الثامن من شهر مارس من كل سنة، تحتفل نساء العالم بعيدهن أو ما يسمى باليوم العالمي للمرأة، فتقدم لهن الزهور والتبريكات بهذه المناسبة ويحتفلن هنا وهناك، غير أنني كلما حلت هذه المناسبة تكثر أسئلتي عن واقع المرأة العربية والمسلمة ومدى حضورها وتأثيرها على المجتمع، كما أتساءل عن حقوقها ومركزها ونظرتها لنفسها أولا ثم نظرة المجتمع لها ثانيا، فالمرأة والمجتمع قضية عميقة جدا، بل تشكل جدلا منذ سالف العصور إلى يومنا هذا، ولا أحد يمكنه أن يغيب دورها ووجودها باعتبارها إنسانا مستقلا بأفكاره وأهدافه، فهي تملك من الذكاء والمقومات ما يؤهلها أن تكون رائدة في كل المجالات دون استثناء.

عندما يأتي كائن من كان للسيطرة على المرأة ومحاولة زجها في دهاليز الجهل والفقر، فإن هناك نية واحدة وهي تدمير المجتمع وضرب اقتصاد البلاد وفتح باب الأزمات، فالمرأة ليست نصف المجتمع كما يقال، بل هي المجتمع كله، ولن نوفيها حقها ولوحرصنا، فتجدها تواجه مختلف التحديات الأسرية فتعيل وتربي، ولتساهم في تنمية المجتمع وريادته تخطت نظرة المجتمع الضيقة جدا وتقدمت خطوات إلى الأمام، فتعلمت وتعرفت على إمكانياتها المدفونة لسنوات وتأكدت أنها تملك من القدرات ما يمكنها لتلعب دورا مهما في الريادة والقيادة، وفي ظل نضالها المتواصل، تواجه المرأة كل أنواع العنف والتعنيف والتنمر وضحية جرائم يندى لها ضمير الإنسانية، وصولا إلى حرمانها من حق الحياة، وهكذا حال المرأة الأفغانية التي ما زالت تشكل بعبعا لحكومة طالبان التي ما إن استولت على الحكم حتى بدأت تنكل بالنساء وتحرمهن من كل الحقوق تحت مبررات واهية.

لاشك أن المشاكل في بلد كأفغانستان لا تعد ولا تحصى وهو بحاجة ماسة إلى نظام راشد يعي خطورة الوضع والعمل جنبا إلى جنب مع الشعب لإخراج البلد من نكساته، أزمات لا يبدو أنها ستحل في ظل العمل على إبعاد المرأة من حياة المجتمع، غير أن في هذا البلد المطبق بالجهل والفقر والآفات، تصر النساء فيه إلى التحرر والسعي إلى تغيير الوضع إلى الأحسن بالمشاركة في العملية التنموية، لكن مساعيهن انكسرت منذ سيطرة طالبان على مفاصل الدولة، فالمرأة عندهم تشكل عقدة لا بد من تغييبها أو إبعادها، بل وتجهيلها من خلال حرمانها من التعلم وارتياد المدارس والجامعات، نساء كثيرات توارت أحلامهن بسبب هذه القرارات الظلامية.

ولكن من قال أن تعلم المرأة حرام؟ ومن أخبرهم أن الجهل نور والعلم ظلام؟ لماذا عكست طالبان كل الآيات وأقامت حكما وشريعة خاصة بها؟ أسئلة كثيرة تطرحها شريحة كبيرة من النساء، لكن ما باليد حيلة كما يقال، فالنساء يتعرضن لعقوبات إذا خالفن الشريعة الطالبانية، بل إن حياتهن قاب قوسين أو أدنى من الموت إذا سولت لهن أنفسهن أمرا.

ما يمكن أن أؤكده أن المرأة عندما يُخاف منها فهذا يعني أن لها تأثيرا كبيرا في الحياة السياسية والاجتماعية وهذا ما أكدته التقارير، فمنذ عشرين سنة تمكنت المرأة الأفغانية من تحقيق إنجازات عظيمة رغم الصعوبات التي واجهتها بسبب الأوضاع غير المستقرة في هذا البلد، ففي عام 2001 تولت سهيلة صديق منصب وزيرة الصحة وفي عام 2005 تولت حبيبة سرابي منصب حاكم ولاية باميان وكانت أول امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ أفغانستان، أما ظريفة غفاري فكانت أول رئيسة بلدية عام 2018، في تطور ملحوظ لإنجازات المرأة التي وصلت إلى ما وصلت إليه بفضل نضالها وكفاحها وإصرارها على المساهمة في عملية البناء الاجتماعي وتطوير قطاعات الدولة للوصول إلى تنمية شاملة المرأة المساهم الأساسي فيه.