قبل أيام قرأت مقال للإعلامية والمهتمة بشؤون السينما سهى الوعل تسلط فيه الضوء على مشكلة مهمة ومثار جدل ليس فقط لتعدد الأراء والرؤي التي يملك كل فريق أدلة اقناع يصعب تغييرها لصوابها، فكل الأراء صحيحة.

في مقالها المتميز بعنوان "فيلم سعودي؟ هجوم !" _ يمكن الإطلاع عليه في مجلة سيدتي _ تسلط الوعل الضوء على إشكالية الكتابة عن الافلام السعودية نقدياً، وتسابق الأغلبية لكشف نقاط الضعف أولاً الموجودة في الفيلم وليس حث الناس على الذهاب لمشاهدته، وهو أمر يشكل النقطة المحورية في المقال مطالبة بأن يكون هناك توازن بعدم مجاملة الفيلم السعودي وفي نفس الوقت بالصبر عليه.

يأتي هذا الحديث بعد توالي التجارب السعودية المعروض في صالات السينما والتي في أغلبها مرت مرور الكرام بالنسبة للجماهير، وآخر هذه التجارب كانت أفلام "تسعين يوم – سكة طويلة- كيان".

أمر هام يجب لفت الانتباه إليه هنا مرتبط بالتأكيد على أن عدم النجاح الجماهيري في شباك التذاكر لا يعني بالضرورة أن هذه الأفلام سيئة، فثمة أفلام عربية لم تحقق ايرادات عند طرحها في الصالات لكنها تحولت لأيقونات سينمائية منها على سبيل المثال لا الحصر "المومياء" و"الشموع السوداء" " الحريف " وهذا لا يعني بالطبع المقارنة بين هذه الافلام والأيقونات السينمائية الخالدة، أمر آخر مرتبط بحداثة التجربة السينمائية السعودية وتقديمها بالتزامن مع انفتاح على السينما العربية والعالمية، ومع فارق الخبرة وأمور عديدة تكون هناك معايير مختلفة بالمنافسة على الايرادات ليست في صالح الفيلم السعودي بكل تأكيد.

برأيي يجب أن يكون التركيز بتحسين جودة الأفلام والعمل على تطوير الأعمال السينمائية ومحاولة ايجاد طريقة لجذب الجمهور السعودي للنزول من بيته إلى صالات السينما لمشاهدة الأفلام السعودية وتفضيلها عن توجهه للاختيار على نظيرتها الأمريكية والمصرية التي تحقق أرقام قياسية بشباك التذاكر، أما مطالبة الجمهور حين لايعجبه عملك بأن يكون حليما ًولا يستعجل ولا يكتب عنه بسوء بحجة دعم الصناعة، فهو أمر غير منطقي لأن الجمهور غير مطالب بأن يكون حليماً ويتجاوز وعيوب الأفلام من أجل دعم صناعة السينما السعودية.

الجمهور عندما يشاهد عملا ً يحوز على إعجابه أو به نجم من نجومه المحبوبين سيذهب ويشاهده حتى لو لم يحز هذا العمل على إعجاب النقاد السينمائيين ، وبالمناسبة هناك وهم كبير لدى البعض يرى بأن آراء النقاد مؤثرة بشكل كبير على الجمهور وهو وهم خاطئ بدليل أن عادة ما يعجب النقاد لا يعجب الجمهور، الأمر الذي يظهر واضحاً في إشادة النقاد بأفلام تشارك على الأرجح في مهرجانات سينمائية بينما تنال الأفلام الجماهيرية عادة انتقادات منهم، ونادراً ما تجد فيلم يمزج بين الإشادة الجماهيرية والنقدية معاً علماً بأن كلا منهما لا تؤثر على الآخرى.

أقرب مثال على ذلك الفيلم السعودي ( شمس المعارف ) للأخوين قدس على الرغم من هجوم النقاد عليه إلا أنه حقق نجاحا ً جماهيريا ً كبيرا ولو كان غير مرتبط بعروض على منصات المشاهدة لأستمر بقاؤه في صالات السينما أكثر من شهر .

أكتب هذا الكلام وهناك أصوات عديدة من منطلقات عاطفية تطالب بدعم الفيلم السعودي بإجبار صالات السينما بإبقاء الفيلم أكثر من أسبوع سواء حضر الجمهور أو لا، وبرأيي لن يتغير شيء سوى أنه في السابق مر اسبوع لم يشاهد فيلمك أحد والآن مرت أسابيع أكثر ولم يشاهد فيلمك أحد، والأجدى والأهم هو تطوير الفيلم ليكون بقاءه في الصالات مطلباً جماهيرياً.

لدينا تفائل بكل هذا الحراك السينمائي خاصة وأنه في نهاية هذا العام إضافة للعام القادم، هناك أفلام سعودية عديدة طويلة منتظرة ما بين أفلام ستعرض للجمهور وآخرى ستطوف مهرجان قبل عرضها تجارياً، وأفلام ستعرض على المنصات لذا سيبقي الرهان على تطوير وتحسين جودة الفيلم السينمائي السعودي ومحاولة إيجاد التوليفة السينمائية المناسبة بالنسبة للجمهور، وهي الأولوية التي يجب العمل عليها بدلاً من تعليق الإخفاق بالصالات على شماعة الجمهور.