كثيراً ما صدّعوا رؤوسنا بشعارات المقاومة ووجوب طرد المُحتل من الأراضي العراقية حتى كانت إتهاماتهم جاهزة التفعيل على من سبقهم من الحُكّام في محاولات تجريمهم بخطيئة التطبيع، إلا أن الدوائر بدأت تدور عليهم مؤخراً ليتّضح المستور في نواياهم وأفعالهم التي تُبررها الوسائل من أجل البقاء في السلطة.

مؤتمر القمة الديمقراطية الذي شارك فيه رئيس الوزراء العراقي السوداني وهو الزعيم العربي الوحيد الذي حضر من بين الزعماء العرب الذين لم يحضروا، ذلك الرئيس الذي خرج من بيئة من يدّعي مقاومة الإحتلال ومناهضة الكيان الصهيوني، كان حاضراً في المؤتمر الذي يضم الرئيس الإسرائيلي في هذه القمة.

ذلك المؤتمر الذي يستمر لمدة ثلاثة أيام حيث يجري جزء كبير منه عبر الإنترنت، حين دُعي له ما يقارب 121 من قادة العالم يكون من أهدافها إستخدام التكنولوجيا لصالح الديمقراطية وليس ضدها.

ماهي الغاية أو الرسالة لحضور زعيم عراقي لهذا المحفل؟ سؤال تضع أمامه عشرات علامات الإستفهام والتعجب وأنت ترى الأفعال تُناقض الأقوال، بل تجعل المرء يحتار في كيفية الحُكم في إتجاهات العقول للساسة العراقيين.

كثيرا ماكان يُسمع منهم رفض التطبيع حتى إن البرلمان العراقي أصدر قبل أشهر قانوناً يُجرّم التعامل مع إسرائيل إلا أن الواضح أن الأمور بدأت تأخذ منحى آخر خصوصاً بعد إستلام الإطار التنسيقي زمام السلطة.

هل هي بداية التطبيع الذي فرضته واشنطن على حكومة الإطار التنسيقي مقابل الموافقة على تشكيلها؟ ربما من سير الأحداث يأتيك الجواب بنعم، لكن المشكلة في عدم وضوح الرأي ومحاولات التجهيل وخلط الأوراق التي تمارس من أجل عدم وضوح الحقيقة.

هل تدخل من باب مجاملة الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي تعهد بإنفاق 690 مليون دولار لتعزيز برامج الديمقراطية في أنحاء العالم ومحاولات حكومة الإطار كسب الود الأمريكي؟ كل شيء ممكن من أجل البقاء في السلطة، ألم يقولوا إن الغاية تُبرر الوسيلة.

من الغرابة أن تجد رئيس الوزراء العراقي يشارك في القمة التي يحضرها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو جنباً إلى جنب في مؤتمر لا يقدم للعراق منفعة تُذكر سوى حضور بروتوكولي لرئيسه.

تعودنا دائماً ما يكون الخط المستقيم هو الأقصر والأسهل في الوصول إلى نقطة الهدف، إلا أن خطوط اللف والدوران للساسة العراقيين دائماً ما تكون طويلة ومتعرّجة وربما صعبة، كان يمكن أن تكون الصراحة والحقيقة هي النجاة لهم لكي يريحوا ويستريحوا لكنه دائماً ما يستعملون المراوغة والتحايل في توضيح أهدافهم.

هل العراق مُقبل على التطبيع سؤال لا تجد الإستغراب في الإجابة عليه خصوصاً وإن التمهيد لذلك التطبيع قائم على قدم وساق ولننتظر قادم الأيام، ألم يقولوا "إن غداً لناظره قريب".