الفساد يعني استغلال السلطة بطريقة بشعة لتحقيق مكاسب شخصية او حزبية ضيقة وعلى حساب المجتمع في حالة غياب الدولة.

اما في حالة وجود الدولة فيضيق الخناق على الفساد ويكاد يكون معدوما لانه وبحسب المختصين ان في دولة المؤسسات ما لا يقل عن اثني عشرة جهازا مسؤولا عن محاربة الفساد كجهاز القضاء والنزاهة والرقابة والمحاسبة وجهاز امني مختص وانتروبول وغيرها من الاجهزة المختصة الاخرى.

في حالة غياب الدولة تتوقف تلك الاجهزة عن العمل فينتعش الفساد، فإنتعاش الفساد في العراق كان منذ زمن بعيد لسببين الاول هو النظام الديكتاتوري السابق الذي لوى عنق الدولة وصادر مؤسساتها من اجل السيطرة على المال العام لخلق قاعدة شعبية موالية للحاكم المطلق وليس للوطن والسبب الاخر هو استيلاء الاحزاب السياسية بكل توجهاتها بعد عام 2003 على السلطة في البلاد فإستمرت بعملية مصادرة مؤسسات الدولة من اجل الاستحواذ على المال العام لتقوية تلك الاحزاب على حساب الدولة والمجتمع وهذا ما صرح به الكثير من السياسيين امام الاعلام.

فأشكال الفساد متعددة منها نهب اموال البلد والسيطرة على الممتلكات العامة العائدة للدولة وكذا غياب الخدمات التي تعود بالنفع على المواطنين واهمال البنى التحتية كالمصانع والمعامل والمزارع والحقول والمؤسسات التعليمية والصحية وغيرها.

بناءا على هذا الاساس قرر ملايين العراقيين منذ سنين التظاهر السلمي تعبيرا عن رفضهم للفساد والمطالبة بتحقيق الخدمات وفي ذات الوقت تضامن الكثير من السياسيين مع المتظاهرين واطلقوا العهود والمواثيق لتحقيق مطالب الجماهير فحدثت هنا اشكالية كبرى للطرفين المتظاهر والسياسي المتحمس على حد سوآء. فالمتظاهر اصبحت مسألة تحقيق مطالبه امرا مستحيلا والسياسي عجز عن تنفيذ وعوده واصبح كذابا بنظر الكثير من المواطنين وربما هو كان صادقا في مسعاه وذلك كله بسبب شلل او توقف مؤسسات الدولة عن العمل وبضمنها تلك التي تنجز الخدمات او تحفظ المال العام.

وبعد هذا التوضيح ادركنا ان آلية القضاء على الفساد لم تكن المظاهرات ولا وعود السياسيين بل الآلية هي بناء دولة المؤسسات التي تاخذ على عاتقها تفعيل قوانين وضوابط عمل كل مؤسسة على حده لكي تقوم بواجبها.

اما مسألة بناء دولة المؤسسات التي تقضي على الفساد فهي مسؤولية كل مواطن عراقي ومن مختلف شرائح المجتمع كل حسب قدراته وخبراته ودرجة انتمائه للوطن.

#فضاءـالرأي