فلنبدأ بكشف الأخونج المتطرفين، الذين بدأوا بتصدير سمومهم و إساءاتهم لمحيطنا الخليجي الشقيق، ومن يعرف جاسم، سيجد إنه لا يتوانى للحظة في دحض موادهم ونقدهم بلغة لاذعة مدنية وبأدلة دامغة كلما تكرر هذا المشهد. والصادم مؤخراً هو عدم اكتراث بعض الكويتيين المدنيين للظاهرة الجديدة هذه، وتطبيع هذا السلوك، ما رفع حدة خطاب الكراهية وتخوين الخليج الصادر من الكويت.
إن ما تعيشه الكويت اليوم هو "أسوأ بكثير من غزو النظام العراقي البائد بمراحل". فعداء ذلك الرئيس يبدو واضحاً، جنوده وقواعده مرصودة، وأهدافهم في سلب شرعية الدولة وسيادتها لا يختلف عليه إثنان، وتحالف العالم كان أمام مشروع واضح جداً، وهو تحرير الكويت وما تبعه من مصالح أخرى للشقيقة العراق لا يسعفني ذكرها هنا. غير أن الغزو الإرهابي الإقصائي المتطور هذا يأتي بمباركة الأغبياء من الشعب، بصورة وعي جمعي كبير، بينما تصب أهدافه لمصلحة التنظيم العالمي.
ولقد تمكن هؤلاء من الولوج بالمؤسسات والشأن الكويتي من خلال المصاهرات الأسرية، وتقارب المصالح لمؤسسات خيرية، عبر التنازل في البدايات من أجل تحقيق نوعاً من المرونة والقبول، ومن ثم امتطاء الدين واستخدامه جسراً للوصول لمراكز حساسة في مفاصل الدولة والتّقرب من مركز القرار.
عقولٌ و ثروات وطنية وأوساطٌ فكرية ومشاريع تنموية تم إضعافها وإبعادها عن المشهد، وذلك من خلال نشر التطرف الديني، مستخدمين موجة «الصحوة الدينية المتطرفة» لقطف ثمار توجيه المجتمع وترهيبه من أجل حشد رأي مدني متشدد ضد الدولة، وذلك كان بمعيّة القيادة السياسية آنذاك.
سأتكلم اليوم عن سلوك هذا التنظيم المتطرف وخيانة الدولة في أحلك مرحلة مرت بها الكويت الغالية في تاريخها المعاصر، وهي فترة 7 أشهر من غزو النظام العراقي البائد للكويت -الأقل خطورة منهم بلا مبالغة- من أغسطس 1990 وحتى فبراير 1991.
بداية، نفى تنظيم الأخوان المتطرفين أن يكون بينهم وبين التنظيمات العالمية الأخرى التي كانت مضادة للكويت، كأخوان الأردن، أخوان فلسطين (حماس) أخوان تونس، أخوان مصر، أخوان السودان، قيادة التنظيم العالمي بوجود الترابي وغيرهم.
هذه الذريعة وضعتهم في محل قوة وإهتمام من السلطة الكويتية وترقّب من الاستخبارات السعودية ليعرفوا مآلات هذا السلوك، فعرفوا قطعاً إنها إثارة لجذب الانتباه نحوهم وضغط مصطنع ليكونوا داخل اللوبي وأروقة اتخاذ القرار في كل ما يحدث، وهذا لم ينطل على المملكة التي رفضت بأن يكون مؤتمر القمة في مصر. فوعي المملكة العظمى الحاد تجاه هذا العبث، جعلهم يلحون بأن يعقد المؤتمر هناك في جدة.
لم ينتقد الأخوان أي جماعة من تلك الجماعات التي أخذت الموقف المضاد للكويت -وهو موقف أخوان الكويت المبطّن من خلال خطة الضغط نحو التقرب من السلطة والوصول لنفوذ مركز القرار- وهذا دليل عدم رفضهم له بل اتفاق وفكرة جديدة لخلط الأوراق وتعقيد المشهد، ثم بأن يكونوا طرف في إقناع الحركات هذه كلها انطلاقاً من أخوان الكويت، وهذا كان سعيهم الكبير.
كانت هناك أصوات تطالب هؤلاء الأخوان في الكويت (أصحاب المبرات الخيرية الأخونجية الفاسدة وأعضاء جمعية الإصلاح الاجتماعي) أن ينفصلوا عن هذا التنظيم العالمي، فتارةً يكذب (جنرال الأخوان) <مبارك الدويلة> بقوله أنه لا يوجد أخوان بالكويت! وذلك بعد تأسيسهم تياراً سياسياً بإسم حدس -الحركة الدستورية الإسلامية- ويعتقدون بهذه الحالة الساذجة سيصدقهم كل من رأى تدفق أموالهم إلى حماس والأردن وتونس ودعمهم في الثورات العربية ووقوفهم الشرس أمام قيادات الخليج وإرادة الشعوب العربية والتغرير بالشباب من أجل الوصول للسلطة من خلال هؤلاء، وهذا كان ما كشف أكاذيبهم أمام الجميع، والشواهد المتناقضة كلها موجودة في حسابي على منصة تويتر.
قالوا بأن رئيس النظام البائد -صدام حسين- دعاهم للحوار واستلام الحكم ولكنهم رفضوا، وهذا الخبر الذي أطلقه (جنرال الأخوان) الذي يبحث عن زعزعة الأمن الخليجي، لا نجد فيه إلا خيانة أخرى في التواصل مع صدام بلا توافق مع الأسرة الحاكمة، ولإثبات الكذبة عليهم؛ هذه محاولة لجذب الأنظار لهم وعلو صوتهم، فهل صدام كان ساذجاً بأن يعرض الحكم لتيار ديني أصولي وهو بعثي لا يؤمن بهذه الحركات؟
بعد إعلان موعد المؤتمر في جدة وبوادر نجاحه من ناحية التنظيم والتواجد للعناصر المهمة، وبعد توغل الأخوان ووجودهم في هذا المشهد بقوة، توافدت برقيات قيادات الاخونج من كل العام تشيد بهذا التنظيم، وهنا يثبت لكم بالدليل؛ بأن الضغط العالمي وصل لنتيجة وضع الحركة السياسية الكويتية في لوبي القرار والتأثير!
أستشهد هنا بكلام الراحل الكبير وفارس التحرير هنا في إيلاف، وسفيرنا في واشنطن الشيخ سعود الناصر الصباح، الذي كان مقرّب من كل هذه الحركات واجتماعاتهم: د. اسماعيل الشطي و د.طارق السويدان وعبدالله العتيقي قالوا لي أنهم أنشأوا "الهيئة العالمية لمناصرة الكويت" … نريد تقديم الدعم المادي 50 مليون دولار ، د. إسماعيل الشطي قال إن الشعار الذي يرفعونه هو أنه يجب مقاتلة الوجود الأميركي في المنطقة، الشطي كرر أنهم لا يريدون قوات أجنبية وأنه يجب أن تستبدل هذه القوات بقوات إسلامية! (إيلاف)
على حسب مصادري التي كانت من أشخاص قريبين من المرحوم الشيخ سعود كان -منذ قبيل احتلال النظام البائد وحتى ما بعد التحرير- يطالب الشيخ صباح الأحمد والشيخ سعد بتجريمهم وإبعادهم عن المشهد السياسي واستطرد بالكثير من التحركات المرصودة لهم بعثهم المباشر نحو وضع أنفسهم في المشهد السياسي. والغريب؛ أن هذا فعلا ما قد حدث!
خلال أول تشكيل حكومي من بعد غزو النظام البائد -عودة الحياة البرلمانية بعد تعطيلها منذ 1986- بدأوا يتوغلون في الحكومة ويأخذون مناصب وزارية ويهددون المدنيين الليبراليين من الوصول لوزارات التوجيه -الإعلام والتعليم- وبالأخص الدكتور الراحل أحمد الربعي.
فبعد إصرار الراحل الشيخ سعود الناصر الصباح؛ لاقى رفض في قبول نصائحه، وتم وضعه على منصة الاستجواب من القيادة السياسية وتم بعدها إقصاؤه من المشهد السياسي، وهو يعتبر أول فرد مؤثر من الأسرة الحاكمة يتم إقصاؤه من الأخوان المتطرفين.
و للحديث عن سلسلة الأخونج في التاريخ المعاصر بقية… ألتقيكم الأسبوع القادم على خير
التعليقات