مؤتمر بغداد ٢ ليس مؤتمرا يلبي مصالح العراق والمنطقة ولم ولن يضع الأمور في نصابها، وخيارنا الوحيد هو نجاح الثورة الإيرانية.
وقع العديد من أبناء هذا العالم في فخاخ هذا النظام الوحشي، كما راق للبعض التعامل مع هكذا نظام يجيد فن المساومة والمراضاة ومستعد للدفع أينما تقتضي الضرورة وتتطلب المؤامرة، وهكذا كانت الأحوال طيلة أكثر من ٤٣ سنة الميكافيلية هي المبدأ والقياس فلا دين ولا قيم ولا قوانين.
كان البعض من أبناء المنطقة والعالم يرون في خطاب المعارضة الإيرانية مبالغة ورفضوا مطالبها وتستروا على جرائم هذا النظام حتى اليوم تسترا مدفوع الثمن في غالبه، أما بعد الذي حدث ويحدث في العراق وسوريا واليمن وفلسطين ولبنان والمنطقة وبات اللعب على المكشوف أيقن الجميع وأقر بصحة خطاب المقاومة الإيرانية وشرعية نضالها وكم هو مؤلم ما يعانيه الشعب الإيراني بكافة مكوناته وفئاته.
أما الجانب الساطع للحقيقة فقد رآه العالم كله في الأربع سنوات الأخيرة، وبات أكثر سطوعا بعد تأجج الإنتفاضة الوطنية الإيرانية في مواجهة النظام وجرائمه التي غطت على جرائم أعتى فاشية العالم، ولم يعد هناك ما يبرر أي نوع من المهادنة والمراضاة مع هذا النظام الوحشي اللا إنساني.
نتابع ما يجري من أحداث دموية وقمع وحشي إبادي للثوار الإيرانيين في الشوارع والسجون والجامعات وفي قاعات المحاكمات الصورية التي يجريها النظام كسابقاتها في ثمانينيات القرن الماضي بحق عشرات الآلاف من السجناء السياسيين بنفس الطريقة وبنفس الحجج والفتاوى الباطلة، لكن أكثر ما يرعب القلوب هو ما تتعرض له النساء من عنف وتعذيب وذل وتنكيل، لا نبالغ في شيء بل نتحدث بحذر كي لا نخرج عن الحقيقة ووسائل الإعلام مليئة بأخبار الأحداث المبكية المؤلمة التي يتعرض لها الشعب الإيراني وشعوب المنطقة خاصة الدول الأربعة المحتلة من قبل هذا النظام ومرتزقته بمباركة دولية وتستر أدى إلى تفاقم الكوارث في المنطقة وما لذلك من تبعات على مستوى العالم.
إن لم تستحي فأفعل ما شئت
لقد كان حضور وزير خارجية سلطة ولاية الفقيه في القمة التي استضافه الأردن مفاجأة من العيار الثقيل بالأمس العشرين من ديسمبر ٢٠٢٢ في مؤتمر بغداد بنسخه الثانية كما يسمونه، والحقيقة أن الشعب العراقي قد سبق هذا المؤتمر بكثير عندما عقدت قواه الوطنية الحرة مؤتمرا وطنيا بمعنى الكلمة يوم إعلان بريمر قيام ما أسموه بمجلس الحكم الذي نتج عنه فيما بعد دستورا مسرطن وحكومة صعاليك وإمعات ولصوص يقودهم النظام الإيراني، مفاجأة الأمس بحضور وزير الملالي غريبة عجيبة والأكثر غرابة وعجبا هو قوله أن الحوار ليس مطالبات بل ضرورة وفريضة وقد قال ذلك باللغتين الفارسية والعربية من باب التأكيد ليوحي بذلك للحضور وللعالم من خلال وسائل الإعلام أن نظامه نظام حوار والعياذ بالله، ولم يتحلى بالشجاعة والحديث عن أزمات خلقتها بلاده في المنطقة والعالم ومنها قضية المياه والارهاب المطروحة في المؤتمر، كذلك لم يتجرأ رئيس الوزراء العراقي المعين بمباركة من خامنئي بالحديث بصراحة عن أزمات الدولة التاريخية التي آلت قيادتها إليه ولغيره بفضل مشروع الفوضى الذي زرعه الغرب بالعراق وفوض إيران لاستثماره، وقد استثمرت إيران الملالي ذلك جيدا بدلا من صياغة دستور عراقي يلبي رغباتها ومخططاتها وصولا إلى بناء جيش عراقي فوضوي غير نظامي تقوده الميليشيات وتهيمن عليه، إضافة إلى عملية سياسية فصلتها تفصيلا لجنودها وعملائها ومنهم رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية الحاليين، وكل ذلك بمباركة ورعاية دولية.
حملت كلمة رئيس الوزراء العراقي المعين تلميحات قد نفسرها بالخطيرة إذ قال أن العراق يواجه تهدید وجودي بسبب المياه لكنه لم يكن على قدر من المسؤولية والشجاعة التي تمكنه من قول الحقيقة بوضوح وتحديد مطالبه لإلزام جميع الأطراف بواجباتهم فنظام الملالي الذي يدعي محبة آل البيت ويرفع شعار إشرب الماء واذكر عطش الحسين اعتاد قطع المياه على العباد في أشد اللحظات عطشا وقد فعل ذلك مع العراقيين كثيرا ولا زال يفعل، أما مع الشعب الإيراني فقد جفف عليهم نهري الكارون وزينده وأهلك محافظتي خوزستان وإصفهان بالإضافة إلى محافظة سيستان وبلوشستان بشرا وكائنات حية دون أدنى مبالاة أو على الناس ومعاناتهم وخسائرهم.
يهدد هذا النظام الوحشي واللا إنساني دول وشعوب المنطقة ويساومها ويجلس معها وكأن لم يذنب بحقها ولم يساومها ويهدد أمنها ويروج فيها المخدرات في حال فشل مخططاته فيها، ثم يأتي ويقول الحوار فريضة وليس مطلبا، ولا نعلم أي حوار يجيده نظام الملالي حوار بشروطه أم حوار الحق والمنطق الذي لا يحتمله ويحمله المسؤولية، بل وقد يحمل ما أوقع نن دمارفي البلدان الأربعة.
النظام الذي يزرع الفتن ويدمر البلدان ويهتك الأعراض ويبيد شعبه وينتهك حقوق الإنسان ويقتل الأطفال والنساء ويمارس الإرهاب والرعب على شعبه وباقي الشعوب ويأتي ليجلس مع قادة ليبحث ملفات الحوار ومكافحة الإرهاب نظام يقع عليه قول "إن لم تستحي فأفعل ما شئت".. وبأي حق وبأي صفة وداع هذا الحضور وما هي نتائجه؟ في مؤتمر كهذا ليوم واحد ولم يعلن فيه عن لجان مختصة تتابع توصيات المؤتمر لا يمكن اعتبار مشاركة وزير خامنئي في المؤتمر إلا محاولة فرض وجود من جانبه، أما من جانب الدول الأخرى فلا أعرف كيف نظروا إلى حضور النظام الإيراني وهل التزم بتوصيات ما سبق من مؤتمرات وتمت مراجعة ما صدر عن المؤتمر السابق، وهل توصيات المؤتمر إلزامية؟ وكثير من التساؤلات تدور حول هذا المؤتمر.
مشاركة كهذه لنظام الملالي تعد مخرجا له واعترافا بشرعيته وتجاهلا لدماء الثوار والأطفال والنساء والإنتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان ومطالب الشعب الإيراني الذي يواصل انتفاضه بحدة حتى الآن.
هل صدق هذا النظام في عهوده ووعوده يوما ما، هل كانت كلمة وزيره كلمة واضحة ومسؤولة معبرة عما لها وما عليها.. لم نرى ذلك في كلمة عبداللهيان وكل ما واضحا هو ارسال التسليم بوجود الملالي على ما هم عليه، وعلى العكس من ذلك كانت كلمات ورسائل القادة والوزراء العرب واضحة ومباشرة وأكثر وضوحا من كلمة ورسالة العراق، وكذلك كان السفير التركي معبرا بدقة ووضوح عما تريد بلاده.
لا تترجوا ولا تنتظروا خيرا من نظام طهران يا عرب مهما قال ومهما طال الأمد، ولا ضرر على فرنسا إن التزمت طهران أو نكثت ففرنسا بحاجة إلى دور يلبي المصالح وإيران مستعدة لتلبية المصالح في إطار سياسة الاسترضاء والمصالحة التي يجيدها الغرب ويتراقص لها نظام الولي الفقيه، والخاسر الوحيد هو العرب والشعب الإيراني.
مؤتمر بغداد ٢ ليس مؤتمرا يلبي مصالح العراق والمنطقة ولم ولن يضع الأمور في نصابها، وخيارنا هو نجاح الثورة الإيرانية.
التعليقات