هناك عدد من العبارات التي نتخذ منها كمجتمع مواقف رافضة ومضادة، ذلك دونما أن نفهمها بتفاصيلها حتى نستطيع أن نرفضها على نحو دقيق، ومن تلك العبارات "مصلحتي مهمة، أنا بحب نفسي".
المجتمع لدينا يعيش حالة من الإنكار لأهمية الكثير من الأشياء، ولأنه ينكر تلك الأهمية ظاهريًا، يتوغل على نحو فاسد في الإتيان بها واقعيًا.
ظاهريًا نرفض فكرة أننا ينبغي وينبغي جدًا أن نحب أنفسنا، ونعيش ظاهريًا كأن "التضحية" عنوان لحياة كلًا منا، في حين إنها ليست كذلك على أي نحو، فتكون النتيجة توغل حالة من "الأنانية" الفتاكة بين أفراد المجتمع.
نرفض كمجتمع فكرة "مصلحتي مهمة" ونعيب بشكل كبير على كل من يتفوه بتلك العبارة، وكأننا مجتمع يعيش أعضاءه من أجل تغليب مصالح كل ما هو دونما خارج نفسه، ولأن ذلك كذب وليس بالحقيقي على الإطلاق، نجد إننا واقعيًا لا نعمل من أجل إعلاء المصلحة الشخصية فقط، إنما الصعود على "جثث الآخرين" دونما خشية من أي قيمة فكرية تمنع ذلك. لا توجد مشكلة عندما تحب "نفسك" على نحو من الاعتدال - كل ما هو خارج الاعتدال مؤذي - فعندما تحب نفسك ستعمل على أن تكون خياراتك الحياتية بكافة مناحيها جيدة لتلك النفس، عندما تحب نفسك لن تتركها تهلك وسيكون بينك وبين نفسك حوار بناء لمعرفة جوانب النقص والخلل بها وكذلك القوة، عندما تحب نفسك سيكون لديك قدرة على حب الآخرين لأنهم يشتركوا معك كناجح، عندما تحب نفسك ستبحث دومًا عن تطويرها فيستفاد منك وطنك وإنسانيتك.
عندما تحب نفسك ستكون متصالح معها ومع أخطاءها ولن تعيش في صراع داخلي، عندما تحب نفسك ستنشغل بحياتك وليس النظر لحياة الآخرين، عندما تحب نفسًا ستحاول أن تكون عادلاً مع من هم حولك كما هو الحال مع نفسك. عندما تكره نفسك ستعيش بحياة ليست لك، ستؤذي تلك النفس التي لا تعرفها وستؤذي كل من هم حولك، ستدخل بعلاقات ليست لك وسترتبط بأناس لا يفهموك، ستدمر تدريجيًا تلك الذات التي تكرهها ولا تُجيد التعامل معها، ستعلمها اليأس وستدربها على الإحباط وسينتهي بك الحال لغرفة سوداء وحيدًا بذات محبوسة.
الواقعية تقتضي بأن نعترف بأن "المصلحة" تتساوى مع سواء الإنسان، فلا يوجد إنسان طبيعي يعمل ضد مصلحته، لا يوجد إنسان طبيعي يتعمد أن يتألم ويخسر؟ الجميع يعمل لما يجعله سعيد "المصلحة".
الأزمة أو الخطأ هو أنه مع شدة ووطأة الحياة أصبحت "المصلحة" المرفوضة ظاهريًا فقط متوحشة فأصبح من الممكن وبسهولة أن "يدوس" عليك من يستطيع لتضارب مصلحته معك، فالعلاقات جميعها بحياتنا تلك تحكمها المصلحة، والمقياس للسوء هو أليات التنفيذ بمعنى كيف أحقق مصالحي ولا أوذي مصالح غيري؟ بقدر الإمكان أن ننتفع جميعًا بنسب جيدة ومرضية، لا تستمر علاقات الشهامة والتضحية فقط ، فالخاسر لا يمكن إن كان طبيعيًا أن يظل خاسرًا لصالح آخرين إلا لو كان قديس أو مختل عقليًا أو نفسيًا.
الأب والأب ببعض الحالات هم فقط من يحكم علاقاتهم بأبنائهم انعدام المصلحة، نربي أبنائنا ونسندهم دون مصلحة من ذلك، فكونهم امتداد لنا ينفي المصلحة والمنفعة كحالة نحياها، لكن الأبناء ليس جميعهم لا يحكم علاقاتهم بأهلهم المصلحة فإن كان الآباء يعتقدوا أن أبنائهم امتداد لهم فالأبناء لا يعتقدوا بأي حال أن أبناءهم امتداد لهم.
حب نفسك وأعلى من مصلحتك على نحو من الاعتدال فتربح، ولا تدعي قدسية لذاتك غير موجودة سوى بأوهام رأسك.
" شكة"
** لا تنتظر ما لا ياتي.
** الحب قد لا يتحول لصداقة، لكن يمكن جدًا أن يكون احترام وتقدير.
التعليقات