يبدو واضحا أن الحكومات الغربية أعطت الضوء الأخضر للإطار التنسيقي المقرب من ايران، بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة من خلال تكليف محمد شياع السوداني بذلك وهو مرشح الإطار ويظهر ذلك من خلال رسائل التهنئة التي خرجت من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وكندا بالإضافة إلى اللاعب الأكبر في المعادلة العراقية وهي الولايات المتحدة الأمريكية التي عبر من خلال سفيرتها في بغداد عن ترحيبها الكبير بتكليف محمد شياع السوداني وأعلنت أنهم سيقدمون الدعم الكبير له لانجاح مهمته.

حكومة بايدن والحزب الديمقراطي هي ليست مشابهة بحكومة ترامب والجمهوريين، سياسته بخصوص العراق تختلف عن سابقيه حيث هو اقل اهتماما وتوجها صوب العراق ولهذا لم تمانع السياسة الامريكية الحالية تولي مرشح الإطار التنسيقي القريب من طهران مهمة تشكيل الحكومة العراقية.

بالاضافة الى ذلك، هي ليست المرة الاولى لاتفاق ايراني-اميركي داخل العراق حيث كانت المرة الاولى سنة 2018 حين وافقوا على رئيس الجمهورية السابق برهم صالح وعادل عبد المهدي رئيسا للوزراء انذاك.

كما أن إيران تعلم جيدا حاجة الغرب للطاقة واستغلت ذلك من خلال فرض مرشحها السوداني وتأخير تشكيل الحكومة العراقية مدة عام بعد الانتخابات التي أجريت في أكتوبر 2021، وجعل فريقها القريب منها أكبر كتلة داخل البرلمان العراقي بعد إجبار التيار الصدري على الاستقالة وفقا للخطط الإيرانية.

اقولها دائما، الغرب بصورة عامة مستعد ان يدخل بأي صراع ويستقبل اي نوع من التهديد الدبلوماسي او العسكري لكن اياك المساس بمصادر الطاقة، اوربا اليوم تشهد ارتفاع شديد بأسعار الغاز والوقود وهذا يأثر على وضع المواطن الغربي، حيث ان الاخبار تشير الى ان بعض الأوروبيين سيتناولون وجبات طعام اقل حتى لا يصلون الى مرحلة الفقر وهذا بسبب ارتفاع الوقود للتدفئة والعجلات والكهرباء.

العراق مصدر أساسي من مصادر الطاقة العالمية وعليه يجب ان يستقر قبل وصول الشتاء الاقسى على الدول الغربية، ولهذا هم لا مانع لديهم على السوداني او غيره ما دام سيشكل حكومة مستقرة نسبيا تحقق جزء من مطالب الشعب العراقي حتى ينعمون هم باستقرار ايضا في دولهم.

أن التدافع الغربي على دعم السوداني يظهر تناقض كبير في سياساتهم وخاصة أن احاطة المبعوثة الاممية في العراق السيدة جنين بلاسخارات قد شيطنة النظام السياسي العراقي وأكدت أنه نظام يعمل ضد مصالح شعبه وبالتالي هذا الدعم الغربي يناقض ما جاء في الاحاطة وفي ذات الوقت.

قد يبدو لنا ان الغرب وبالتحديد أمريكا قد تنازلت عن العراق لصالح إيران التي احتفلت بتحقيق الانتصار في معركة العراق سياسيا ولكن لا بد من الإشارة إلى أن طهران حاولت عدم فرض مرشح قريب منها بشكل مباشر ولكن الإطار التنسيقي اتخذ خطوات جعلت طهران تسيطر على العراق في الفترة المقبلة دون أن تقوم طهران بجهد كبير لذلك وكما ان الاحتجاجات الداخلية في إيران جعلها تقلل مجهوداتها داخل العراق وأعطت مساحة أكبر لحلفائها للتصرف بما هو مناسب لهم ولطهران وهذا ما حدث من خلال انسحاب الصدر وتياره وفرض مرشحهم لمنصب رئيس الوزراء.

كما أن الاطار التنسيقي قد ارتاح قليلا في الفترة المقبلة لان الدول الغربية لن تعمل على العراق أو أي منطقة أخرى في ظل انشغالهم الكبير بأزمة أوكرانيا والتي جعلت منهكين سياسيا واقتصاديا وعسكريا وبالتالي عدم فتح جبهات جديدة لهم في منطقة الشرق الأوسط يعني عدم تشتت خططهم وقوتهم في مناطق أخرى وهذا الأمر يؤكده اتفاق حزب الله وإسرائيل على ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل وحصول استقرار لو بشكل مؤقت لحين انتهاء أزمة أوكرانيا.