عندما قام خامنئي بتنصيب ابراهيم رئيسي کرئيس للنظام، فإنه کان يقوم من خلال بإرسال رسائل بعدة إتجاهات، تٶکد کلها على إن النظام يمضي نحو مستقبل لامجال فيه للشك بقدراته وإنه ومن خلال رئيسي والحکومة "الفتية" التي يشکلها سيجعل من نظام ولاية الفقيه أمرا واقعا وسيجعل کافة المراهنات الجارية على مستقبل النظام بخلاف ذلك هباءا منثورا.

خامنئي بتنصيبه رئيسي عضو فرقة الموت لمجزرة 1988، والوجه القبيح والمکروه من جانب الشعب الايراني، أکد للعالم إصرار النظام على تمسکه بنهجه المتشدد وعدم إمکانية التخلي عنه، کما إنه ومن خلال تنصيب رئيسي أيضا، أراد أن يٶکد للشعب والمعارضة الفعالة ضد النظام والمتمثلة بمنظمة مجاهدي خلق، بأن عهد الحديد والنار قد عاد على أسوأ ما يکون وإن من يقف بوجه نظام سوف يلحق بأسلافهم من الذين قضوا نحبهم على يد رئيسي نفسه!

رهان الولي الفقيه على رئيسي وبعد مرور عام على توليه لمنصب رئاسة النظام، لا نذيع سرا إذا ما قلنا بإنه رهان خائب ويبعث على السخرية والتهکم، خصوصا بعد أن أثبتت الاحداث والتطورات بأن رئيسي لم يحقق المسار المطلوب ولو لهدف واحد من الاهداف التي رسمها خامنئي له، بل وحتى يستحق أن يدخل کتاب "غينس" للأرقام القياسية على نسبة الفشل الکبير الذي حققه خلال عامه الاول من ولايته.

إرتکاب مجزرة السجناء السياسيين في صيف عام 1988، طاردت وتطارد رئيسي منذ مشارکته کعضو في لجنة الموت الرباعية والملفت للنظر إن مرور أکثر من ثلاثة عقود على تلك المجزرة لم تساهم على التخفيف من شدة وطأتها على رئيسي بل وحتى إن تنصيبه قد ساهم بتوسيع دائرة مطاردته وسلطت الاضواء عليه کمجرم ضد الانسانية الى الحد الذي يمکن القول فيه إنه "أي رئيسي" أشبه بالملعون، وإن ماضيه الاسود الملعون هذا صار دافعا وحافزا لمضاعفة مساعر الکراهية ضده، ولذلك فإنه ومنذ اليوم الاول لإعلان تنصيبه فقد واجها رفضا شعبيا غير مسبوقا تجلى في مختلف التحرکات الاحتجاجية ضده التي توسعت دائرتها مع مرور الايام وکذلك تعاظم نشاطات وحدات المقاومة التابعة لمجاهدي خلق في سائر أرجاء إيران.

المراهنة على تشدد رئيسي وعلى ماضيه القمعي الدموي، لا يبدو إنه قد کان مجديا ذلك إن النتائج کانت عکسية تماما، ذلك إنه وبدلا من أن يساهم في کبح جماح النشاطات المعادية للنظام ويهدأ الاوضاع ويدفع الشعب للإستکانة، فإنه وعلى الرغم من الاجواء القمعية وتهديد ووعيد النظام فإنه تم تسجيل ما لا يقل عن 9630 احتجاج وانتفاضة، بزيادة 809 عن العام السابق، وخلال ولاية رئيسي، نفذت وحدات المقاومة ما لا يقل عن 2350 عملية مقاومة ضد رموز النظام القمعية في مختلف البلدات، نجح 85٪ منها.

العام الاول من ولاية رئيسي مر ثقيلا وبطيئا جدا على النظام حيث کان رئيسي والنظام خلاله أشبه بالعقرب المحاط بدائرة نيران الاحتجاجات الشعبية ونشاطات وحدات المقاومة والاوضاع الإقتصادية بالغة السوء والعزلة الدولية، والذي يثير السخرية ويثبت الفشل الذريع وبإمتياز لرئيسي في عامه الاول، هو إنه وبحسب ماکان مخططا له بأن يضع حدا لدور وتأثير مجاهدي خلق في داخل وخارج إيران، فإن الذي جرى هو إن رئيسي ونظامه قد إنکفأ وإنطوى وتقوقع على نفسه، وإن مراجعة نشاطات مجاهدي خلق خلال العام الاول من ولاية رئيسي، يظهر واضحا بأنه کان الاقوى طوال الاعوام الماضية وهو لوحده أکبر دليل إثبات على فشل رئيسي.

خلال العام الاول من ولاية رئيسي، فإن إلقاء نظرة على ملف إنتهاکات حقوق الانسان التي تعاظمت أکثر من أي وقت آخر وعلى الاوضاع الاقتصادية التي تفاقمت الى أبعد حد، وعلى بقاء النظام في عزلته وتشديد وطأتها وعدم تمکنه من تحقيق أي نجاح، فإن الذي يبدو واضحا جدا إن الاعوام القادمة ستکون الاصعب وإن ما ينتظر رئيسي هو الأسوأ بکثير، وإن کل الدلائل تشير الى أن رئيسي ونظامه في مأزق مميت خصوصا بعد أن باتت الاحتجاجات الشعبية في أغلب الاحيان تتخذ طابعا سياسيا وصار مطلب إسقاط النظام وتغييره يفرض نفسه کحل وحيد لا مناص منه من أجل إنهاء الاوضاع الاستثنائية التي يواجهها الشعب الايراني منذ تأسيس هذا النظام.