجة همّها الأول والأخير ملء الجيوب دون الاهتمام بتقديم دراما حقيقية.

ففي الألفية الجديدة تراجعت السينما العراقية بشكل ملحوظ ويرجع ذلك لعدة أسباب منها الحصار وخروج الكتاب والمنتجين الكبار خارج البلاد، ما جعل الدراما العراقية تتراجع بعد أن كانت هي أساس الدراما العربية الجيدة، وعدم حصول الممثلين على أجر مجز، ما دفع بالكثير من الممثلين إلى البحث عن مهنة جديدة ليكسبوا بها ما يعيلوا عوائلهم به. وهذا أنعكس ذلك سلبا على السينما العراقية.

في سياق آخر، كانت الدراما العراقية لا تخرج من دائرة العنف وكان النفس الطائفي حاضرا في بعضها، كما أن افتقار أغلب الأعمال إلى المراقب جعل المسلسلات تعرض وفيها مشاهد مخزية وعبارات نابية لا تليق بالذوق العام. كما اقتصرت مواضيعها على أن تكون رقصًا وضحكًا وإسفافًا، وهي الدراما التي كانت تسوّق كل سنة وتحرص عليها قنوات معينة، أو عنفاً وقتلاً ومطاردات واختطاف بحجّة أن ذلك هو الذوق العام للمشاهد.

أدى ذلك إلى انصراف المشاهد العراقي عن مشاهدة الأعمال المحلية ليشاهد الدراما العربية، مصرية أم سورية أم خليجية بسبب سوء الأعمال المحلية.

لكن، من دون أدنى شك خلال مواسم رمضان الخمس الاخيرة، تطورت السينما والدراما العراقيتين بشكل كبير وملحوظ، وهذا التطور ناجم من خلال إصرار العاملين في الدراما العراقية على الاجتهاد والتجديد وعدم تكرار الأعمال السابقة.

لكن الحقيقة ما زالت طموحاتنا أكبر من الذي وصلت إليه الدراما عندنا في الآونة الأخيرة. الطموح يتمثل في أن تصل الدراما العراقية إلى أغلب البلدان العربية، لأن المواضيع العراقية مهمة جدًا بالنسبة إلى المشاهد العربي. لكن هذا الأمر يحتاج إلى جهود كبيرة جدًا من العاملين في هذا المجال، لا سيما في عملية تسويق الأعمال الدرامية العراقية، فالفضائيات العراقية بمفردها غير قادرة على أداء هذا الدور، بل يجب أن يكون هناك بعض التعاون مع بعض المحطات العربية كي تقوم بعرض الأعمال العراقية مثلما تقوم محطاتنا الفضائية بعرض بعض الأعمال الدرامية العربية، حيث تكون الفائدة تصب في خانة الطرفين.

انتجت السينما العراقية مؤخرا العديد من البرامج والاعمال الناجحة، آخرها كان مسلسل "بنات صالح" و"تسجيل دخول" و"ممات وطن" وغيرها من الاعمال الناجحة الأخرى التي حصدت مشاهدات كبيرة في العراق والوطن العربي.

كان أول عمل عراقي يترشح لجائزة الاوسكار عن فئة الافلام الأجنبية هو فيلم "شارع حيفا" التي تدور أحداثه في عام 2006 خلال الحرب الأهلية: قناص يقتل احمد امام منزل سعاد التي جاء للزواج بها في ذلك اليوم المشؤوم، ومخرج العمل هو العراقي الواعد مهند حيال.

فيلم "شارع حيفا" وغيره من الاعمال العراقية الواعدة تبشرنا بعودة السينما العراقية إلى مكانتها المعتادة في السينما العربية، ولو أن العودة بطيئة.. لكن، أن تأتي متأخرًا خير من ألا تأتي أبدًا.