تواصلت خلال الأسبوع المنصرم جرائم تسميم الطالبات في إيران، والتي بدأت منذ ثلاثة أشهر ونصف في مدينة قم، حيث تم نقل ما لا يقل عن 5 آلاف طالبة إلى المستشفيات بسبب تعرضهن للتسمم بغازات سامة.

وأعلنت جامعة الأهواز الطبية، الأحد الماضي، أن 770 طالبةً ظهرت عليهن أعراض التسمم بالغاز نُقلن إلى مستشفيات محافظة خوزستان (إحدى محافظات البلاد الـ 31).

وتحوم الشبهات حول تورط نظام الملالي في هذه الكارثة، والشيء الذي يدعم الشكوك هو إخفاء الأخبار منذ اليوم الأول لحوادث التسمم في مدارس قم في 30 تشرين الثاني/ نوفمبر وحتى 20 شباط/ فبراير، عندما أعلن عنها النائب العام للنظام، وهذا يعني ضمناً أن هناك مؤامرة حكومية.

وفي الأول من آذار/ مارس، أعلن وزير الداخلية في نظام الملالي أنه في 90٪ من حالات التسمم لم يكن هناك سبب خارجي!

الحقيقة الأولى هي أن حكومة نظام الملالي مسؤولة بالكامل عن هذه الكارثة، بالنظر إلى تعدد وضخامة الأجهزة الاستخباراتية والأمنية لنظام الملالي، لو لم تكن أعلى مستويات الحكم متورطة بشكل مباشر في هذه الجريمة، لكان قد تم اكتشافها وإيقافها بسرعة.

إن توسيع وإطالة هذه العملية، التي تتطلب الاستعدادات والتخطيط، تشير بوضوح إلى تورط كبار مسؤولي النظام فيها.

في الآونة الأخيرة، أصبح من الواضح أن العديد من مدارس الفتيات قد تم تسميمها بطائرات مسيرة، وهو احتمال عملي متاح فقط للمسؤولين الحكوميين.

الحقيقة الثانية والأكبر: مضت ستة أشهر على الانتفاضة التي عمت إيران والتي شملت 282 مدينة في البلاد وما زال لا يوجد مخرج فعال للنظام، ولا يزال الملالي يشددون على سياسة خلق الصدمة الاجتماعية والذعر من أجل التغلب على الانتفاضة.

من بين 1776 مدرسة انضمت إلى الانتفاضة وكانت نشطة أثناءها، كانت هناك 1186 مدرسة للبنات، وفي معظم مظاهرات الشوارع، تتولى النساء والفتيات مسؤولية ترديد الشعارات، وتقوم الفتيات بتمزيق صور الخميني وخامنئي من كتبهن المدرسية وإضرام النار فيها في ساحات المدرسة، إذ أصبحت إزالة صور خامنئي في الفصول الدراسية من قبل الطالبات ممارسة شائعة، والعديد منهن قمن بتصوير هذه العملية وهن يرتدين الكمامات لإخفاء وجوههن ثم ينشرن الفيديوهات في موقع (تيك توك) .

وتُظهر المشاركة النشطة للطالبات في مظاهرات الشوارع ضد النظام مدى تأثير الدور الحاسم للنساء والفتيات في مشهد الانتفاضة ضد أركان النظام.

إن موجة تسميم التلميذات والطالبات في إيران هي انعكاس لاستمرار الانتفاضة ونشاط الملالي في منعها.

في الوقت ذاته، يحاول الملالي التغلب على الانتفاضة وإخمادها من خلال نشر أكاذيب واسعة النطاق بأكثر الأساليب اللا إنسانية، بل إنهم يذهبون إلى حد إغلاق مدارس البنات وإجبار الفتيات الإيرانيات على البقاء في المنازل بهدف تحجيم دورهن في الانتفاضة لبضعة أيام أخرى.

لكن في الوقت نفسه، ورداً على هذا العمل المعادي للبشرية من قبل الحكومة، زادت وحدات المقاومة التابعة لمجاهدي خلق من هجماتها على قواعد الباسيج وحرس الملالي، والعديد من أعضاء هذه الوحدات من النساء والفتيات.

وبعد هذه الحوادث، عادت النساء إلى الشوارع ورددن شعارات مناهضة للحكومة مثل (الموت لخامنئي، الموت للديكتاتور، الموت لحكومة قاتل الأطفال، الموت لنظام قاتل للفتيات) في هذه الأيام في طهران والعديد من المدن الأخرى.

وحذر أكثر من 300 أستاذ جامعي إيراني النظام في بيان من أن التستر على مأساة تسميم الطالبات ستكون له "عواقب وخيمة".

وخوفًا من تصاعد وتيرة الانتفاضة، أخيراً، في 6 آذار/ مارس، بعد صمت دام 100 يوم، اضطر خامنئي، الولي الفقيه للنظام، إلى الظهور علناً وقال: "هذا العمل هو حلقة أخرى في سلسلة مؤامرات العدو، والتي تم تنفيذها لإحداث الاضطرابات في المجتمع، وإزعاج الرأي العام، ونشر الخوف، يجب على السلطات ووكالات الاستخبارات وإنفاذ القانون متابعتها بجدية... وإذا تورط أي شخص في هذا الحادث، فيجب معاقبة الجناة بشدة... وإذا تم التعرف على هؤلاء وإدانتهم كمرتكبي هذه الجريمة فلن يكون هناك عفو عنهم".

لا يزال من غير الواضح ما إذا كان سيتم تقديم المتورطين في هذه القضية بـ "إذا".

منذ أقل من عشر سنوات، أثناء الهجوم بالحامض على النساء والفتيات من قبل العصابات الحكومية، لم يتم القبض على أي شخص أو تحديد هويته، والحقيقة أنه "إذا كان" خامنئي يريد معاقبة الجاني الرئيسي في هذه الجريمة، فعليه أن ينتحر على الفور، إنه استاذ الشيطان الذي يرتكب الجرائم ويدين نفسه ويقتل القتيل ويمشي في جنازته.

لكن من الواضح أن مشكلة النظام في التعامل مع هذه القضية هي انعكاس لمأزقه الأكبر في التعامل مع الانتفاضة.