عندما يصل اليأس ببعضهم الى أبعد حد ويجد كل الطرق مسدودة بوجه ولاحل لمعضلته، فإنه ومن أجل أن يستفاد من العامل الزمني ومن إحتمال حدوث صدفة أشبه ما تكون بمعجزة ولكي يوهم الوسط الذي يعيش فيه من إنه لا يزال يقف على قدميه بل وحتى إنه على أفضل ما يكون، فإنه يسعى من أجل التستر على شعوره بالجزع والقنوط التصرف وكأنه قد وجد الحل الشافي لمعضلته.

قبل وأثناء وبعد قيام خامنئي بتنصيب ابراهيم رئيسي كرئيس للجمهورية، فإن خامنئي كان ولا يزال كجندي مكشوف وليس مجهول يعمل ليل نهار من أجل الدفع بإتجاه نجاح رئيسي في مهمته وعدم الخروج من ولايته خالي الوفاض، وقطعا فإن جهود خامنئي غير عادية بالمرة وحتى إنها تكاد أن تشبه الذي يريد الحصول على لبن العصفور وعلى بيض التنين!

ورطة خامنئي بتنصيبه رئيسي كبيرة جدا جدا الى درجة لا يمكن أن توجد ورطة في داخل النظام الايراني الغني جدا بأصعب الورطات وأثقلها وطأة يمكن أن تضاهي ورطته، وكيف لا وحتى إن الذين يستظلون بجناح خامنئي ويعتبرون خلص أتباعه، لا يكفون عن توجيه الانتقادات اللاذعة لرئيسي والتي تجاوزت كل الحدود عندما وصلت وبسبب فشله المستمر، الى حد مطالبته بالاستقالة! لكن خامنئي وعلى الرغم من ذلك، وعلى الرغم من كراهية الشعب له ومن إن عهده حفل بأكبر وأقوى إنتفاضة ضد النظام، لكن ومع ذلك فإن خامنئي يصر على التمسك وعدم التفريط به!

بعد أن فشلت كافة السيناريوهات الداخلية التي خطط لها خامنئي من أجل جعل رئيسي على سكة النجاح والموفقية سواءا من حيث الدعايات النوعية التي قام بها من أجله وكذلك التبريرات العديدة لفشله ودعوته للشعب الايراني للتريث والصبر عليه حتى يحقق النتائج المرجوة وهو صبر أشبه بصبر ذلك الذي ينتظر أن تبيض الحمامة على الوتد. وحتى وصل المطاف بخامنئي أن يطلق حملته "الاقتصادية" وكذلك إعطائه الضوء الاخضر لإبرام الاتفاقيات مع دول كان يعتبرها للأمس من ألد أعدائه ووو.. لكن كل ذلك لم يصل الى حد فتح ولو مجرد ثغرة في جدار أزمات النظام العويصة مثلما لم تصل الى مستوی إقناع الشعب الايراني وإرضائه.

بعد كل هذه الجهود المكثفة على الصعيد الداخلي والتي لم يستفاد منها النظام شروى نقير، فإن خامنئي كما يبدو قد بات يفكر بأن ضالته في خارج إيران، ولذلك بادر الى الطلب من رئيسي بأن يأخذ إستعداداته اللازمة لكي يصبح سندباد الالفية الثالثة بعد الميلاد الذي لا تمخر سفينته فقط البحار والمحيطات بل وحتى إن طائرته تصول وتجول في السماء بحثا عن الكلمات التي تفك أسرار طلاسم أزمات النظام.

(وقد یكون من بین تلك الطلاسم! هو ما قامت به مجموعة "الانتفاضة حتی اسقاط النظام" باقتحام الموقع المركزي‌ للمؤسسة الرئاسیة التابعة لإبراهیم رئیسي فمن ثم الكشف عن سلسلة غیر متناهیة من الوثائق السریة للغایة.... الموقف الحرج جدْا للنظام لمعالجة الاقتحام هذا، یعكس بحد ذاته الفشل التام المخزي الذي یعیشه جهازه الرئاسي حیث بات ینفی رسمیٌا! حتی هذه اللحظة تعرض الموقع للاقتحام... في حین یتحدث العالم بكل وسائل اعلامه عن تفاصیله المكشوفة...)

رئيسي الذي حط بالامس في جاكارتا وقبلها في دمشق وفي بلدان أخرى سبقتها، يتصرف وكأنه رئيس نظام يمكنه أن يمد يد العون والمساعدة للبلدان الاخرى، لكنه في حقيقة الامر أشبه بالمستجدي من هذه الدولة وتلك، بل وحتى إن ما قد قام به في سوريا المنكوبة من جراء تدخلات نظامه السافرة في شٶونها الداخلية وذلك بتكبيلها بسلسلة من الاتفاقيات الثقيلة في سبيل الإيحاء للشعب الايراني بأن النظام يسترد كل ريال صرفه في سوريا، تماما كما فعلوا مع العراق عندما طالبوه بـ 16 مليار دولار ثمنا للأسلحة التي قاتل بها تنظيم داعش، علما بأن النظام الايراني وأذرعه العميلة في العراق قد أقاموا الدنيا ولم يقعدوها بالدور التطوعي للنظام الايراني في محاربة داعش، وكل هذا لو نقرأ ما بين الاسطر فإنما هو من أجل إبراز دور ونشاط رئيسي وحكومته الخيبة والفشل التي يرأسها وتهدئة خاطر الشعب الايراني وجعله يتفائل خيرا وينتعش أملا بسندباد الالفية الثالثة بعد الميلاد وقطعا فإنه إذا ما كان هناك من مستحيل فإنه يتجلى ويتجسد فقط في إحتمال أن يخرج خامنئي من ورطه بتنصيب رئيسي سالما معافى!