بضعة أشهر تفصلنا عن المونديال الكروي الذي سيكون موعدا استثنائيا، كونه ينظم لأول مرة من تاريخ اللعبة في دولة عربية، ومن المؤكد أن قطر ستكون أمام رهان كبير لإنجاح هذا الحدث العالمي، الذي من المرجح أن يمتزج بشيء من المسائل السياسية التي من شأنها أن تعكر صفو التظاهرة، خاصة اذا استمرت الحرب في أوكرانيا إلى ذلك الحين : فسيكون هناك محاولة لاحتواء الشعارات السياسية الداعمة لبوتين التي قد يحملها المشجعون الروس أو غيرهم، مما سيكون هناك تحد أمني كبير خاصة فيما يخص تأمين الجماهير الإسرائيلية التي ستكون حاضرة بكثرة، في الدولة التي تقيم اتصالات مع إسرائيل ولكنها لا تعترف بشكل رسمي بوجود تطبيع ديبلوماسي معها.
وعلى عكس توصية مكتب مكافحة الإرهاب في إسرائيل التي حذرت الجماهير الإسرائيلية من السفر لقطر لحضور المونديال، خرج وزير الخارجية يائير لابيد مؤخرا بتغريده يتحدث فيها ''إنجاز سياسي يملأ قلوب الجماهير'' مؤكدا تواجد المشجعين الإسرائيليين في مونديال الدوحة، ولكن من دون تأكيد أو نفي لموضوع الجسر الجوي الذي تحدثت عنه وسائل الإعلام العبرية والذي قد يربط تل أبيب بـ الدوحة، وان كانت قطر لم تعلق رسميا على تغريدة يائير إلا انها لن تجد ما تقوله ولن تستطيع رفض حضور الجماهير الإسرائيلية لأنها وببساطة قد وافقت على ذلك قبل تقديمها لملف تنظيم المونديال كـ ''تحصيل حاصل'' على اعتبار أن إسرائيل معترف بها من طرف الفيفا.
مسألة حضور الجماهير الإسرائيلية بجواز سفر إسرائيلي لم تكن أبدا محل شك وليست صلب الموضوع، ولكن هذا الحضور سيسيل للعرق البارد للجنة المنظمة ودولة قطر تحديدا، فرفع الأعلام الإسرائيلية داخل وخارج الملعب قد يتسبب في مصادمات بين الإسرائيليين والقطريين الغير معترفين بـ اسرائيل او الفلسطينيين المقيمين في قطر وغيرهم من العرب، وهنا قد تضطر قطر الى منع رفع العلم الإسرائيلي أو حتى الفلسطيني على حد سواء وكي لا تمتزج السياسية بالرياضة وتفسد العرس الكروي أو تمنح الفرصة للإعلام المعادي لقطر بوصف تنظيمها للمونديال بالفاشل.
ستصطدم قطر أيضا بأجندة إسرائيل التي لن تتوانى في تمرير رسائل سياسية خلال هذا الحدث العالمي، وغالبا ستلعب هذه الأخيرة على وتر التطبيع مع العرب وستحشد الآلة الإعلامية لخدمة هذا الملف : لا أستبعد أن يكون هناك صور بين علم إسرائيل وأعلام بلدان عربية غير مطبعة إلى جانبه في قلب قطر (الإسرائيليون يتقنون فن اللعب على الصورة) وستحاول إسرائيل أن تبعث برسالة للجماهير العربية مفادها أن السلام ممكن وأن الرياضة تمكنت من أن تتجاوز الخلافات السياسية، وأن الشباب العربي متفتح لفكرة السلام مع الإسرائيليين وأن وجود الإسرائيليين في بلد عربي لم يطبع رسميا شيء يبعث بالتفاؤل في مستقبل العلاقات مع قطر وجيرانها المترددين، وهنا سيجد قادة حماس المقيمون في قطر أنفسهم مجبرين على تفادي التعليق على حضور جماهير كيان لا تعترف به على أرض قطر التي تستضيف قياداتها وتدعم غزة ماديا ومعنويا تفاديا للإحراج .
مونديال قطر لن يخلو من المتاعب لقناة الجزيرة التي ستضع خطة محكمة من أجل تفادي اظهار علم اسرائيل من قلب الدوحة خلال تغطيتها الإخبارية للمونديال، حفاظا لما تبقى من مصداقيتها وصورة قطر في عيون العرب والغزيين تحديدا، ومن المرجح أنها ستتفادى نقل اي خبر تصعيد إسرائيلي داخل فلسطين أثناء المونديال تفاديا لوقوع عمليات انتقامية ضد إسرائيليين في عقر دارها.
- آخر تحديث :
التعليقات