لدي شبه يقين بأن كل الأزمات والمميزات بشخصية الأفراد تساهم بها عوامل التربية بالطفولة وشكل النشأة بنسبة كبيرة تتعدى من وجهه نظري التسعون في المئة من كل العوامل المؤثرة الأخرى، كالإعلام والشارع ودور العبادة وغيرها من مؤثرات تعد مكون لشخصية الفرد.

وقولي هذا لا يعني أن هناك تربية بلا أخطاء يحظى بها بعض الأفراد، أو هناك تربية كلها خاطئة. لكل تربية أخطائها ونجاحاتها إلا أن إدراك الفرد لعيوب ما تعرض له من تربية ووعيه بأهمية تطوير ذاته هو ما يحمي ترسخ تلك الأخطاء وتفاقمها داخله، الوعي والإدراك ليس بالأمر الهين بأي حال من الأحوال وشجاعة الاعتراف بعيب التربية وتحمل مشقة تغييره لا يقدر عليه سوى "الأبطال". فالتغيير للأفضل أكبر بطولة يمكن لإنسان أن يمر بها، ذلك لأن الأسؤا نعتاده ونرتاح له.

مررت بحياتي بنوعيات متعددة لسوء التربية أو بمعنى أدق لأزمات حدثت أثناء تربيتهم من أسرهم، وللأسف أغلبهم إن لم يكن جميعهم لم يستطيعوا سوى الارتكان للعيب وقبوله وقذف الآباء وحدهم بالمسؤلية عن جريمة عيوب شخصيتهم، وبالطبع عندما يكون هناك أخر مسئول عن عيوبنا لن نغيرها لن نتعب في تغييرها لن نتألم من أجل التغيير، وحتى لن نشعر بالذنب مما نسببه للآخرين من ألم لأننا "لم نتربى على نحو جيد".

الآباء دورهم مرحلي بحياة أبناءهم لينطلق بعدها الأبناء للحياة وتكون لهم خبراتهم وشخصياتهم ومسؤلياتهم عن الصواب والخطأ النجاح والإخفاق. في المجتمعات الأبوية فالأمر مختلف دور الأب والأم ممتد لمسؤليات لا علاقة لها بالأبوة أو الأمومة، إنما لها علاقة بترسيخ أمرين كلاهما غاية في السوء وهما "الأنانية ،انعدام المسؤلية" .

الأمثلة كثيرة منها وأهمها بقاء الأبناء في رعاية الأهل لحين الزواج، وحتى بالزواج يقوم نفس الأهل بتأسيس "مكان فَقَسَ" لأبنائهم وبعد أن تتم عملية "فَقَسَ" بنجاح يقوم ذات الأهل بتولي شئون الناتج من "فَقَسَ" وتولى مسؤلية الطبيب والمدرسة والرعاية لساعات طويلة مجانية للـ "البيض" المسمى أحفاد.

حقيقي لا أفهم أي محبة أبوية تلك التى تخلق أناس شديدي الأنانية ومنعدمي المسؤلية! تلك ليست محبة وليست مساعدة وليست أي شيء إيجابي تلك تربة مثمرة لفاسدين تحت مسمى "بني أدميين".