أظهرت بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، أن عدد الفلسطينيين في العالم بما فيهم فلسطين والداخل المحتل قد بلغ نحو 14.3 مليون نسمة -نهاية عام 2022- حيث يعيش 5.4 ملايين منهم في الأراضي الفلسطينية على حدود 1967، بينما يعيش 7 ملايين فلسطيني في الشتات، منهم 6.4 ملايين في الدول العربية، ونحو 761 ألفًا في دول أجنبية، أما الداخل المحتل فيعيش فيه 1.7 مليون نسمة ذو أصل فلسطيني، وفي الجهة المقابلة تظهر البيانات الإحصائية الإسرائيلية أن عدد سكان الدولة العبرية قد بلغ 9.6 مليون نسمة منهم 2 مليون عربي وهو ما معناه أن المكون الفلسطيني في دولة إسرائيل قد تجاوز نسبة 20 بالمئة من اجمالي عدد المواطنين.

لك ان تتخيل أن هذا العدد المعتبر من الفلسطينيين والذي تجاوز سكان تونس البالغ عددهم 11 مليون نسمة ودول قطر والامارات والبحرين والكويت وسلطنة عمان مجتمعة، لا يزالون في معركة وجودية لتحقيق حلم بناء دولة مستقلة وحلم العضوية الكاملة في الأمم المتحدة في الوقت الذي تتكلم فيه القوى العظمى عن دعم حق الشعوب في تقرير مصيرها وتدعم تايوان وتدافع عن أوكرانيا وترفض ضم بوتين لدونتسيك ولوغانتسك، ولكن وعندما يتعلق الأمر بفلسطين تنقلب كل الموازين وتصطف أغلب المواقف المؤثرة مع الرواية الإسرائيلية التي تدعي أن الشر لا يأتي الا من الفلسطينيين وأن إسرائيل لها الحق الكامل في رد العدوان والإرهاب الذي يأتي من جهات تخطط لزوال دولة إسرائيل.

في الأردن الذي يحوي 13 مخيما. يشكل الفلسطينيون أكبر مخيمات لجوؤهم خارج فلسطين داخل مخيم البقعة الذي أقيم بعد حرب النكسة عام 1967 ويعيش داخل البقعة نحو 120 ألف نسمة موزعين على نحو ‏13800 أسرة فلسطينية، ويعيش سكان المخيم يوميا مأساة فلسطين التي جاءت بهم إليه، ويتفاعلون باستمرار مع ما يمر به الداخل الفلسطيني من مآس ومعاناة على يد الاحتلال الإسرائيلي، وعلى الرغم من أن الجيل الجديد من سكان هذا المخيم قد نشؤا وتمدرسوا على أرض المملكة الا أن انتمائهم الى أرض الأجداد لا يزال قويا ويتجسد في تعاطفهم ومتابعتهم لكل الأحداث التي تجري داخل فلسطين بل وحتى في متابعة كرة القدم اذ يعتبر الفيصلي واحد من أشهر الأندية في الدوري الأردني لكرة القدم، وهو رمزٌ للمواطنين الأردنيين. على الجانب الأخر يعد نادي الوحدات مشهورًا تمامًا كالفيصلي، وهو رمز للمواطنين الأردنيين من أصل فلسطيني، وسُمي بهذا الاسم نسبةً إلى ثاني أكبر المخيمات الفلسطينية للاجئين في جنوب شرق عمان.

من الفلسطينيين من قرروا الهجرة بعيدا واستقروا في بلدان أمريكا اللاتينية التي منحتهم المواطنة واستفادت من ابناءهم في مجالات عديدة كالطب والهندسة وحتى على الصعيد السياسي فقد وصل فلسطينيون الأصل لإنجازات كبيرة وتسيدوا المشهد في البلدان التي احتضنتهم ونذكر هنا الرئيسين السلفادوريين أنطونيو سقا و ناييب بوكيلي «نجيب بوكيلة» كما وصل كارلوس روبيرتو فلورس فقوسة من أصول تعود الى بيت لحم الى رئاسة هوندوراس وعين فرانشيسكو شاهوان الذي قدمت عائلته الأصلية من بيت جالا نائبا لرئيس الشيلي.

يتعرض المقدسيون الى مضايقات شتى تهدد وجودهم وترهن بقاءهم بالاندماج في دولة إسرائيل وبما أنهم وحيدون في الميدان، ولا يملكون بين أيديهم رؤية تنموية مستقلة عن أجهزة سلطة الاحتلال، وتستغل هذه الأخيرة، وفي مقدّمتها بلدية القدس التابعة للاحتلال، الأمر، فتطرح نفسها الحضن الوحيد الذي يمكن أن يضمن للمقدسيين "النجاح والتقدم في حياتهم". يرتبط تعريف هذا "النجاح" بنزع التسييس من خطاب المقدسيين وتحويله إلى خطاب حقوقي بحت، لا يسعى إلى التحرر من الاستعمار بدرجة أولى، وإنما يسعى في حدّه الأعلى إلى تحسين ظروف الحياة المعيشية من صحة وتعليم وفرص عمل وغيرها، ومحاربة "التمييز في الميزانيات بين شرقي القدس وغربها".

لقد وصلت القضية الفلسطينية الى منعرج خطير يراد من خلال التخطيط لمرحلة تصفيتها وذلك من خلال العمل على التضييق على حياة الفلسطينيين في الداخل والتضييق على وصول الفلسطينيين في الخارج الى أراضي السلطة فضلا عن السياسات الممنهجة لتهويد القدس واطلاق مخططات استيطانية الأراضي المصنفة "ج" حسب اتفاقية أوسلو الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل وهو ما يعني ان الاحتلال يضرب عرض الحائط كل الاتفاقيات التي تذهب في سبيل حل الدولتين بل تذهب إسرائيل ابعد من ذلك عندما يصرح مسؤولوها على غرار وزيرة الداخلية ايليت شاكيد بان الحديث عن حل الدولتين هو "هراء" وأنه غير ممكن في ظل الوضع الراهن الا انه الطرف الحقيقي المعرقل هو إسرائيل التي تخشى أن إعطاء فلسطين مميزات دولة قد يهدد أمنها القومي، فيما يستمر المجتمع الدولي في ممارسة أسلوب النعامة في التعاطي مع قضية وحق شعب بأكمله وهو الأمر الذي لاشك أنه سيطيل من معاناة الفلسطينيين في الداخل والخارج بعد ان أصبحت قضيتهم ورقة تتلاعب بها الحكومات الأمريكية المتعاقبة وحقهم في قيام دولتهم أمرا صعب المنال .