حتى وقت قريب كان التيار الصدري والأحزاب الاسلامية الشيعية يتفاخرون بأنهم تيارات إسلامية محافظة بعيدا عن التوجهات المدنية أو العلمانية ومناهضة لهذه الافكار التي يدعون انها افكار مدعومة من قبل الغرب هدفها إشاعة الفساد في المجتمع العراقي، لكن هذه الأفكار تبدلت في انتخابات العراقية عام 2018 عندما تحالف التيار الصدري مع الأحزاب المدنية والشيوعية وعاد وكررها مع الأحزاب المدنية التقليدية ك الحزب الديمقراطي الكوردستاني و حزب تقدم وهذه الأحزاب معروفة بأفكارها المدنية الديمقراطية بعيدة عن توجهات الإسلام السياسي.

وكانت الأحزاب الإسلامية الشيعية الاخرى القريبة من المحور الايراني أو ما تعرف بالأحزاب المقاومة دخلت هذه المعادلة متأخرة عندما رأت أن مقتدى الصدر سيسيطر على الحكم في العراق بفعل فوز كتلته السياسية بأغلبية مقاعد مجلس النواب في الانتخابات الاخيرة وكما هوا معروف أن مقتدى الصدر وتياره في البرلمان قوة معادية لإيران وأداة فعالة لوقف نفوذ طهران في العراق أو تقليله على الأقل، وكان مقتدى الصدر قد اكد في خطاب متلفز بعد فوزه في الانتخابات، إن فوز تياره كان انتصاراً على الميليشيات، وإنه سيسعى إلى كبح جماحها، مؤكداً أنه من الآن فصاعداً ستكون الأسلحة تحت سيطرة الدولة وحدها. وفي إشارة إلى الولايات المتحدة وقوى أخرى، قال إن السفارات الأجنبية ستكون موضع ترحيب للعمل في العراق طالما أنها لا تتدخل في شؤونه الداخلية.

هذه الدعوات التي أطلقها الصدر لم ترضي الأطراف المسلحة القريبة من المحور الايراني ذات التوجه الإسلامي وسرعان ما دعت القوى السياسية الاسلامية والمدنية الى تحالف سياسي جامع ضد طموح الصدر.

الاحزاب الاسلامية غيرت أفكارها بسرعة عندما رأت أن مكتسباتها التي حققتها ستكون في خطر الأحزاب الاسلامية تستخدم شعار، لا ثبات في السياسة، فالصالح اليوم قد لا يكون كذلك غداً، والعكس صحيح، هذه الأحزاب هدفها السلطة فقط.

انتفاضة أكتوبر (تشرين الأول) كانت القشة التي قسمت ظهر الأحزاب الإسلامية وما خلفته من نقمة على النظام السياسي الذي تسيطر عليه بشكل عام أحزاب وقوى إسلامية يبدو أن انتفاضة (تشرين) التي رفعت شعارات إصلاح النظام وتغيير الحكم ودعت أيضا إلى نهاية الإسلام السياسي في العراق بعد أن سئم العراقيون من هذه الاحزاب التي لم يجنوا منها سوى القتل والدمار والفساد، و يبدو أن استشعار الأحزاب الإسلامية لخطر المنافسة الانتخابية المقبلة واضحاً، حيث باتت تلك الأحزاب تروّج إلى أن وصول شخصيات علمانية إلى مناصب في حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لم تؤد إلى تغيير حقيقي، في سياق استخدامها كمحاججة مقابل ادعاءات القوى المدنية المستقلة.

#فضاءـالرأي